أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة، أثناء مرافعته اليوم الثلاثاء، أن الأحداث التي عرفتها مدينة العرائش تزامنا مع احتجاجات حركة “جيل زيد”، انطلقت بمطالب اجتماعية سلمية تدعو إلى تحسين قطاعي الصحة والتعليم، غير أن بعض الأشخاص استغلوا انشغال قوات الأمن بتأمين الوقفة السلمية، لينفذوا أعمال تخريب وإضرام النار في الممتلكات العامة والخاصة، وهي أفعال يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة تصل إلى 20 سنة.
وأوضح ممثل النيابة العامة أن المحاضر المنجزة في الملف موثقة ومتنوعة، وتشمل محاضر الإيقاف والاستماع والتلبس، مضيفا أن عددا من عناصر الأمن تعرضوا للرشق بالحجارة وأدلوا بشهادات طبية تثبت إصابتهم، كما تمت معاينة منشآت عمومية ووكالة بنكية تابعة للبنك الشعبي تعرضت للتخريب، وأبرز أن “من يخرج إلى الشارع العام وهو مقنع لا يمكن أن تكون نيته سلمية”، مشددا على أن بعض الموقوفين تم حفظ ملفاتهم لعدم كفاية الأدلة، فيما ضُبط آخرون في حالة تلبس بأحياء مختلفة بالعرائش.
وطالب الوكيل العام للملك هيئة الحكم بإصدار أحكام رادعة وتشديد العقوبات في حق المتورطين، قائلا: “لن نسمح لقلة بأن يجعلوا المواطنين يعيشون بدون أمن واستقرار، فهذه الخسائر هي أموال دافعي الضرائب وأموال الدولة”.
وخلال الجلسة ذاتها، بدأت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بطنجة مناقشة الملف الذي يتابع فيه 17 متهما على خلفية هذه الأحداث، حيث تقدم دفاع المتهمين بدفوع شكلية اعتبر فيها أن محاضر الضابطة القضائية باطلة، نظرا لغياب أدلة كافية أو تسجيلات توثق للوقائع، واعتماد الملف على شهادة ضابط شرطة فقط، وقدّم المحامون أقراصا مدمجة كأدلة براءة، غير أن الوكيل العام ردّ بأن المحكمة غير مجهزة لعرض الفيديوهات، ما أثار احتجاج الدفاع الذي اعتبر ذلك إخلالا بمبدأ المحاكمة العادلة.
وبعد المداولة، قررت هيئة الحكم ضمّ الملتمس إلى جوهر الملف بعد استنطاق المتهمين وسماع المرافعات، وخلال الاستنطاق، واجه القاضي المتهمين بالوقائع المنسوبة إليهم، والتي أنكرها معظمهم، مؤكدين أن وجودهم بالشارع كان بمحض الصدفة ودون مشاركة في أعمال التخريب، فيما أشار بعضهم إلى أن أقوالهم في محاضر الشرطة لا تعكس ما صرحوا به فعليا.
من جانبه، أوضح هشام الفاسي، محامي المديرية العامة للأمن الوطني، أن حركة “جيل زيد” مشروعة ومطالبها الاجتماعية مفهومة، غير أن مجموعة أخرى من الأشخاص الملثمين ظهرت ليلا بعد انتهاء الوقفة، وبدأت برشق عناصر الأمن بالحجارة والتسبب في خسائر مادية، مشددا على أن تدخل الشرطة لم يتم إلا بعد الاعتداء على الممتلكات العامة.
وأضاف أن مؤسسة الأمن “مواطِنة وتحمي جميع المواطنين”، مشيرا إلى أن ظهور صور وفيديوهات للمخربين أسهم في حملات مغرضة ضد الشرطة من جهات معادية للوطن، مؤكدا أن عشر سيارات تابعة للأمن تعرضت للتخريب قُدرت خسائرها بنحو 30 ألف درهم، وطالب بتعويض قدره 200 ألف درهم لفائدة المديرية العامة للأمن الوطني.
ويتابع قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بطنجة المتهمين بتهم تتعلق بـ”التخريب في جماعات باستعمال القوة، وتعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة، وإلحاق خسائر مادية بملك الغير، وإهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم بواسطة الضرب والجرح، والعصيان، والمشاركة في كل ذلك، وإضرام النار في ناقلة ومحاولة ذلك”.
المصدر:
العمق