قال تقرير حديث لمركز التفكير الأمريكي “المجلس الأطلسي” إن تصويت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الشهر الماضي، على قرار تاريخي حول الصحراء، يشكل خطوة حاسمة نحو إنهاء أزمة استمرت خمسين عاما، ويفتح المجال أمام حكم ذاتي حقيقي وتنمية مستدامة للشعب الصحراوي تحت السيادة المغربية، كما أنه يمثل “مسيرة خضراء” دبلوماسية، بتعبيره.
وبين التقرير ذاته أن “هذا التصويت الأممي يأتي بعد سنوات من الزخم الدولي المتزايد حول خطة الحكم الذاتي المغربية، ويضع الأساس لحل قضية النزاع حول الصحراء التي ظلّت رهينة للصراع الإقليمي بين المغرب والجزائر لمدة خمسين عاما”، مبرزا أن “المغرب يعيش اليوم على وقع ديناميكية مشابهة لتلك اللحظة المفعمة بالأمل في عام 1975، مع نجاح سلسلة من الانتصارات الدبلوماسية المنظمة بعناية”.
وتابع بأن “هذا القرار يمثل منعطفا حاسما في مستقبل النزاع، حيث يقضي على احتمالات التقسيم أو الاستفتاء، ويركز بدلا من ذلك على صياغة حكم ذاتي حقيقي وعلى الجوانب العملية لخطة اللامركزية المتقدمة تحت راية الرباط”.
ولفت إلى أن “المقترحات السابقة الأخرى، بما في ذلك تقسيم الأراضي أو إجراء استفتاء، أصبحت غير عملية في نظر اللاعبين السياسيين الرئيسيين، بالنظر إلى التعقيدات الديموغرافية على الأرض”، معتبرا أن “الاستفتاء يكاد يكون مستحيلا؛ فشعب الصحراء ليس من السكان الأصليين للأراضي المتنازع عليها الحالية، وأي قوائم تصويت يجب أن تأخذ في الاعتبار حركة الشعب الحساني منذ القرن الرابع عشر. ناهيك عن وجود غموض كبير حول السكان الذين انتقلوا خلال الخمسين عاما الماضية إلى الأراضي التي يديرها المغرب وإلى مخيمات تندوف للاجئين في الجزائر”.
في سياق آخر، شدد المصدر ذاته على أن “خطة الحكم الذاتي المغربية اكتسبت زخما منذ عام 2020، عندما اعترفت الإدارة الأمريكية الأولى لدونالد ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء، وبعدها بوقت قصير قررت فرنسا وإسبانيا-المستعمرتان السابقتان للمنطقة، وكلاهما كانا مصدر النزاعات الإقليمية الحالية بسبب إرث الحدود الاستعمارية-الوقوف إلى جانب المغرب. وانضم منذ ذلك الحين حلفاء دوليون رئيسيون آخرون إلى هذا الزخم الجديد لصالح الرباط، بما في ذلك المملكة المتحدة وبلجيكا وإسرائيل وعدد من الدول العربية واللاتينية والإفريقية التي فتحت تمثيلات دبلوماسية أو قامت بمشاريع استثمارية كبيرة في الصحراء دعما للموقف المغربي”.
وتابع المجلس الأطلسي بأن “أحد المؤيدين الأقل شهرة لوحدة الأراضي المغربية هو الإمارات العربية المتحدة، فقد دفعت أبوظبي بكامل وزنها الدبلوماسي وراء هذا القرار الجديد من خلال إجراء عدة مكالمات مع أعضاء مجلس الأمن الدائمين، بما في ذلك فرنسا وروسيا، لضمان دعمهم لمسودة القرار المقترحة من الولايات المتحدة”.
وأشار إلى أن “رئيس دولة الإمارات قضى سنواته التكوينية في المغرب، وعند سن الرابعة عشرة أصبح أحد أصغر المشاركين في المسيرة الخضراء إلى الصحراء جنبا إلى جنب مع أعضاء من العائلة الملكية المغربية”، مسجلا أن “الإمارات تمشي إلى جانب حليفها التاريخي، مستثمرة ثلاثين مليار دولار في البلاد الواقعة في شمال أفريقيا، لتصبح أيضا أول دولة عربية تفتح قنصلية لها في مدينة العيون”.
وأوضح أن “الرباط استثمرت بشكل كبير في مشاريع بنية تحتية واستراتيجية طموحة في الصحراء، بما يشمل المبادرة الأطلسية، التي تعد بالازدهار الاقتصادي ودمج الصحراء مع جيران الساحل غير المطلين على البحر. كما يشمل أيضا مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، وهو مشروع بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي، من المتوقع أن يتعامل مع 35 مليون طن من البضائع سنويا اعتبارا من عام 2028”.
وخلص تقرير المجلس الأطلسي إلى أن “قرار الأمم المتحدة حول الصحراء يمثل علامة فارقة أساسية في القيادة الأمريكية، موائما المجتمع الدولي مع الحل الأكثر مصداقية وواقعية لإنهاء معاناة استمرت خمسين عاما. ومع ذلك، هناك الكثير من التفاصيل التي يجب معالجتها على مستويات الحكم المحلي، وإدارة الموارد الاقتصادية، وتعزيز الثقافة المحلية لتحقيق حكم ذاتي حقيقي، وتنظيم مسيرة خضراء ثانية سلمية”.
المصدر:
هسبريس