بينما تستمر أضواء السينما في السطوع على واجهتها، يزداد العتم في شوارعها وأطرافها حيث ينام المتشردون. هكذا تبدو مدينة ورزازات، “هوليوود القصبات” التي تعيش تناقضا قاسيا.
ففي زيارة ميدانية قامت بها جريدة “العمق المغربي” للمدينة، انكشف حجم المعاناة الحقيقية التي يتكبدها المتشردون، حيث يفترش البعض الشارع، بينما يلجأ آخرون إلى العراء والأراضي الخالية والوديان، بل وحتى قرب حاويات الأزبال، في بحث يائس عن لقمة العيش ومأوى يقي قسوة البرد والوحدة.
في هذا الصدد، كشف الحقوقي بناصر الإسماعيلي عن حجم القلق المتزايد من ظاهرة التشرد في ورزازات، معتبرا أن الأمر وإن كان موجودا في جل المجتمعات ومنذ القدم ويلامس مختلف الأعمار، فإن الوضع في ورزازات مقلق بشكل خاص نظرا لتزايد أعداد المتشردين والمتسولين في الآونة الأخيرة.
وشدد بناصر الإسماعيلي، في تحليله للظاهرة، على أن العمود الفقري والسبب الرئيسي في تواجد التشرد هو الفقر، هذا الأخير هو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى التفكك الأسري، الذي يعد عاملا مفصليا في دفع الأفراد إلى الشارع.
وبالإضافة إلى الفقر والتفكك الأسري، أشار المتحدث إلى وجود عوامل أخرى مساعدة تزيد من تفاقم المشكلة، منها الأمراض العقلية والنفسية، وتعاطي المخدرات وتنوعها، خاصة في صفوف الأطفال والشباب في سن مبكرة، إضافة للهدر المدرسي في صفوف التلاميذ، مما يجعلهم عرضة لهذه الظواهر؟
ويؤكد الحقوقي أن ظاهرة التسول والبحث في القمامات من أجل الأكل، التي يمتهنها أشخاص من مختلف الأعمار وخاصة كبار السن، هي نتيجة مباشرة لغياب الإطار الحامي، فالمأوى غالبا ما يكون في الشارع أو الأماكن المهجورة، وهو ما يضاعف من خطورة الوضع.
وانتقد بناصر بشدة أداء الأجهزة الإدارية والسياسية في المدينة، مشيراً إلى أنها لم تعمل على برامج اجتماعية للحماية والتفاعل مع هذه الظواهر، مما يزيد من خطورتها أكثر فأكثر، وأنها لم تجد اهتماما لمحاولة تفكيك الظاهرة أو على الأقل الحد منها، مع انعدام برامج تهتم بهذه الشريحة، لا من الأحزاب السياسية ولا في البرامج التلفزيونية ولا ضمن برامج الحكومة.
وأكد الحقوقي أن هذه الأزمة تشير إلى مشكلة في المنظومة ككل، ووجود أزمة فكر سياسي وأزمة تسيير إداري، ما يؤدي إلى تزايد كبير في ظاهرة التشرد، خاصة في مدن الجنوب الشرقي التي توصف بالفقيرة ولا تتوفر فيها موارد كافية للأشخاص العاديين، فما بالك بالفئات الأكثر هشاشة من المتشردين، وذلك على الرغم من الصفة السياحية لمدينة ورزازات.
وفي ختام تصريحه لجريدة “العمق المغربي”، وجه الحقوقي بناصر الإسماعيلي نداء إلى الجهات المعنية وجمعيات المجتمع المدني بضرورة تفعيل البرامج والعمل الجاد والمستمر من أجل الحد من هذه الظاهرة الإنسانية المؤلمة.
المصدر:
العمق