آخر الأخبار

الذكاء الاصطناعي وتشتت القارئ .. تحديات جديدة أمام الكتاب العرب

شارك

حذّرت الكاتبة الإماراتية نجوم الغانم من أن هناك جيلا كاملا في العالم العربي والعالم بأسره “يتجه نحو قطبية لغوية تتمحور حول الإنجليزية”، معتبرة هذا “استعمارا آخر” لكن المختلف فيه أنه “غير مفروض علينا، بل استعمار اختياري، يسجننا في لغة واحدة، وتعبير وحيدٍ عن الذات، ما يعلق الانفتاح على العالم”.

جاء هذا في جلسة حوارية نظمتها الدورة الرابعة والأربعون من معرض الشارقة للكتاب في موضوع: “آفاق الكتابة العربية المعاصرة”، وشاركت فيه الكاتبة الإماراتية الغانم، والكاتبة اللبنانية جمانة حداد، فيما تعذّر حضور الكاتب المغربي حسن أوريد.

وتابعت المتدخلة الغانم: “أنا منفتحة على اللغات، لكن ازدواجية اللغة تحدّ، وعلينا الانفتاح على ثقافات متعددة، حتى لا نكون ضحية هذه الازدواجية. (…) توجد ثقافات متعددة من جهات العالم الأربع، ومن إيجابيات المنصات الرقمية الجديدة أنها فتحت لنا أبوابا ونوافذ جديدة”.

بدورها أكّدت جمانة حداد على الفكرة المطروحة قائلة: “توزيع الاهتمام على لغات بدل الاقتصار على الإنجليزية أمر جميل ومهم، حتى لا يقع الاهتمام على لغة والانحياز لخيار واحد. ومن المهم أن تكون للقارئ خيارات لا خيار”، مردفة بأن الانحياز إلى الإنجليزية على حساب العربية ليس مردّه إلى تفوق إبداعي للأولى، بل “انهمار المواد الإنجليزية؛ من الأفلام والأغاني والمضامين على التواصل الاجتماعي”، وهو ما يمكن أن ينسّبه تعلّم لغات أخرى، وأن لا يُحصر القرّاء في خيارَين وحيدين.

واعتبرت حداد أن من تحديات الكتابة المعاصرة “تحدي الذكاء الاصطناعي، وسؤال: هل ينوب هذا الأخير عن الكاتب؟ وهل يستطيع إنتاج ما يستحق وصفه بالأدب؟”، كما أن من تحدياتها “المرتبطة بالعالم العربي منذ الأزل، التي علينا مواجهتها بشكل مباشر، حرية التعبير ومواجهة السردية الرسمية بحرية”.

ومن التحديات أيضا، بحسب المتحدثة ذاتها، “تحدي اللغة العربية؛ فمن أبرز العراقيل أنه ليس هناك حب وغرام بين الجيل الشاب واللغة العربية، ما يتطلب منا التساؤل عن كيف نوقِعهم في حبها من جديد”، ثم واصلت بعد قراءة جملة تقنية باللغة العربية: “لا يعني أننا نتلقى الثورة الرقمية بالإنجليزية أن تكون لغتنا تتلقاها بتحجر وتحنيط، ونحتاج من اللسانيين مصطلحات أكثر حيوية”.

ومن بين تحديات الأزمنة المعاصرة، وفق الكاتبة نفسها، أن “القارئ الجديد متشتت وقليل الصبر، وينحاز إلى اقتصاد الصورة أكثر من الكلمة”، ثم استدركت: “في الوقت نفسه لو كنا نفكر في هذا لما كتبنا، وبالتالي رغم تقلص الاهتمام، ووجود أشخاص لا يعتبرون القراءة تجربة ما يهم منها هو ما يبقى فينا بعدها، بل معلومات فقط لاستعراض العضلات؛ فإن الكتاب سيظلون دونكيشوتات (نسبة إلى بطل رواية سيرفانتس) يحاربون طواحين الهواء ولا يهتمون”.

في هذا الإطار تفاعلت الكاتبة نجوم الغانم بقولها: “ليس علينا أن نكون دونكيشوتات، وليس على الكاتب بالضرورة الانتحار، بل علينا التعامل بذكاء فطري؛ فليس لنا الصراع مع ما يحدث، بل ما علينا هو الالتزام تجاه أنفسنا ورسالتنا إذا آمنا بأهميتها، والاستمرار في الكتابة بتأمل وعمق، لتبقى لغتنا العربية حية، مع عدم خيانة لغتنا الأم، دون أن يعني هذا عدم تعلم لغاتنا الأخرى، بشكل جيد. لكن استمرارية اللغات ينبغي أن تكون بشكل صحي”.

وحول “الدونكيشوتية” و”الواقع” قدمت المتدخلة مثالا بأحد “التحديات اليوم؛ الناشر، الذي يدعو إلى تصغير الكتاب، وكذلك القارئ الذي لا يقبل على الكتاب كبير الحجم”، وزادت: “هذه تحديات حقيقية علينا التعاطي معها، ونحتاج التفكير بإستراتيجية جديدة دون تخل عن مشروعنا الإبداعي”.

في حين تشبثت جمانة حداد بأن “دون كيشوت ليس انتحاريا، بل هو حالم، ويمثل لي الشاعر الذي يكتب ولا يعرف هل تتلقى روح في البرية ما يكتبه أم لا”، مردفة: “لا للمساومة، فالبحث عما يريده القارئ لأعطيه إياه استسلام لهذه الضغوط”.

ومع انتقادها رؤية “الجمهور عايز كدة” ذكرت حداد أن واجب الكاتب هو استحضار مبادئ وقيم الكتابة “لا أن نكون شرطة غيرنا، ونلاحق من يستحق تسميته كاتبا ومن لا يستحق”، ولو أنه في الحقيقة “هناك ذائقة راقية، وهناك أدب مزعوم”.

وأمام “انحياز الجمهور العام للسهولة” تلقي جمانة حداد المسؤولية الإبداعية على الكاتب الذي لا ينبغي عليه الانصياع لرغبات هذا الجمهور، مع تسطيرها على أن بالمنطقة المتحدثة باللغة العربية “مشكل كبير، هو موضوع الحرية، والجرأة النقدية، والمواجهة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

الأكثر تداولا دونالد ترامب سوريا أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا