في خطوة استراتيجية ترسم ملامح مغرب 2026، أقر المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس، التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، مقدما خارطة طريق متكاملة تهدف إلى تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، مع تعزيز غير مسبوق لأسس الدولة الاجتماعية.
وتستند هذه الرؤية على أساس اقتصادي يتوقع أن يحقق الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 4.8%، مدعوما بالتحكم في التضخم وعجز الميزانية، مما يوفر مناخا مواتيا لتنفيذ الأوراش الكبرى.
ولتحقيق هذا الطموح الاقتصادي، يضع المشروع الاستثمار الخاص في قلب المعادلة، معولا على تسريع التنزيل الفعلي لـ “ميثاق الاستثمار” كرافعة أساسية لاستقطاب الرساميل الوطنية والأجنبية.
وفي نفس السياق، يبرز تفعيل “عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر كرهان استراتيجي لجعل المملكة فاعلا رئيسيا في سوق الطاقات المتجددة العالمية، بما يضمن للمغرب موقعا متقدما في اقتصاد المستقبل ويفتح آفاقا واعدة للتنمية المستدامة.
وبشكل موازٍ، ولضمان توزيع عادل لثمار النمو، يولي المشروع عناية خاصة للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، باعتبارها قاطرة أساسية لخلق فرص الشغل.
ولهذه الغاية، سيتم إطلاق آلية جديدة ومبتكرة لتقديم الدعم المالي والتقني لهذه المقاولات، بهدف تعزيز قدرتها التنافسية وتشجيعها على الاستثمار في مختلف جهات المملكة، بما يساهم في تحقيق العدالة المجالية وتقليص الفوارق بين المناطق.
وفي رؤية متكاملة تربط النمو الاقتصادي بالرفاه الاجتماعي، تم تخصيص غلاف مالي تاريخي يبلغ 140 مليار درهم لقطاعي الصحة والتعليم، مدعوما بإحداث أكثر من 27,000 منصب شغل بهما.
وتهدف هذه الدفعة القوية إلى تحسين جودة الخدمات العمومية، وتأهيل البنى التحتية الصحية والتعليمية، والاستجابة لتطلعات المواطنين في الحصول على خدمات تليق بهم.
وعلى صعيد دعم القدرة الشرائية للأسر، سيتم إقرار زيادة ملموسة في قيمة إعانات الأطفال الشهرية تتراوح بين 50 و100 درهم، وذلك ضمن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر الذي يستهدف 4 ملايين أسرة.
كما سيشمل هذا الورش الاجتماعي تفعيل الإعانات الخاصة بالأطفال اليتامى والمهملين، ومواصلة دعم اقتناء السكن الرئيسي، مما يعزز شبكة الأمان الاجتماعي ويحصن الفئات الهشة ضد التقلبات الاقتصادية.
وتعزيزا لهذا النهج المتكامل، سيواصل المغرب تنفيذ إصلاحاته الهيكلية الكبرى، بما في ذلك تسريع ورش إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، ومواصلة تحديث المنظومة القضائية لتعزيز جاذبية بيئة الأعمال.
ويأتي تعيين طارق الصنهاجي على رأس الهيئة المغربية لسوق الرساميل، كتتويج لهذا التوجه، بهدف تقوية حكامة القطاع المالي، وهو ما يتماشى مع الرؤية الشاملة التي ترسم ملامح اقتصاد مغربي أكثر تنافسية ومرونة واستدامة.