آخر الأخبار

خبراء يحذرون من تواجد فرضيات غير واقعية في مشروع قانون المالية

شارك

يتجدّد النقاش مع كل مشروع لقانون المالية في المغرب حول مدى ملاءمة فرضياته مع المتغيرات المتسارعة في الاقتصاد الدولي؛ وهو ما ينطبق أيضا على مشروع مالية 2026 الذي يواجه ظرفية عالمية متقلبة، تتأثر بقرارات البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى جانب التحولات الجيوسياسية والمالية والتوترات التجارية التي تعيد رسم خريطة سلاسل التوريد وتؤثر على كلفة التمويل وأسعار الطاقة.

تزداد ملحاحية الأمر مع إثارته من قبل فرق نيابية خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية، المتواصلة في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب؛ بينما يقدّر محللون اقتصاديون، تحدثت إليهم جريدة هسبريس الإلكترونية حول هذا الموضوع، أن “التحدي الحقيقي يكمن في تحويل الفرضيات الميزانياتية من مجرد تقديرات محاسبية إلى أدوات استشرافية قادرة على إدماج هذه المتغيرات وتكييف السياسات العمومية وفق سيناريوهات متعددة تراعي المخاطر والفرص في آنٍ واحد”.

إدماج المتغيرات

أكد محمد عادل إيشو، محلل مالي أستاذ الاقتصاد والتدبير بجامعة بني ملال، أن مشروع مالية 2026 يواجه صعوبة في ضبط فرضياته الكبرى، إذ “بين الرغبة في الحفاظ على خطاب تفاؤلي والالتزام ببرمجة مالية واقعية، يبرز خطر تحوّل الفرضيات الرسمية إلى تمارين محاسبية لا توجّه السياسات الاقتصادية فعليا”.

وتابع إيشو، ضمن تصريحه لهسبريس، أن المؤشرات المعتمدة (نمو بـ3,5 في المائة، سعر صرف 10,2 درهم للدولار، وسعر برميل نفط بـ80 دولارا، وعجز بحدود 4 في المائة) تُظهر رؤية محافظة تفتقر إلى الجرأة في إدماج المتغيرات الدولية.

ومضى شارحا للجريدة أن افتراض نمو بـ3,5 في المائة يقوم على “استقرار الظرفيات الجيوسياسية وكلفة التمويل”، لافتا إلى أنه “أمر غيرُ مضمون في ظل تذبذب قرارات الفيدرالي الأمريكي. فكل خفض أو تريّث في الفائدة يعيد تشكيل تدفقات الرساميل نحو الأسواق الناشئة، ومنها المغرب”.

أما سعر النفط المفترض بـ80 دولارا فيراه المحلل ذاته “تفاؤليا”، داعيا إلى اعتماد نطاق سعري (80–90 دولارا) مع توضيح الأثر المالي لكل زيادة بـ10 دولارات، لتقوية الشفافية وإتاحة هامش مناورة أكبر للحكومة. كما شدّد على ضرورة تحيين فرضية سعر الصرف دوريا، لأن تراجع قوة الدولار –في حال خفض الفيدرالي الفائدة– قد يُخفف كلفة الاستيراد؛ لكنه يضعف تنافسية الصادرات.

وخلص إيشو إلى أهمية اعتماد “تحليل متعدد الأبعاد يشمل أسعار الفائدة والنفط وسعر الصرف”؛ لأن تغيرا بنسبة 5 في المائة في أي منها قد يعيد صياغة التوازنات الكبرى”، مؤكدا أن “التنسيق بين السياسة المالية والنقدية لا يزال محدودا، رغم مرونة بنك المغرب في السنوات الأخيرة ضمن سلسلة ودورة التيسير النقدي”.

“تنسيق واستدماج”

سجل عبد الرزاق الهيري، مدير مختبر الاقتصاد والمالية بجامعة فاس، أن خفض الفائدة الأمريكية المرتقب ستكون له آثار غير مباشرة على الاقتصاد المغربي عبر قنوات التمويل وسعر الصرف والاستثمار، وإنْ كانت محدودة على المدى القريب.

وأوضح الهيري، في تصريح لهسبريس، أن تراجع العوائد الأمريكية قد يعزز جاذبية الأسواق الناشئة، ويفتح للمغرب فرصة استقطاب تدفقات رأسمالية إضافية، شرط تقوية تنافسيته مقارنة بالاقتصادات المنافسة.

كما دعا إلى “تعزيز التنسيق بين السياسة الميزانياتية والسياسة النقدية”، مع إعداد ثلاثة سيناريوهات دائمة: أساسي/رسمي، “متفائل في حال تحسن الظروف”، و”متشائم لمواجهة الأزمات المحتملة”.

وختم بالتنبيه إلى أن ضعف النمو واستمرار البطالة والإحساس المرتفع بالتضخم تفرض على الحكومة اعتماد فرضيات واقعية مبنية علميا، تستوعب المخاطر المرتبطة بالجفاف وتقلبات الأسعار وتباطؤ النمو لدى شركاء المغرب الاقتصاديين.

وبخصوص “قرارات الفيدرالي فإن لها آثارا قوية على الاقتصادات الوطنية الأخرى؛ بما فيها المغرب بحكم أن القرار سيؤثر بشكل غير مباشر على الفرضيات الماكرو-الاقتصادية لمشروع قانون مالية 2026، مسجلا أن “القناة الأساسية للتأثير هي أسعار الفائدة العالمية”، حيثُ “خفض الفائدة في الولايات المتحدة قد يدفع رؤوس الأموال إلى البحث عن عوائد أعلى في الأسواق الناشئة التي يعد المغرب من بين تلك المستفيدة المحتملة من هذه التحولات”.

وخلص عبد الرزاق الهيري إلى القول: “هذا قد يعزز احتياطي المغرب من العملة الصعبة. كما أن التأثير على سعر صرف الدرهم مقابل الدولار سيكون طفيفا. أما تدفقات الاستثمار نحو المغرب قد ترتفع نتيجة تراجع جاذبية السوق الأمريكية نسبيا”، راصدا أن “الاستفادة مشروطة بتفوق جاذبية الاقتصاد المغربي مقارنة بالاقتصادات المنافِسة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا