أكد عادل البيطار، عضو فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026 تشكل لحظة دستورية وسياسية بامتياز، باعتبارها تأتي في السنة الأخيرة من الولاية الحكومية الحالية، وهي مناسبة لتقييم الحصيلة الحكومية خلال أربع سنوات، ورصد ما تحقق من التزامات وما تبقى من تحديات أمام استكمال تنفيذ البرنامج الحكومي والمرجعيات الدستورية والقانونية والتنظيمية المؤطرة له.
وأوضح البيطار، خلال مداخلته خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، بلجنة المالية ولاتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، أن هذه المحطة تعد مناسبة للوقوف على منسوب التجاوب الحكومي مع انتظارات المواطنين، وخاصة الفئات الشابة التي عبّرت، من خلال حركات اجتماعية سلمية، عن مطالب مشروعة تعكس وعيا سياسيا وثقافيا متقدما، ورؤية جديدة لمغرب العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
وأضاف أن حزب الأصالة والمعاصرة لطالما اعتبر هذه التعبيرات الشبابية مؤشرا إيجابيا على نضج النقاش العمومي، داعيا إلى عدم اختزالها في نزعات احتجاجية عابرة، بل التعامل معها باعتبارها رصيداً ديمقراطياً ينبغي تطويره. وفي رده على من ربط بين تنامي الحركات الاحتجاجية وفشل الحكومة، شدد البرلماني على أن الاحتجاجات ليست مؤشرا على الإخفاق، بل على الحيوية السياسية والاجتماعية للمجتمع، مذكرا بأن المغرب عرف موجات احتجاجية أكبر في ظل الحكومات السابقة، مثل احتجاجات الريف وجرادة، وكذا الإضرابات الواسعة لأساتذة التعاقد.
وفي هذا السياق، ذكر بموقف رئيس الحكومة السابق سنة 2012 في إشارة لعبد الإله ابن كيران، حين أعلن أن حكومته وحدها تملك الشرعية وأن الحركات الاحتجاجية لم تعد مقبولة، قبل أن يعود بعد 13 سنة ليصف “الربيع العربي” بدورة عابرة قد تعود مجددا. وقال البيطار: “الاستقرار في بلادنا لا يقوم على حزب أو حكومة، بل على مؤسسات قوية، وعلى الدور الدستوري لصاحب الجلالة الذي نص عليه الفصل 42 كضامن لاستقرار الدولة وصيانة الاختيار الديمقراطي وحقوق المواطنين.”
واعتبر المتحدث أن الديمقراطية عملية تراكمية طويلة الأمد لا تبنى في ولاية أو ولايتين، بل عبر نضال سياسي ومجتمعي مستمر، مضيفا أن الاحتجاج السلمي اليوم أصبح تعبيرا عن نضج سياسي واجتماعي، ووسيلة حضارية للتعبير عن المطالب دون عنف، في وقت باتت فيه المعارضة تنتقل من الأحزاب إلى الشارع، ما يتطلب من الأحزاب والمؤسسات إصغاء أعمق لهذه الديناميات.
وفي هذا الإطار، دعا البيطار إلى إدماج فعلي للشباب في العمل السياسي والمؤسساتي، منتقدا استمرار تهميشهم داخل الهياكل الحزبية ودوائر القرار، ما اضطر الدولة – حسب قوله – إلى تعديل القوانين التنظيمية لتمكين الشباب من الترشح للانتخابات دون انتماء حزبي، مؤكدا أن هذا الوضع يعكس أزمة في الوساطة الحزبية، ويستدعي تجديد النخب وإعادة الثقة في المؤسسات السياسية.
وبخصوص مشروع قانون المالية، شدد النائب عن الأصالة والمعاصرة على أنه يجب أن يشكل لحظة صدق سياسي لتقييم الحصيلة الواقعية لما أنجزته الحكومة خلال ولايتها، مبرزا أن الأرقام والمؤشرات الماكرو-اقتصادية أظهرت تقدما في بعض القطاعات الحيوية، لكن ما زالت هناك اختلالات هيكلية في الصحة والتعليم والتشغيل تتطلب إصلاحات جذرية.
وأوضح البرلماني أن الحكومة تفاعلت مع التوجيهات الملكية، لاسيما تلك الواردة في خطاب العرش الأخير، من خلال إدخال تعديلات جوهرية على توجهاتها المالية والاقتصادية، غير أن المرحلة المقبلة تفرض تعزيز الانسجام الحكومي وتفعيل الالتزامات الاجتماعية المعلنة.
كم أشار إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 ليس مجرد وثيقة تقنية للأرقام، بل هو امتحان سياسي حقيقي لمدى قدرة الحكومة على الوفاء بتعهداتها الاجتماعية والاقتصادية، داعيا إلى جعل السنة الأخيرة من الولاية الحكومية محطة لتقييم الأداء وتكريس مبادئ الشفافية والمسؤولية وربط القرار العمومي بمطالب المواطنين، وفي مقدمتهم الشباب الباحث عن الكرامة وفرص الحياة الكريمة.
المصدر:
العمق