شكّكت فرق المعارضة بمجلس المستشارين في قدرة مشروع قانون المالية لسنة 2026 على تدارك التعثرات التي عرفتها مجموعة من القطاعات الاجتماعية منذ مجيء الحكومة الحالية، داعية إلى العمل على إقرار زيادة عامة في الأجور والرفع من المنح الهزيلة للتقاعد وإعادة النظر في تدبير قطاعي الصحة والتعليم.
وقال فريق الاتحاد المغربي للشغل إن “مشروع قانون المالية يأتي في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية وبيئية كبيرة على المستويين الوطني والدولي، وتبقى الرؤية التي طبعته طموحة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
ودعا الفريق ذاته، في كلمته خلال جلسة عامة عقدها المجلس اليوم الأربعاء، إلى “اليقظة في ظل ما يفرضه السياق الداخلي المطبوع بتراجع في الإنتاج الفلاحي، خاصة إنتاج الحبوب، وتراجع إنتاج اللحوم نتيجة التغيرات المناخية وندرة المياه، إلى جانب نسبة بطالة مرتفعة تجاوزت 13 في المائة، إضافة إلى الأداء المتعثر لمجموعة من القطاعات الاجتماعية”.
ولنقض رواية الحكومة وأغلبيتها بالغرفة البرلمانية الثانية، استدعى الفريق مجموعة من الأرقام تبرز نواقص التدبير الحكومي، منها “عدم تجاوز عدد الأجراء المصرّح بهم 3 ملايين و800 ألف أجير، والتصريح بحوالي 2,5 مليون منهم فقط، إضافة إلى استمرار الهشاشة الشغلية وسط النساء وتعرّض أزيد من 180 ألف عاملة وعامل بشركات المناولة لأبشع أنواع الاستغلال في قطاعات النظافة والحراسة والإطعام بالمؤسسات التعليمية”.
ونبّه فريق “ا.م.ش” إلى “تغوّل القطاع غير المهيكل على النسيج الاقتصادي الوطني، متهربا من الواجبات الجبائية والاجتماعية، لا سيما أنه يستحوذ على حوالي 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي”، مشيرا كذلك إلى أن “كل البرامج التي وضعتها الحكومة لدعم القدرة الشرائية أفرغها المتحكّمون في سلاسل التوزيع من خلال الرفع الصاروخي للأسعار دون حسيب أو رقيب، مما حدّ من تأثيرها في ضمان العيش الكريم لفائدة الأسر المغربية”.
ودعا في المقابل إلى “إقرار زيادة عامة في الأجور، والرفع من المنح الهزيلة للتقاعد، ورد الاعتبار لمن أفنوا شبابهم في خدمة الوطن، مع وضع سياسة واضحة عبر آليات كفيلة بتلجيم المتحكمين والمزايدين والمضاربين في الأسعار، فضلا عن رفع الظلم عن الفئات الهشة والمستبعدة اجتماعيا، وتخفيض نسبة الفقر في العالم القروي، والاهتمام بأوضاع أكثر من مليون عامل زراعي يشتغلون في بعض الضّيعات الكبرى في ظروف صعبة ولساعات طويلة مقابل أجور زهيدة”.
ونادى مستشارو الاتحاد المغربي للشغل بـ”إعطاء الأولوية الكبرى لتحقيق السيادة الغذائية والسيادة الطاقية، وتحقيق نسبة أكبر من الاندماج المحلي في القطاع الصناعي كرافعة أساسية لتحقيق سيادة الاقتصاد الوطني واستقلاليته، لضمان الاحتياجات الأساسية لكافة المغاربة، من خلال تسريع التحول البنيوي نحو صناعات جديدة، وجعل الإنتاج المحلي أكثر قدرة على المنافسة، خاصة في المواد الاستهلاكية الأساسية”.
من جهته، أكد فريق الاتحاد الاشتراكي بالغرفة البرلمانية الثانية أن “مشروع قانون المالية يبدو للوهلة الأولى متماسكا تقنيا، لكنه في العمق يظل مشروعا ضيق الأفق، يعظّم لغة الأرقام ولكنه لا يعكس حقيقة الإنسان ومعاناته اليومية؛ إذ يكتفي بالحديث عن نسب الاستثمار دون قياس أثرها، وعن نمو رقمي دون أثر اجتماعي”.
وأوضح الفريق ضمن كلمته بالمناسبة أن “مشروع هذا القانون يتحدث عن توازنات ماكرو-اقتصادية دون النظر إلى التوازنات النفسية والاجتماعية التي يعيشها المواطن، كما أنه مشروع يقدم حسابات، لكنه لا يقدم حلولا، ويقدم أيضا جداول وأرقاما من دون أن يقدّم إنصافا”.
وأعلن “رفاق آيدي” توجّههم نحو التصويت ضد هذا المشروع، بمبرر أنه “لا يرقى إلى مستوى اللحظة الوطنية، ولا يترجم التوجيهات الملكية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والمجالية، ولا يجسد الدولة الاجتماعية التي يطمح إليها المغاربة، ولا يضع الإنسان في صلب السياسات العمومية”.
أما الفريق الحركي فقد اعتبر أن أبرز ما نجحت فيه الحكومة خلال السنوات الأربع الأخيرة، هو “إخراج مختلف الفئات المجتمعية إلى الشارع، من مهندسين وأساتذة وأطباء وطلبة وعدد من الفئات المجتمعية الأخرى”، موردا أن “خيار الرجوع، بين الفينة والأخرى، للحديث عن السنوات الأخيرة لن ينطلي على المغاربة، الذين يعرفون مقدار مساهمة كل حزب في التدبير”.
المصدر:
هسبريس