أكد الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن “عجز الميزانية يتوقع أن يستمر في الانخفاض ليبلغ 3.5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام نهاية سنة 2025، مشيرا إلى أن “ما يميز ماليتنا العمومية هو قدرتها على الصمود والتكيف مع الأزمات رغم توالي الصدمات الخارجية والداخلية”.
وأبرز لقجع، في معرض جوابه على سؤال كتابي لرئيس الفريق الحركي، إدريس السنتيسي، حول “آفاق التقليص من عجز الميزانية”، أن “عجز الميزانية يظل معطى هيكلياً في معظم الاقتصادات الصاعدة، لكونه يعكس الجهود المبذولة لتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن ما يميز ماليتنا العمومية، وفق تعبيره، هو قدرتها على الصمود والتكيف مع الأزمات رغم توالي الصدمات الخارجية والداخلية، سواء تعلق الأمر بجائحة كوفيد-19، أو الاضطرابات الجيوسياسية، أو موجات التضخم وتقلبات الأسواق الدولية”.
وأوضح لقجع أنه “بفضل المقاربة التي اعتمدتها الحكومة في مجال تدبير المالية العمومية، عرف عجز الميزانية منحى تنازلياً ملحوظا، حيث تراجع من 7,1% من الناتج الداخلي الخام سنة 2020 إلى 5,5% سنة 2021 ثم 5,4% سنة 2022 و4,3% سنة 2023، ليستقر في 3,8% عند نهاية سنة 2024، ملفتا أن “هذا التوجه انعكس إيجابا على وتيرة تطور معدل المديونية نسبة للناتج الداخلي الخام، والذي سجل انخفاضا حيث انتقل من 72,2% سنة 2020 إلى 69,4% سنة 2021 ثم إلى 71,4% سنة 2022، ليصل لـ67,7% سنة 2024”.
وأبرز المسؤول الحكومي أنه “تم تحقيق هذه النتائج بفضل التطور الكبير الذي سجلته المداخيل العادية والتي عرفت فترة انتعاش ملحوظة خلال الفترة 2021-2024، مع تسجيل زيادة فاقت 143 مليار درهم، وهو ما يعكس معدل نمو سنوي متوسط بنسبة 13%، وذلك بفضل الدينامية الإيجابية المسجلة على مستوى تحصيل المداخيل الجبائية، إذ حققت ارتفاعا يقدر بـ 101 مليار درهم أو بـ51% برسم الفترة ذاتها، ويعزى هذا الأداء الجيد، وفق تعبيره، إلى انتعاش النشاط الاقتصادي بعد جائحة كوفيد-19، فضلاً عن الآثار الإيجابية لإصلاح المنظومة الجبائية”.
ولفت لقجع أنه “من المتوقع أن يستمر عجز الميزانية في الانخفاض ليبلغ 3,5% من الناتج الداخلي الخام نهاية سنة 2025، أي بتحسن بنحو 0.3 نقطة مئوية بالمقارنة مع سنة 2024. وسيظل مستوى مديونية الخزينة شبه مستقر نسبة إلى الناتج الداخلي الخام في حدود حوالي 67% نهاية سنة 2025 على أن يبلغ عجز الميزانية نسبة 3% من الناتج الداخلي الخام على المدى المتوسط برسم الفترة 2026-2028 ومستوى المديونية أقل من 65% من الناتج الداخلي الخام ابتداء من سنة 2027 حسب آخر التوقعات المحينة.
وشدد على أن “التحكم في عجز الميزانية ليس غاية في حد ذاتها، بل هو رافعة لتحقيق التوازن الماكرو اقتصادي الضامن للاستمرارية في تمويل الأوراش الإصلاحية الكبرى التي أطلقتها الحكومة بتوجيهات الملك، والتي يأتي في مقدمتها تعميم الحماية الاجتماعية وإصلاح منظومتي الصحة والتعليم، وتحفيز الاستثمار الخاص لخلق المزيد من فرص الشغل”.
وذكر الوزير المكلف بالميزانية أن “الحكومة عملت منذ تنصيبها على بلورة وتنفيذ استراتيجية مالية متكاملة وواضحة المعالم تروم بالأساس ضمان التحكم التدريجي والمستدام في عجز الميزانية، وضبط وتيرة تطور المديونية العمومية، وتعزيز متانة واستدامة المالية العمومية”.
وحسب المسؤول الحكومي فتقوم هذه الاستراتيجية على حزمة من التدابير المترابطة والتي تستهدف بالخصوص تعزيز تعبئة الموارد الجبائية عبر توسيع الوعاء الضريبي ومحاربة الغش والتهرب وتحسين مردودية النظام الجبائي بما يكرس مبادئ العدالة والإنصاف وترشيد وتوجيه النفقات العمومية نحو الأولويات الوطنية، من خلال التحكم في النفقات القابلة للتقليص وتحسين نجاعة السياسات العمومية”..
كما تروم الاستراتيجية “إعادة توجيه الهوامش المالية المتاحة لتمويل الأوراش الكبرى ذات الأثر المباشر على التنمية، وفي مقدمتها تنزيل ركائز الدولة الاجتماعية كما أرادها الملك محمد السادس، لاسيما فيما يخص تعميم نظام الحماية الاجتماعية وإصلاح المنظومتين الصحية والتعليمية، وكذا دعم الفئات الهشة”.
ومن مضامين الاستراتيجية “تسريع وتيرة الانتقال نحو النموذج التنموي الجديد، بما يضمن انبثاق نموذج اقتصادي أكثر شمولاً واستدامة، قادر على تحفيز الاستثمار وخلق فرص الشغل وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني على المستويين الإقليمي والدولي”.
وذكر لقجع أنه “تم تتويج كل هذه الجهود المبذولة مؤخرا باستعادة المغرب لمكانته في الأسواق الدولية وتعزيز مصداقية ماليته العمومية، فبعد خفض التصنيف الائتماني للمملكة في سنة 2020 نتيجة لتبعات الأزمة الصحية العالمية، قامت وكالات التصنيف الائتماني الكبرى مثل فيتش وستاندرد آند بورز وموديز بتحسين تدريجي لتوقعاتها بشأن أداء الاقتصاد الوطني، مشيدة بالتقدم الذي حققه المغرب في مجالات الحكامة والانضباط الميزانياتي”.
وأشار إلى أن “وكالة ستاندرد آند بورز قررت رفع تصنيفه السيادي من BB/B إلى -BBB/A مع نظرة مستقبلية مستقرة، مما أتاح للمملكة استعادة وضعها كدولة ذات تصنيف استثماري فقدته إثر الأزمة الصحية. كما قامت وكالة فيتش بالإبقاء على تصنيف المغرب عند BB، مشددة على قوة الأسس الماكرو-اقتصادية والإصلاحات الهيكلية المعتمدة والجهود المستمرة والمبذولة لتنويع الاقتصاد”.
المصدر:
العمق