آخر الأخبار

"المشادات الكلامية البرلمانية" تثير الجدل بخصوص الممارسة السياسية

شارك

عرفت جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أمس الاثنين، “مشادات كلامية حادة” بين برلمانيي الأغلبية والمعارضة ورئيس الجلسة، ومن جهة أخرى بين برلمانيي مجموعة العدالة والتنمية وعبد اللطيف وهبي، ووزير العدل.

وتفتح هذه المشادات الكلامية، التي تطورت في الأخير بين برلمانيي “البيجيدي” والوزير وهبي والتي شهدت تدخلا من عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، تساؤلات متجددة عن “واقع الممارسة السياسية بالمغرب”.

عبد العزيز القراقي، الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية، قال إن “النقاش بين السلطة التشريعية وبين السلطة التنفيذية، أي بين النواب وبين الوزراء، يجب أن يرتكز على حد أدنى من الاحترام المتبادل”.

وأضاف القراقي، في تصريح لهسبريس: “لهذا، تتم مخاطبة النواب دائما بـ”المحترم”، وكذلك الوزراء؛ لأن النقاش بطبعه يجب أن يكون راقيا وساميا، معتبرا أن هذا التعامل الراقي هو أساس العمل البرلماني الديمقراطي.

وتابع الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية: “ما هو أساسي هو أن هذه الانحرافات في الآداب العامة للتعامل هي في أغلب الأحيان حالات استثنائية وعابرة. ويعود ظهور بعض التجاوزات أحيانا إلى طبيعة الثقافة السياسية السائدة أو قد يكون مرتبطا كذلك بالمزاج الاجتماعي العام، حيث هذه الظواهر قد تفرزها السياسة بطبيعتها؛ لكنها تظل حالات فردية لا تشكل القاعدة العامة”.

وزاد المتحدث عينه: “إن قرب الانتخابات ليس هو العامل المؤثر الوحيد؛ بل إن وتيرة العمل التشريعي غير السليمة أو البطيئة يمكن أن تكون سببا في إفراز نوع من التوتر داخل قبة البرلمان”، مبرزا أن “هذا التوتر قد ينتج عن سير العمل بوتيرة لا تتناسب مع المطلوب، خاصة فيما يتعلق بالعمل الرقابي والتشريعي الموجه إلى السلطة التنفيذية (الحكومة)”.

ولفت المتخصص في العلوم السياسية إلى أن مسألة عدم حضور الوزراء إلى البرلمان لمناقشة النواب هي نقطة تثير نقاشا متكررا، والكثيرون يحتجون عليها لدى رئيس الحكومة، وهذا الغياب يساهم في زيادة التوتر، ويُعتبره البعض تقليلا من شأن العمل المؤسساتي ككل.

وشدد القراقي على أنه “من واجب السلطة التنفيذية احترام البرلمان بصفته ممثلا للشعب، والوزراء ملزمون بالحضور أمام اللجان أو خلال جلسات الأسئلة الشفهية”.

من جهته، قال إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إن “النقاش داخل البرلمان يجب أن يرتقي دائما إلى مستوى يليق بمؤسسة دستورية تمثل إرادة الأمة، وأن يظل قائما على الاحترام المتبادل، وقيم الحوار الديمقراطي، وعلى روح المسؤولية التي يفرضها العمل التشريعي والرقابي”.

وأضاف السدراوي، في تصريح لهسبريس، أن المشادات الكلامية قد تحدث حتى في الديمقراطيات الكبرى، خصوصا في القضايا ذات الطابع الحساس مثل قوانين المالية، ملتمسات الرقابة، أو النقاشات المرتبطة بالأزمات السياسية؛ فهذه المحطات بطبيعتها تنتج توترا سياسيا مشروعا.

واستدرك المتحدث عينه بالقول: “إن ما وقع خلال الجلسة الأخيرة لا يندرج ضمن هذا الإطار، لأن الخلاف كان مرتبطا بمشروع قانون بسيط كان يُفترض أن يُناقش بشكل عادي، وبأسلوب يحترم الضوابط والأعراف البرلمانية؛ لكن استعمال عبارات مستفزة مثل “الثورة”، واعتماد أسلوب تهكمي في تسيير الجلسة، شكّل انزلاقا غير مقبول يسيء إلى صورة المؤسسة التشريعية ويُضعف ثقة المواطنين فيها”.

وتابع الفاعل الحقوقي ذاته: “كما أن تهرب الوزير من الإجابة بزعم أن الموضوع “لا يدخل ضمن اختصاصات البرلمانيين” يشكل إساءة أكبر، لأنه يمسّ بجوهر العمل الرقابي الذي يُعد أحد الأعمدة الأساسية للديمقراطية؛ فالوزير مُلزَم دستوريا وأخلاقيا بالإجابة عن أسئلة ممثلي الأمة، وليس تجاوزها أو التقليل من مشروعيتها”.

وختم السدراوي قائلا: “الخطاب البرلماني الراقي والاحترام المتبادل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هما أساس الديمقراطية السليمة، وما حدث يستدعي وقفة مؤسساتية حقيقية لإعادة الاعتبار لأدبيات النقاش السياسي ولتعزيز الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة الحقوق المدنية والسياسية التي تتصدرها حرية التعبير والرقابة البرلمانية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا