يفكر مؤرخون مغاربة في الاتجاهات الراهنة في الكتابة التاريخية، وذلك في كتاب جديد صدر عن منشورات باب الحكمة بتطوان بعنوان “كيف يُفْهَم التاريخ: مشارب وتجارب”، بتنسيق وإشراف الأستاذين محمد حبيدة من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، والطيب بياض من جامعة عبد الملك السعدي بتطوان.
شارك في هذا الكتاب الجماعي الأساتذة محمد أبرهموش، وإبراهيم أيت إزي، وتوفيق أيت بوشكور، وعبد المجيد أيت القايد، وسمية بوزيار، وقاسم الحادك، وعبد السلام حفو، وبلال الداهية، وعبد الهادي رازقو، وعبد الحكيم الزاوي، ومحمود الزهي، ويوسف الزيات، وعزيز سعيدي، ونبيل الطويهري، ومحمد العفاس، ومحمد غاشي، ومحماد لطيف، ولمياء الغزاوي، ومحمد لهبوب، وهشام مرزوق، ومحمد حبيدة، والطيب بياض.
يسعى الكتاب الجديد، وفق ورقته التقديمية، إلى “تحسيس الباحثين الشباب بأهمية المنهج والتناهج، وبأهمية الخطابات التي تؤكد على مكانة الكتابة في ميدان التاريخ من الوجهة المعرفية، ودورها في تسجيل حضور المؤرخ في ساحة العلوم الإنسانية والاجتماعية، وذلك منذ “مهنة المؤرخ” لمارك بلوك، إلى “التاريخ باعتباره أدبًا معاصرا” لإيفان جابلونكه، مرورا بِـ”صناعة التاريخ” لجاك لوغوف وبيار نورا، و”كتابة التاريخ” لميشال دوسيرتو… كما يسعى إلى رد الاعتبار للبعد الأدبي في الكتابة التاريخية، والتنبه إلى الثراء الذي ينجم عن الاطلاع على تعددية مقاربات الفهم التاريخي التي أنجبتها مختلف جامعات العالم، الأوروبية والأمريكية والهندية، وذلك بغية توسيع دائرة هذا الفهم، وتكبير المنظور التاريخي، والانفتاح على العالم، والمساهمة في النقاشات المعرفية التي تهم الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية على نحو عام”.
يشمل الكتاب قسمين اثنين، يهتم أولهما بـ”الاتجاهات المؤسِّسة في الكتابة التاريخية في البلدان والجامعات التي راكمت رصيدا معرفيا ومنهجيا معتبرا، خاصة في أوروبا وأمريكا وأستراليا والهند وتركيا، والتي تنهل في معظمها من الفكر الحداثي الموروث عن فلسفة الأنوار، وحتى من الفكر ما بعد الحداثي، كما هو الحال مثلا بالنسبة إلى المدرسة الهندية (السوبالتيرن ستاديز). وهي الاتجاهات التي تجعل الباحث يطلع على مناهج ورؤى معرفية أخرى، ويفتح نوافذ على ما يُنجز في الجامعات الأجنبية، هذا لأن التواريخ الأخرى تحفِّز على وضع تاريخ الذات في المرآة، وتتيح الاحتكاك بالمناهج التي كُتبت بها هذه التواريخ”.
أما القسم الثاني من الكتاب الجماعي فيعرض “مجموعة من التجارب ذات الصلة بالرصيد المذكور، التي ترتبط بأسماء بارزة مثل فيرناند بروديل وفرانسوا فوريه وباتريك بوشرون ونويل بوتلين وكاثرين كيتس روهان وجاك لوغوف وخليل إنالجيك وراناجيت غوها، والتي تمكِّن من تلمّس مسارات الباحثين المجدّدين، والمنعطفات الإبستيمولوجية التي طرأت على فكرهم، وفهم التاريخ الذي كتبوه”.
يذكر أن المؤلَّف، الذي شارك فيه مجموعة من الباحثين المغاربة، “ثمرة ورشاتٍ تناظريةٍ جرت خلال عامي 2023 و2024، حيث تمَّ العمل من أجل استملاك جماعي لفكرة الكتابة في موضوع مثل هذا، وتحقيقِ التناغم المنشود داخل عمل مشترك ذي نفَس إبستمولوجي بالغ التركيب والتعقيد”.
المصدر:
هسبريس