طمأن وزير العدل عبد اللطيف وهبي النواب والمواطنين بشأن الأثر المالي لمشروع تعديل قانون تعويض ضحايا حوادث السير، مؤكدا أن رفع قيمة التعويضات لن يحدث أي زيادة في أقساط التأمين التي يتحملها المواطنون، وهو ما يمثل رسالة طمأنة مهمة في ظل المخاوف التي راجت حول إمكانية تحميل المستهلكين كلفة الإصلاحات الجديدة.
وأوضح الوزير اليوم الثلاثاء أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان، خلال مناقشة مشروع القانون رقم 70.24 بمثابة قانون يتعلق بتعويض المصابين في حوادث تسببت فيها عربات برية ذات محرك، أن هذا المشروع، الذي يأتي لتعديل وتحديث ظهير 2 أكتوبر 1984 بعد أكثر من أربعين سنة من الجمود، تم الإعداد له في إطار رؤية متكاملة، وبتشاور موسع مع شركات التأمين وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن النقاشات التي دارت بين وزارة الاقتصاد والمالية وشركات التأمين كانت صريحة، وقد توصلت الوزارة من خلالها إلى التزام واضح من هذه الشركات بعدم الرفع من أقساط التأمين بالرغم من ارتفاع التعويضات الممنوحة للضحايا وذويهم.
وأشار وهبي إلى أن وزارة المالية كانت شريكة أساسية في هذا التوجه، حيث ساعدت على التنسيق مع شركات التأمين ومراقبتها بشكل مباشر لضمان ألا تتحول هذه الإصلاحات إلى عبء إضافي على المواطن.
كما أكد أن الإصلاحات المقترحة – وعلى رأسها رفع الحد الأدنى للتعويضات بنسبة تصل إلى 54%، بحيث يرتفع من 9270 درهماً حالياً إلى 14270 درهما، وتوسيع قاعدة المستفيدين لتشمل فئات لم تكن مشمولة من قبل – جاءت استجابة لواقع اقتصادي واجتماعي تغير كثيراً منذ الثمانينات، ولا يمكن الاستمرار في تجاهله.
في هذا السياق، اعتبر وزير العدل أن الحفاظ على توازن المنظومة – أي تعزيز حقوق الضحايا دون الإضرار بقدرة شركات التأمين على الاستمرار، ودون إثقال كاهل المواطنين – كان هو الهاجس المركزي في كل مراحل إعداد النص.
وأضاف أن كل التدابير المالية المصاحبة، سواء المتعلقة بمراجعة الحدين الأدنى والأقصى للأجر المحتسب في التعويضات، أو المتعلقة بالآجال والمساطر، تم إعدادها بروح المسؤولية والتوازن، وليس من منطلقات شعبوية أو إرضائية.
وشدد وهبي على أن الدولة لا تسعى إلى التضييق على شركات التأمين أو إنهاكها مادياً، بل إلى تحديث الإطار القانوني بما يحقق العدالة لفائدة الضحايا، الذين غالبا ما يجدون أنفسهم في أوضاع اجتماعية مأساوية دون تعويضات كافية أو منصفة.
وأضاف المسؤول الحكومي أن المشروع الجديد يسعى كذلك إلى تجاوز إشكالات واقعية عديدة ظل يطرحها القانون الحالي أمام المحاكم، والتي أثرت سلباً على فعالية وشفافية منظومة التعويض.
كما أكد على أن هذا الإصلاح سيكون أحد الأعمدة التي تعزز دولة القانون، وتكرّس العدالة الاجتماعية في المغرب، دون أن ينعكس سلباً على جيب المواطن، وهي معادلة دقيقة، قال إنها لم تكن سهلة، لكنها أصبحت ممكنة بفضل العمل التشاركي بين وزارة العدل، وزارة المالية، الفاعلين القضائيين، وشركات التأمين.