آخر الأخبار

وفد "البوليساريو" يبحث عن طوق نجاة في نواكشوط وسط عزلة خانقة

شارك

استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم الثلاثاء بالقصر الرئاسي نواكشوط، وفدا من جبهة “البوليساريو” يقوده ما يسمى رئيس برلمانها حمة سلامة، الذي سلّم رسالة خطية من زعيم الجبهة إبراهيم غالي تتناول آخر التطورات المرتبطة بالنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.

ومن الملاحظ أنه جرى اعتماد ترتيب بروتوكولي خاص تمثّل في عدم وضع العَلَم الموريتاني إلى جانب رمز الكيان الانفصالي داخل قاعة الاستقبال، خلافا لما يُعتمد عادة في اللقاءات الرسمية، تفاديا لأي حرج دبلوماسي قد تثيره هذه الرمزية؛ وهي الخطوة التي تعكس حرص نواكشوط على تجنّب أية إيحاءات سياسية مرتبطة بملف الصحراء المغربية، والحفاظ على توازن دقيق في تعاطيها مع مختلف الأطراف.

وتأتي هذه الزيارة ضمن مساعي قيادة “البوليساريو” للحفاظ على قنوات التواصل مع موريتانيا واطلاعها بشكل دوري على تصورها لمستجدات النزاع، رغم تأكيد نواكشوط المستمر على التزامها بموقف “الحياد الإيجابي” والوقوف على المسافة نفسها من جميع الأطراف؛ غير أن تحركات الجبهة، المدعومة من الجزائر، تبحث بشكل حثيث استمالة الموقف الموريتاني داخل التحولات الإقليمية والدولية المؤثرة على مسار الملف.

وفي المقابل، يزداد القلق داخل مخيمات تندوف مع التقدم الدبلوماسي الذي حققته المملكة المغربية في ترسيخ سيادتها على أقاليمها الجنوبية، وتكريس مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع؛ وهو ما أكده قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2797، الذي بات يشكل إطارا مرجعيا وقانونيا للمسار السياسي، إذ تخشى معه “البوليساريو” والجزائر من تأثير هذه الدينامية على مواقف الأطراف الإقليمية، وفي مقدمتها موريتانيا أحد الأطراف المعنية، والتي تتابع التطورات بحذر ضمن مقاربة توازن دقيقة تروم الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

مصدر الصورة

بين الضغط والضرورة

تعقيبا على استقبال الرئيس الموريتاني لوفد جبهة “البوليساريو”، قال الشيخ أحمد أمين، مدير موقع “أنباء أنفو” الموريتاني الممنوع من النشر، إن هذه الزيارة تعكس حجم الارتباك الذي تعيشه قيادة الجبهة في ظرف إقليمي ودولي لم يعد يمنحها أي هامش للمناورة.

وسجل أمين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن زيارة الوفد إلى نواكشوط “تأتي في سياق محاولة يائسة لإعادة تثبيت حضور الجبهة في المنطقة، في وقت باتت فيه المقاربة المغربية للحل تحصد اعترافا دوليا واسعا، خصوصا بعد قرار مجلس الأمن الأخير الذي رسّخ مبادرة الحكم الذاتي كأساس وحيد للعملية السياسية”.

وأوضح الصحافي الموريتاني أن “التحولات العميقة التي يشهدها ملف الصحراء تجعل “البوليساريو” تشعر بأن قواعد اللعبة لم تعد كما كانت، وأن عليها طرق أبواب العواصم المجاورة لتقليص عزلة تتّسع يوما بعد آخر”.

وأضاف الشيخ أحمد أمين أن “الزيارة ليست خيارا حرا للجبهة بقدر ما تعكس ضغطا موضوعيا فرضته المرحلة، وربما ‘ضرورة سياسية’ لإظهار أنها ما زالت فاعلا يمكن التحدث إليه، رغم تقلص تأثيرها على الأرض”.

وسجل المتحدث ذاته أن “موريتانيا تدرك حساسية الظرف. ولذلك، تتعامل بحذر شديد مع أية خطوة قد تُقرأ على أنها انحياز لطرف دون آخر؛ وهو ما يُفسّر اعتماد ترتيبات بروتوكولية خاصة خلال الاستقبال، في ظل حرص نواكشوط على الابتعاد عن أي رمزية قد تضعها في موقع لا تريده”.

وختم الشيخ أحمد أمين حديثه لهسبريس، بالتأكيد على أن “الزيارة، سواء كانت تحت الضغط أو بدافع الضرورة، تُبرز حجم الضيق السياسي الذي تعيشه الجبهة، في وقت تتجه فيه موازين القوى نحو حل واقعي يجد صدًى متزايدًا لدى المجتمع الدولي”.

مصدر الصورة

مناورة تكتيكية

من جانبه، أكد سيدي السباعي، رئيس “شبيبة صحراويون من أجل السلام”، أن زيارة وفد “البوليساريو” إلى موريتانيا “لا تعدو أن تكون مناورة تكتيكية هدفها الإيحاء بامتلاك الجبهة لحضور دبلوماسي متحرك، في وقت تظهر فيه الوقائع أنها تعيش عزلة غير مسبوقة”.

وأضاف السباعي، ضمن إفادة لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه الخطوة “لن تؤثر إطلاقا على التحول المفصلي الذي عرفه مسار النزاع، بعد أن حسمت المساعي الأممية والمجتمع الدولي اتجاه العملية السياسية نحو حل واقعي ومستدام، يقوم حصريا على مبادرة الحكم الذاتي التي قدّمها المغرب كخيار وحيد قابل للتطبيق”.

وأكد المتحدث ذاته أن المحطات الأممية، وعلى رأسها إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة في 31 أكتوبر الماضي، رسّخت مسارا واضحا قوامه دعم جهود المغرب وتثمين تعاونه المتواصل مع الأمم المتحدة، مقابل تراجع خطاب التصعيد لدى الأطراف الأخرى.

ونبّه الناشط الصحراوي إلى أن الرهان اليوم داخل المنطقة المغاربية “لم يعد مرتبطا بالمزايدات؛ بل بتحقيق وحدة وطنية حقيقية داخل الأقاليم الجنوبية، وبناء مناخ مستقر يتيح فرصًا تنموية ويفتح الباب أمام حل نهائي يُنهي حالة الجمود”.

وخلص سيدي السباعي إلى أن السياق الجيوسياسي الإقليمي، مع ما يشهده الساحل من مخاطر الإرهاب وعدم الاستقرار، يفرض على جميع الأطراف ـ وفي مقدمتها موريتانيا ـ تجاوز منطق المناورات الظرفية والانخراط بجدية في دعم حلّ يوفر الأمن والتنمية لشعوب المنطقة، مشددا على أن “أي محاولات ظرفية لن تغيّر المسار الراسخ الذي تتجه نحوه القضية، والمبني على الواقعية السياسية ووحدة المغرب الترابية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا