آخر الأخبار

حسيب تناقش "العنف في المدرسة"

شارك

احتضنت مدينة فاس، مؤخرا ندوة علمية حول موضوع “العنف في الوسط المدرسي وآليات الوقاية”، جمعت نخبة من الباحثين التربويين والفاعلين المدنيين وممثلي المؤسسات الأمنية والتعليمية، لتعميق النقاش حول واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا في الوسط المدرسي المغربي.

تناولت حسنية حسيب، الباحثة في سوسيولوجيا التربية، في مداخلتها المعنونة بـ“العنف في الوسط المدرسي.. مقاربة سوسيولوجية”، ظاهرة العنف المدرسي من زاوية تزاوج بين التأطير النظري والتحليل الميداني.

وأوضحت حسيب أن العنف داخل المدرسة لا يمكن اختزاله في سلوكيات فردية منحرفة؛ بل هو نتاج تفاعل معقد بين عوامل اجتماعية وثقافية وتنظيمية تتجسد داخل الفضاء التربوي، مما يحتم التعامل معه بمنطق الوقاية بدل الاقتصار على الإجراءات الزجرية أو الاستجابة اللحظية.

اعتمدت الباحثة في سوسيولوجيا التربية على نتائج دراسة ميدانية أنجزتها حول عنف التلاميذ المراهقين تجاه الأطر الإدارية والتربوية بالمؤسسات التعليمية المغربية، والمنشورة في مجلة الأزمنة الحديثة (العدد 24، السنة 2025).

انطلقت الباحثة ذاتها بتحديد العنف المدرسي كـ”ظاهرة اجتماعية مركبة” تتداخل فيها عوامل بنيوية – مثل الفقر والتهميش – مع أخرى رمزية، يتم فيها تكريس الاختلالات داخل المدرسة.

مصدر الصورة

واستندت حسيب إلى عدد من النظريات السوسيولوجية لشرح الظاهرة؛ حيث أشارت إلى مفهوم العنف البنيوي، مبرزةً أن المدرسة، حين تُقام في محيط هش اجتماعيًا، تصبح مرتعًا لإعادة إنتاج العنف بدل احتوائه. كما استحضرت العنف الرمزي، معتبرةً أن المدرسة تحمل أحيانًا ممارسات غير مرئية تُقصي المتعلمين من خلفيات مغايرة، عبر تقييمات لا تراعي تنوع الرصيد الثقافي والاجتماعي. كما استعانت بنظرية الوَسْم، لتشرح كيف يمكن لتصنيف المتعلم بـ”المشاغب” أن يُنتج سلوكًا مطابقًا لهذا الوصف، مؤديًا إلى تفاقم الظاهرة.

وركزت المتدخلة على أن العنف في المدرسة ليس فقط فعلًا يقوم به المتعلم، بل أحيانًا هو انعكاس لتوترات يعيشها الأستاذ والمدير تحت “ضغط مؤسسي” يتمثل في كثرة المتطلبات والتغييرات، وعدم التقدير الاجتماعي لمجهوداتهم. وأضافت أن العنف قد يتجه أيضًا من الأسرة نحو المدرسة، في ظل تغير صورة الأستاذ وغياب الحوار.

وقد أرفقت الباحثة مداخلتها بدعوة إلى إعادة الاعتبار لسلطة المدرسة كفضاء تربوي حاضن، لا كفضاء عقابي أو سلطوي. وركزت في خاتمتها على ضرورة إرساء ثقافة الإنصات والاعتراف داخل القسم، وتكوين الأساتذة في التواصل الإيجابي، واعتماد ممارسات تشاركية تُشعر المتعلم بأنه جزء من جماعة تربوية، لا مجرد متلقٍ أو موضوع للرقابة. وشددت على أهمية التدخل المبكر عبر أنشطة فنية وتربوية وقائية.

كما تضمنت الندوة عروضًا أخرى؛ من بينها مداخلة الأستاذ عبد الفتاح الدوبلي بناني حول “إسهامات التضامن الجامعي المغربي في الحد من ظاهرة العنف في الوسط المدرسي”، والأستاذ عبد الحق قسال حول “دور المختص الاجتماعي في الوقاية من العنف والهدر في الوسط المدرسي”، إضافة إلى مداخلة الأستاذة إيمان اعبلوش بعنوان “حين يتكلم الفن، يصمت العنف”، ومداخلة الأستاذ يوسف شكرة حول “دور المجتمع المدني في الوقاية من العنف في الوسط المدرسي”.

كما شارك في هذا اللقاء التربوي ممثل الأمن الوطني بفاس، وممثل الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، ورئيسة الائتلاف المدني للوقاية من العنف في الوسط الحضري.

واختتمت هذه الندوة، التي نظمتها الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة بشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس-مكناس والائتلاف المدني للوقاية من العنف في الوسط الحضري – “أفق” وبتنسيق مع المديرية الإقليمية بفاس، بتأكيد الحاضرين على ضرورة تبني رؤية تربوية وتشاركية للوقاية من العنف المدرسي تستند إلى الحوار والتعاون بين جميع الفاعلين في المدرسة وفي محيطها.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا