آخر الأخبار

هيئة النزاهة تحذر من فجوة مقلقة بين القوانين والممارسة تهدد شفافية القرار العمومي - العمق المغربي

شارك

نبه رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بنعليلو، إلى وجود “فجوة مقلقة” بين المعايير والممارسة تهدد شفافية القرار وتعيق محاربة الفساد، خلال حديثه عن التجربة الوطنية مع مؤشرات النزاهة العامة، خلال المؤتمر الإقليمي حول النزاهة العامة في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) وإفريقيا، اليوم الأربعاء بالرباط.

وأشار بنعليلو إلى مرور أيام معدودة على تقديم الهيئة لاستراتيجية عملها للسنوات الخمس المقبلة، ولخلاصات تقييمها لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، مما يجعل المؤتمر “وقفة وطنية للتقييم الذاتي، وفرصة لمساءلة السياسات والنتائج، ولقراءة المسافة بين النصوص والممارسات، وبين الالتزامات والتطبيق، وبين الطموحات والواقع من زواياه ودلالاته المتعددة”.

وأشار إلى وجود مجهود مبذول في عدد من المجالات التي تهم منظومة النزاهة العمومية بمعدلات متفاوتة، “غير أن النتائج ذاتها أكدت أن التحسن الكمي لا يوازيه بعد تحسن نوعي في الأداء الإداري، (ونضيف إليه) في الثقة العامة بالمؤسسات، مما يعني أن الانتقال من مرحلة النصوص إلى مرحلة الأثر الملموس ما زال يتطلب جهدا جماعيا مضاعفا”.

وأظهرت المؤشرات، يقول بنعليلو، أن العديد من المعايير التنظيمية في الإطار الاستراتيجي مستوفاة، لكن دون أن تصل فيها مؤشرات التنفيذ العملي إلى المبتغى المأمول، “وهو ما يبرز أن التحدي اليوم لم يعد في سن القوانين ولا في صياغة الاستراتيجيات، بل في ضمان فعاليتها العملية على أرض الواقع، وقدرتها على التأثير في سلوك المؤسسات والإدارات، وفي تملك مضامينها داخل المنظومة الإدارية العمومية، وقبل هذا وذاك في تلمس المواطن لآثارها”.

كما نبه إلى “الضعف الحاصل في إعمال بعض الأطر القانونية التي تشكل ثغرة حقيقية تهدد شفافية القرار العمومي”، وتجعله عرضة للتأثيرات غير المشروعة وتضارب المصالح، معتبرا أن الأمر يكشف عن فجوة مقلقة بين المعايير والممارسة، وعن حاجة ملحة إلى تطوير آليات مراقبة فعالة، وإنفاذ صارم، وتشريع زجري متناسب مع خطورة هذه الأفعال، وملاءمة تشريعية مع مقتضيات الدستور.

الملاحظة نفسها، يضيف بنعليلو، تتكرر في ميدان الشفافية والحق في الحصول على المعلومات، حيث إنه في مقابل مستوى مهم من الملاءمة النصية، نجد انخفاضا واضحا فيها من حيث التطبيق العملي، مما يعني أن بناء ثقافة الشفافية ما زال في بداياته، وأن النصوص تحتاج إلى من يفعلها لا إلى من يزين بها ترسانته التشريعية، بحسب تعبيره.

“فلا تزال بعض الإدارات تتعامل مع الحق في المعلومة كاستثناء، ومع النشر الاستباقي كمبادرة تطوعية لا كواجب مؤسساتي، فضلا عن عدد من النواقص التي تحد من الأثر العملي لهذا القانون وتجعل تطبيقه بعيدا عن روحه الأصلية التي تقوم على إشاعة ثقافة الانفتاح والمساءلة”، يقول المسؤول ذاته.

وأشار إلى وضوح الملك عندما حذر من اختزال الفساد في بعده الأخلاقي وحده وأكد أن: “(…) الفساد ينطوي (…) على عبء اقتصادي يلقي بثقله على قدرة المواطنين الشرائية، لا سيما الأكثر فقرا منهم، (…) وعلاوة على ذلك يساهم الفساد في الانحراف بقواعد الممارسة الديمقراطية، وفي تقويض سيادة الحق والقانون، كما يؤدي إلى تردي جودة العيش (…) وانعدام الأمن”.

وشدد على أن ترجمة هذا “الوعي الملكي العميق بطبيعة الفساد يقتضي منا جميعا أن نجعل من مكافحته شرطا للتنمية، وأساسا لبناء العدالة الاجتماعية، وضمانا لتكافؤ الفرص”، معتبرا أن المعركة ضد الفساد هي أكثر من مجرد معركة أخلاقية، بل هي في جوهرها معركة من أجل سيادة القانون وكرامة المواطن.

وخلص إلى أن التطور الحقيقي لا يقاس بعدد النصوص ولا بعدد المشاريع المعلنة، بل بمدى قدرتها على تغيير السلوك الإداري وترسيخ ثقافة الإنصاف والشفافية في ممارسة السلطة العمومية.

“ولأن محاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع معا، كما جاء في الخطاب الملكي السامي، فالدولة بمؤسساتها ملزمة بتفعيل الآليات القانونية لمحاربة هذه الظاهرة وتجريم كل مظاهرها، والمجتمع بكل مكوناته مدعو إلى رفضها وفضحها والانخراط في جهود مكافحتها”، يقول المتحدث.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا