قال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إن الأقاليم الجنوبية للمملكة شهدت خلال السنوات الأخيرة “ثورة اجتماعية واقتصادية كبرى”، مؤكدا أن هذه المناطق باتت من أقل جهات المغرب فقرا، ومن الأعلى على المستوى الوطني من حيث الدخل الفردي، بفضل الرؤية الملكية التي جعلت من تنمية الصحراء المغربية ورشا استراتيجيا متواصلا منذ أكثر من ربع قرن.
وأوضح أخنوش، خلال تعقيبه على أسئلة البرلمانيين حول “السياسة العامة المتعلقة بالتنمية والاستثمار بالأقاليم الجنوبية”، في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب، اليوم الاثنين، أن القرار الأممي الأخير رقم 2797 ليس سوى تتويجا لمسار طويل من العمل الميداني والرؤية الاستباقية التي قادها الملك محمد السادس منذ بداية العهد الجديد، لترسيخ مغربية الصحراء على أرض الواقع.
وأكد رئيس الحكومة أن “المغرب اليوم لم يعد في مرحلة الجدل، بل في مرحلة الاعتراف بالواقع”، مشيرا إلى أن “العالم يعترف بأن الصحراء مغربية بالتاريخ، وبالشرعية، وبالعمل الميداني الذي ينجزه المغرب على الأرض”.
وأضاف أن الأمم المتحدة نفسها “بدأت تعكس هذا الواقع الجديد، والقرارات الأخيرة دليل على هذا التحول الكبير”، مؤكدا أن “المغرب لا يطلب شيئا غير موجود، بل يؤكد الوضع القائم وهو كون الصحراء مغربية، والحكم الذاتي هو الحل الوحيد الجدي والعملي”.
وشدد أخنوش على أن تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة كانت وستظل في صلب أولويات الدولة، وفي قلب توجيهات وخطابات الملك محمد السادس، مبرزا أن الرؤية الحكومية تسير وفق التصور الملكي الذي يولي عناية خاصة لهذه المناطق باعتبارها رمزا للعدالة المجالية والإنصاف الترابي.
واستعرض رئيس الحكومة مجموعة من المشاريع الكبرى التي تعزز هذا التوجه، من بينها الطريق السيار تيزنيت–الداخلة، الذي وصفه بأنه شريان اقتصادي يربط الجنوب بالمركز، ويضعه في قلب الخريطة بدل أن يكون في الهامش، إضافة إلى ميناء الداخلة الأطلسي الذي “سيحدث ثورة في التنمية الاقتصادية ويمنح قيمة مضافة كبرى لقطاعي الصيد البحري واللوجستيك”.
كما توقف عند التقدم الكبير في تدبير إشكالية الماء، من خلال بناء محطات تحلية مياه البحر في الداخلة والعيون وكلميم وسيدي إفني، وسدود كبرى مثل سد فاسك، إلى جانب مشاريع الكهرباء والربط الطاقي الشامل بالجهات الثلاث.
وأوضح رئيس الحكومة أن القطاع الفلاحي في الصحراء أضحى منظومة متكاملة تدعم التعاونيات النسوية والشبابية، وتمنح فرصا للإنتاج والتصدير، مبرزا أن النتائج تظهر اليوم في انخفاض نسب الفقر، وتحسن الدخل الفردي، وتقوية الطبقة الوسطى.
وأشار إلى أن الأقاليم الجنوبية أصبحت قاطرة في مجال الاقتصاد الأزرق، بفضل مشاريع تربية الأحياء المائية التي تضم حوالي 240 مزرعة استثمارية بالداخلة، باستثمارات تفوق مليار درهم، وتوفر أكثر من 11 ألف منصب شغل.
وفي مجال الطاقات المتجددة، أكد أن الصحراء المغربية أصبحت مركزا لمشاريع كبرى في الطاقة الشمسية والريحية والهيدروجين الأخضر، حيث يجري تنفيذ استثمارات تتجاوز 319 مليار درهم في الجهات الجنوبية الثلاث.
وأوضح أخنوش أن الحكومة ربطت التنمية الاقتصادية بالخدمات الاجتماعية، من خلال بناء مستشفيات جامعية جديدة في العيون وكلميم والداخلة، وإنشاء كليات الطب التي تضم حاليا أكثر من 820 طالب طب من أبناء المنطقة.
كما تحدث عن تطور غير مسبوق في البنية التحتية الصحية والتعليمية والثقافية والرياضية، مشيرا إلى تعميم النقل المدرسي والمنح وتحسين التجهيزات التربوية، إلى جانب تطوير مراكز الشباب والثقافة.
وأبرز أن نسب المشاركة السياسية في الأقاليم الجنوبية بلغت 67%، وهي الأعلى وطنيا، ما يعكس الارتباط الوثيق بين المواطن ومؤسساته المنتخبة، وثقته في المسار الديمقراطي.
واعتبر رئيس الحكومة أن ما تحقق في الأقاليم الجنوبية لا يمكن لأحد إنكاره، مشددا على أن المغرب اختار البناء والإنصات والحوار، وجعل من التنمية البشرية أساس الدفاع عن القضية الوطنية.
وأضاف أن الأقاليم الجنوبية، تحت قيادة الملك، تتحول إلى قاطرة إفريقية في مجالات البحر والطاقات النظيفة واللوجستيك والسياحة المستدامة، وتقدم نموذجا مغربيا في ربح رهانات التنمية والعدالة المجالية.
وختم تعقيبه قائلا إن المغرب بلد واحد بثقافة متنوعة، قوي بمؤسساته ومنصف في تنميته، وما نراه اليوم من نجاح في أقاليمنا الجنوبية هو ثمرة مجهود ملكي دام 26 سنة من العمل المتواصل، ليصبح الجنوب مصدر فخر لكل مغربي، بحسب تعبيره.
المصدر:
العمق