آخر الأخبار

فيلم "2617" يفتح نافذة على الضغوط النفسية والبحث عن الحرية الداخلية

شارك

فاتحا نافذة فنية وفلسفية على واحدة من أكثر القضايا تعقيدا في التجربة الإنسانية يخوض فيلم “2617” لصاحبه عبد العالي الحراق في موضوعات حساسة ترتبط بالإنسان ومعاناته الداخلية، من قبيل الضغوط النفسية وصعوبة مواجهتها، والدائرة التي قد يعيشها بعض الأفراد في صمت. كما يقدم الفيلم قصة تتجاوز التقليدية ليوجه المشاهد نحو رحلة رمزية تعكس صراعات عميقة وتجارب غير مرئية، عبر أسلوب بصري وفكري يدفع إلى التأمل.

تتمحور قصة الشريط السينمائي حول المسار الغامض الذي يمرّ منه الشخص الغارق (المنتحر) في معاناته الداخلية، حيث يتحول الرقم 2617 إلى رمز لهذا العالم المعقد الذي يصعب فهمه. ويكشف العمل كيف يمكن للإنسان أن يشعر بأن اختياراته محكومة بقوة لا يسيطر عليها، وبأن محاولاته المتكررة للهروب لا تزيده إلا ارتباكًا.

مصدر الصورة

ويبرز الشريط السينمائي أن الرغبة في الخلاص قد تتحول إلى حلقة مفرغة، وأن من يظن أنه قادر على الفرار من ماضيه أو ألمه قد يجد نفسه يعود دائما إلى نقطة البداية، كما يحدث مع الشخص الذي يأخذ بطاقة غيره ظنا أن تغيير الهوية قد يغيّر المصير، بينما الحقيقة أن ما لم يُشفَ في الداخل سيعود في شكل آخر.

وتأتي القيمة الفلسفية للعمل في أنه لا يعرض الألم النفسي بوصفه حالة فردية معزولة، وإنما كنتيجة لتشابك عوامل اجتماعية وضغوط بيئية تجعل الخيارات أكثر صعوبة.

مصدر الصورة

ويفتح الحراق في “2617” الباب أمام تساؤلات حول معنى الحرية، ومدى قدرة الإنسان على كسر الدائرة التي تحاصره، وما إذا كان الهروب فعلا طريقا للخلاص أم مجرد انتقال إلى دائرة جديدة من المعاناة، لتترك هذه الأسئلة مساحة واسعة للمشاهد كي يتأمل ويعيد النظر في المفاهيم السائدة حول المواجهة والضعف والقوة.

وبخصوص العنوان يقول الحراق إنه جزء أساسي من الحكاية وليس مجرد رقم تم تضمينه داخل القصة، مضيفا أن الرقم 2617 اختير ليعكس رقمًا تقريبيا لحالات الانتحار المسجلة في المغرب سنة 2019، وهو رقم يحمل ثقلا إنسانيا كبيرا يختصر آلاف القصص والآلام غير المرئية.

مصدر الصورة

وأضاف المخرج ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن العنوان نفسه يتحول إلى بطل آخر في الفيلم، يذكّر بأن وراء كل رقم حياة وتجربة وظروفا معقدة تحتاج إلى فهم وتفكير.

ويقدم فيلم “2617” تجربة سينمائية مختلفة في شكلها وعمقها، إذ يختار استخدام الرمزية والفلسفة لتسليط الضوء على عالم نفسي شديد التعقيد، ويدعو إلى التفكير، ويذكّر بأن مواجهة الألم ليست هروبا بل فهما، وأن الدوائر المغلقة قد تُكسر حين نفتح الحوار حول ما يخفيه الإنسان في أعماقه، ليصير بذلك العمل السينمائي تجربة إنسانية تُنير جزءا من العتمة الداخلية، وتدعو بإلحاح إلى إعادة التفكير في مفهوم القوة، وفي معنى النجاة، وفي قدرة الفن على لمس ما تعجز اللغة اليومية عن قوله.

مصدر الصورة

وتتعمّق القيمة الفنية للشريط السينمائي في قدرته على تقديم الموضوع الإنساني دون أن يحوّله إلى حالة فردية معزولة؛ فالعوالم النفسية ليست منفصلة عن المجتمع، إذ تتأثر بضغط الإيقاع اليومي، وتراكُم التوقعات، وصعوبة إيجاد مساحات آمنة للكلام. ويجعل الفيلم من هذه العوامل خلفية تفسّر إحساس البطل بالدوائر المغلقة التي تحيط به، دون أن يختزل التجربة في سبب واحد أو مسار وحيد.

وإلى جانب هذا العمل يراكم المخرج عبد العالي الحراق خلال مساره السينمائي مجموعة من الأعمال التي لاقت اهتماما داخل المهرجانات المغربية، من بينها “المكالمة”، “صوت الصمت”، “الغرفة رقم 97″، “2617”، و”رشيد”، وكلها أعمال تركز على الإنسان وأسئلته الداخلية.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا