آخر الأخبار

التحفيزات الانتخابية بالمغرب تفتح أمام الشباب آفاقا جديدة للمشاركة السياسية

شارك

دفعت مضامين مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، الذي صادق عليه المجلس الوزاري الأخير، إلى فتح نقاش واسع حول المشاركة الشبابية في الانتخابات المقبلة، خاصة بعدما نص المشروع على تشجيع فئة الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة على الترشح؛ من خلال تخصيص دعم مالي يغطي 75 في المائة من مصاريف الحملة الانتخابية، في خطوة تعكس الرغبة في فتح المجال أمام طاقات جديدة داخل المشهد الحزبي والسياسي.

وفي خضم هذا التفاعل، أثيرت تساؤلات حول مدى استعداد الشباب للانخراط الفعلي في العمل السياسي، وتباينت القراءات بشأن مواقفهم من المشاركة في الاستحقاقات المقبلة، وما ينتظره الجيل الجديد من التجربة الانتخابية، وسط نقاشات أوسع حول ما إذا كانت هذه الخطوة ستفتح فعلا أفقا لتجديد النخب السياسية وإعادة الثقة في الفعل الحزبي.

تمكين الشباب

صوفيا بستاني، فاعلة جمعوية بمدينة المحمدية، قالت إن “المشاركة في الانتخابات حق دستوري يخول لكل مواطن ولكل شاب أن يختار الحزب الذي يتبنى الإيديولوجيا التي يرى نفسه فيها. لذلك، على الأحزاب السياسية أن تعمل على إدماج الشباب ومنحهم الفرصة ليكونوا في مواقع القرار؛ لأن الأحزاب المغربية في حاجة إلى التشبيب وتجديد الوجوه داخل الأحزاب وفي مناصب المسؤولية”.

وأفادت بستاني، في تصريح لهسبريس، بأنها خاضت تجارب للمشاركة في العمل السياسي؛ لكنها تعرضت في مسارها السياسي لبعض التهميش، قائلة: “بسبب اندفاعي في الدفاع عن مدينتي وأنا شابة جعل بعض الأشخاص داخل الحزب ينظرون إليّ كخصم لهم؛ حتى أنه في انتخابات سنة 2020 تم سحب اسمي، لأنني كنت ضد بعض الممارسات داخل الهيئة السياسية”.

وعبرت المتحدثة عن أملها في أن “تحمل الانتخابات المقبلة وجوها جديدة، وجوها تمثل التغيير وتدافع عن المواطن ومشاكله، وتكون قريبة من هموم الناس، خصوصا أولئك الذين يشتغلون في العمل الجمعوي؛ لأن احتكاكهم اليومي بالمواطنين يمنحهم فهما أعمق لواقع المجتمع، ويساعدهم على الترافع من أجل الصالح العام، انسجاما مع روح دستور 2011”.

وأكدت الفاعلة الجمعوية على ضرورة “منح الشباب حضورا قويا في الانتخابات المقبلة؛ لأن شباب اليوم يُمثل مغرب الغد”، لافتة إلى أن “كل المجهودات التي يقوم بها الملك محمد السادس تصب في اتجاه إدماج الشباب في العمل السياسي. لذلك، من الضروري الوصول إلى مغرب جديد يفخر بشبابه، وإلى نهضة حقيقية داخل الأحزاب السياسية”.

ووجهت بستاني رسالة إلى الأمناء العامين للأحزاب، داعية إياهم إلى “اعتماد رؤية واضحة لتمكين الشباب من ولوج العمل السياسي، وعدم ركنهم جانبا”، منبهة إلى أن “بعض المسؤولين داخل الأحزاب، مع الأسف، يخشون من طاقات الشباب وقدراتهم، فيُقصونهم خوفا من منافستهم”.

وختمت صوفيا بستاني تصريحها بالقول: “نتمنى أن يتغير هذا الواقع السياسي، وأن يصبح الشباب هو الصورة الحقيقية لمغرب المستقبل، ولمَ لا نرى شبابا داخل قبة البرلمان وداخل الجماعات الترابية، يعملون من أجل النهوض بمدنهم ووطنهم”.

فرصة للتغيير

ياسين بلكجدي، فاعل مدني وحقوقي من فئة الشباب بخريبكة، أكد أنه “في ظل المحفزات الجديدة التي تستهدف فئة الشباب للمشاركة في الانتخابات المقبلة، تمثّل هذه الاستحقاقات محطة أساسية لترسيخ الديمقراطية وتعزيز المشاركة المواطِنة؛ فهي ليست مجرد تصويت، بل فرصة للتعبير عن الرأي والمساهمة في رسم ملامح المستقبل”.

وقال بلكجدي: “بالنسبة لي، فموقفي من الانتخابات إيجابي، إذ أؤمن بأن التغيير لا يتحقق بالمقاطعة أو اللامبالاة؛ بل عبر الانخراط الواعي والمسؤول في الشأن العام”، مشيرا إلى أن “من الدوافع التي يمكن أن تحفزني على المشاركة في العمل السياسي الرغبة في المساهمة في إصلاح الواقع، وتمكين الشباب من مواقع القرار، وإيصال صوت الفئات التي تحتاج إلى من يدافع عنها بصدق وكفاءة”.

وعن تطلعاته وانتظاراته من انتخابات 2026، أبرز الفاعل المدني أن “الاستحقاقات المقبلة يجب أن تفرز نخبة جديدة مؤهلة وصادقة في وعودها، وقادرة على التجاوب مع انتظارات المواطنين وترجمة وعود التنمية والإصلاح إلى إنجازات ملموسة تُعيد الثقة في العمل السياسي والمؤسسات”.

وختم ياسين بلكجدي تصريحه لهسبريس بالقول: “نحن الشباب لا نبحث فقط عن الخطاب؛ بل نتوق إلى العمل الجاد والنتائج الملموسة، لأن المستقبل الذي نطمح إليه يبدأ من مشاركتنا اليوم في العمل السياسي بشكل عام، والانتخابات المقبلة بشكل خاص”.

اللوائح المستقلة

رضوان جخا، ناشط شبابي بالجنوب الشرقي، قال إن “الانتخابات هي أرقى تجسيد للديمقراطية التمثيلية؛ لكن الملاحَظ هو وجود هوة صارخة بين الشباب والمشاركة السياسية الحزبية، مما يوثر بشكل مباشر على نسبة مشاركتهم التي لا تتجاوز نسبة 2.5 في المائة”، لافتا إلى أن الوضع “راجع إلى عوامل عديدة؛ أهمها ضعف تأطير الأحزاب السياسية وقربها من الشباب المنصوص عليها في الفصل السابع من الدستور، والاشتغال الموسمي للشبيبات الحزبية والمنظمات الموازية للأحزاب السياسية”.

وأكد جخا، في تصريح لهسبريس، أن “الشباب المغربي يجد نفسه مجرد رقم كميّ فقط. وهذا الواقع يجعل الأحزاب السياسية وقياداتها التي عمّرَت لسنوات طويلة مطالبة بإعطاء إشارات إيجابية واضحة المعالم تحفز الشباب على المشاركة السياسية من داخل المؤسسات الحزبية”.

وأفاد الناشط الشبابي بالجنوب الشرقي بأن أهم الدوافع التي يمكن أن تشجعه على المشاركة السياسية تتمثل في “إعطاء الشباب المُنضوي داخل المؤسسات الحزبية مكانات قيادية بما فيها الأمانة العامة للحزب”، و”وجود المثال والقدوة داخل البرلمان بغرفتيه الأولى والثانية، إذ لا يمكن للشاب أن يمثّل واجهة فقط أو رقما لا دور له داخل المؤسسات الحزبية”، و”تكوين شبيبات حزبية قادرة على لعب دور الوساطة بين الشباب والمُؤسسات”.

وقال المتحدث: “بصفتي شابّا وابن الجنوب الشرقي ومن المناطق الجبلية والواحية، لديّ تطلعات وتفاؤل كبير مادام الملك محمد السادس يتفاعل دائما مع تطلعات الشباب الذين يثقون بشكل أكبر في المؤسسة الملكية، حيث نلمس ذلك من خلال التدابير والإجراءات الإستراتيجية غير المسبوقة التي جاء بها المجلس الوزاري لتشجيع الشبا؛ إما عبر عبر التزكية داخل الأحزاب السياسية مقابل تكفل الدولة بمصاريف 75 في المائة من مصاريف الحملة الانتخابية، أو عبر اعتماد لوائح المستقلين الشباب”.

وختم جخا تصريحه بالتأكيد على أن “اللوائح المستقلة للشباب هي الحل مع الوضع الحالي الذي يصعب تغييره مع القيادات الحزبية التي عمرت لسنوات طويلة؛ لكن الإشكال الذي يجب أن تفكر فيه الأحزاب السياسية جيدا، وهو إن نجحت لوائح كثيرة للمستقلين الشباب، كيف سيكون المشهد السياسي بالمؤسسة التشريعية المقبلة؟”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا