آخر الأخبار

بيضا يبسط مسيرة السلطان محمد الخامس بين العرش والمنفى والوفاة

شارك

عشيّة الاحتفال بعيد الاستقلال، توقّف جامع بيضا، المؤرخ المغربي أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط، مطوّلا عند محطات بارزة من مسيرة السلطان محمد بن يوسف على عرش البلاد، منذ تنصيبه سنة 1927، مرورا بفترة نفيه خارج الوطن، وصولا إلى وفاته سنة 1961.

مصدر الصورة

وقال بيضا خلال لقاء علمي منظّم برحاب المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، مساء الاثنين، إن “محمدا الخامس صعد إلى السلطة دون أن يستعد لذلك ودون أن يرغب فيها، وسرعان ما أبان عن مؤهلات سياسية كبيرة جعلته يستوعب، في ظرف وجيز، رغم صغر سنّه، تطورات الحماية الفرنسية وظروف نشوء الحركة الوطنية”.

وتوقّف المتحدث عند محطّات الأخذ والردّ بين السلطان الجديد (آنذاك) وسلطات الحماية الفرنسية بالمغرب، موردا أن “المقيم العام الفرنسي، الجنرال نوغيس، تمكّن منذ سنة 1936 من إقامة علاقات مهذّبة مع القصر، لم تؤثّر فيها أحداث بوفكران خلال السنة الموالية”.

ولفت أيضا إلى أن “هذا الواقع كان وراء توجيه السلطان نداء إلى الشعب المغربي للوقوف بحزم مع فرنسا ضد دول المحور؛ إذ حفّز ذلك عددا لا يستهان به من المغاربة على الانخراط في المجهود الحربي الفرنسي، إلى درجة أنه لم يتم التراجع عن ذلك حتى عند انهزام فرنسا أمام النازيين سنة 1941”.

مصدر الصورة

سلطانٌ في المنفى

من بين ما ذكره بيضا في هذا الجانب أن “السلطان محمد بن يوسف لم يساير مواقف الإقامة العامة الفرنسية في أربع حالات، منها رفضه تطبيق القوانين العنصرية التي أصدرها نظام فيشي ضد اليهود المغاربة، بعدما رفض التفرقة بين ‘الرعيّة’، إضافة إلى المحادثات التي جمعته بالرئيس فرانكلين روزفلت على هامش مؤتمر الحلفاء بأنفا 1943، دون مباركة هذه الخطوة من جانب الإقامة العامة الفرنسية”.

مواصلا كشفه جوانب أساسية من هذه المرحلة من تاريخ المغرب، انتقل المحاضر للحديث عن نفي السلطان محمد الخامس إلى جزيرة كورسيكا، ثم إلى مدغشقر ما بين سنتي 1953 و1955، وقال: “لقد تم ترحيل السلطان من المنفى القريب إلى المنفى السحيق”.

وفقا لأستاذ التاريخ المعاصر، فإن “هذا النفي عزّز حضور محمد الخامس أكثر في قلوب المغاربة، إلى درجة أن سلطات الحماية تدخّلت لتفريق جماعات من الناس اجتمعوا لترقّب طلوع البدر لعلّهم يرون السلطان على صهوة جواده”.

وكان الهدف من ذلك، بحسب المصدر ذاته، “هدم الأسطورة اليوسفية”، مبرزا أن “الأمر يتأكّد بالعودة إلى الحملات الإعلامية التي سعت إلى تشويه صورته حتى بعد نفيه خارج المغرب، مثل اتهامه بموالاة الرايخ الثالث في وقت سابق”.

مصدر الصورة

وقال بيضا: “جرى تزوير وثائق في هذا الإطار ونشرها إعلاميا، حيث تلقّفتها الجرائد التي تعبّر عن مصالح المعمّرين، وروّجت لهذا الاتهام، الذي كان قائما على وثائق مزوّرة، على أوسع نطاق، مطلقة بذلك مطالب بمحاكمة السلطان”.

وذكر المحاضر كذلك أن الجنرال الفرنسي شارل ديغول كان قد تفاعل مع هذه الاتهامات الموجّهة إلى السلطان محمد بن يوسف في 30 يونيو 1955، حيث قال عنه: “دعوني أرفع كتفيّ استهزاء، فالسلطان قد رفض كل الالتباسات التي وُجّهت إليه… إنه رفيق التحرير!”.

ونقل المؤرخ المغربي شهادة الملك الحسن الثاني (فيما بعد) حول هذه الاتهامات، التي قال بشأنها ما مفاده أن “الدليل قائمٌ على أن الوثائق التي نُشرت بعد الحرب عن الاتصالات المزعومة بين السلطان والطاليان والألمان كانت مزوّرة من قبل أحد مكاتب الحماية”.

مصدر الصورة

العودة من مدغشقر

في سياق ذي صلة، قال بيضا إن “عودة محمد بن يوسف إلى المملكة في نونبر 1955، بعد رحلة المنفى، خلقت إجماعا حول شخصه، وتم استبدال لقب السلطان بلقب الملك الذي يكتسي دلالات عصرية، وذلك سَيرا على سنة الأنظمة الملكية في المشرق”، وزاد: “تم بالمناسبة التخلي عن صفة الإمبراطورية الشريفة لصالح المملكة المغربية”.

وكشف الأكاديمي المغربي ذاته أن “الراحل محمد بن يوسف تطلّع، منذ فجر الاستقلال، إلى حياة ديمقراطية عبر إقامة مؤسسات دستورية عصرية، إلا أن عوامل داخلية وخارجية أثقلت مسيرة المغرب المستقل نحو الهدف المنشود. لكن على الرغم من ذلك، تفادت المملكة التجارب السياسية المؤلمة للحزب الوحيد كما وقع في بلدان قريبة”.

ومن السياسة الداخلية إلى الخارجية، لفت المؤرخ ذاته إلى أن “المغرب، في عهد محمد الخامس (ما بعد الاستقلال)، انضم إلى جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة، ونشط في صفوف منظمة عدم الانحياز، بل بادر إلى احتضان مؤتمر الدار البيضاء سنة 1961، ليكون بذلك من بين مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

الأكثر تداولا دونالد ترامب روسيا أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا