آخر الأخبار

مسودة قرار أمريكي "ثوري" لمجلس الأمن تُقر الحكم الذاتي كأساس نهائي لنزاع الصحراء - العمق المغربي

شارك

سربت مصادر دبلوماسية نسخة من مسودة قرار، يُعتقد أنها من صياغة الولايات المتحدة، تُعد منعطفا حاسما في مقاربة مجلس الأمن الدولي لنزاع الصحراء المغربية المستمر منذ نصف قرن.

واعتمدت المسودة المسربة صياغة غير مسبوقة، من خلال النص بشكل صريح على مصطلح الصحراء المغربية، مؤكدة دعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كأساس وحيد للتسوية السياسية.

وتضع المسودة، التي تمهد الطريق لتصويت مرتقب في أواخر أكتوبر 2025، خطة الحكم الذاتي المغربية كـ”إطار وحيد” و”أساس” للمفاوضات، وتحدد جدولا زمنيا ضاغطا للتوصل إلى حل نهائي، وتربط مستقبل بعثة الأمم المتحدة (المينورسو) بنجاح هذه المفاوضات.

تحول استراتيجي في لغة القرار

تُظهر المسودة، التي تحمل تغييرات جذرية مقارنة بالقرارات السابقة، تبنيا شبه كامل لوجهة النظر المغربية. ففي الفقرة الرابعة من الديباجة، يتجاوز النص لغة “الإحاطة علما” المعتادة، ليصف مقترح الحكم الذاتي المغربي بأنه “الأساس الأكثر مصداقية لحل عادل ودائم” و”الحل الأكثر جدوى”، مؤكدا أن “الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر جدوى”.

ويمثل هذا التوصيف تحولا نوعيا، حيث كانت القرارات السابقة تكتفي بالإشارة إلى “جدية ومصداقية” المبادرة المغربية، مع ذكر متوازن لمقترح جبهة البوليساريو. أما المسودة الحالية، فتذهب أبعد من ذلك، حيث تشيد بـ”قيادة الرئيس ترامب لحل النزاع” وتتبنى دعوته للأطراف لاستخدام مقترح الحكم الذاتي “كإطار وحيد للتفاوض”.

جدول زمني حاسم.. ومستقبل “المينورسو” على المحك

تنتقل المسودة من مجرد الدعوة إلى المفاوضات، إلى فرض آلية عملية وعاجلة، حيث تدعو في فقراتها الإجرائية (2 و3) الطرفين إلى “المشاركة في المناقشات دون تأخير أو شروط مسبقة، على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي”، وتحدد هدفا واضحا: التوصل إلى “حل سياسي نهائي ومقبول من الطرفين” قبل انتهاء ولاية المينورسو الجديدة في 31 يناير 2026.

والأهم من ذلك، وفق المسودة، هو الربط المباشر بين مصير البعثة الأممية ونتائج المفاوضات. ففي الفقرة الخامسة، يُطلب من الأمين العام أن يقدم توصياته بشأن “تحويل بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء أو إنهائها بناء على نتائج المفاوضات”، حيث يضع هذا البند ضغطا هائلا على الأطراف، خاصة جبهة البوليساريو والجزائر، ويلمح إلى أن المجتمع الدولي قد لا يستمر في تمويل بعثة لحفظ السلام في ظل غياب أفق سياسي واضح يتماشى مع الرؤية الجديدة للمجلس.

الدور الأمريكي المحوري

تبرز المسودة الدور القيادي للولايات المتحدة في هندسة هذا الحل. فبالإضافة إلى الإشادة بإدارة دونالد ترامب، ترحب الفقرة الخامسة من الديباجة باستعداد الولايات المتحدة “لاستضافة المفاوضات”، مما يعزز مهمة المبعوث الشخصي ستيفان دي ميستورا، ويضع واشنطن في قلب العملية التفاوضية كوسيط ومُيسّر رئيسي.

ويأتي هذا في سياق اعتراف الولايات المتحدة في دجنبر 2020 بسيادة المغرب على الصحراء، ويبدو أن هذه المسودة هي الترجمة الدبلوماسية والقانونية لذلك الموقف على مستوى مجلس الأمن.

ومن المتوقع أن ترحب الرباط بهذه المسودة باعتبارها انتصارا دبلوماسيا كبيرا وتتويجا لسنوات من العمل لإقناع القوى الدولية بجدوى مقترح الحكم الذاتي.

في المقابل، من شبه المؤكد أن ترفض جبهة البوليساريو والجزائر، الداعم الرئيسي لها، هذه المسودة بشكل قاطع، وستعتبرانها انحيازا ومحاولة لفرض الأمر الواقع، وتقويضا لمبدأ تقرير المصير الذي تأسست عليه بعثة “المينورسو”.

ومن شأن ذكر مبدأ “تقرير المصير” في الفقرة الثالثة من المسودة أن يثير جدلا، حيث قد يرى المغرب أنه يتحقق من خلال الحكم الذاتي، بينما تصر البوليساريو على أنه يعني الاستفتاء الذي يشمل خيار الاستقلال.

وتبقى الأنظار متجهة نحو مواقف الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن، خاصة روسيا والصين والدول الإفريقية الأعضاء، والتي قد تبدي تحفظات على لغة القرار، مما قد يفتح الباب أمام مفاوضات شاقة لتعديل النص قبل طرحه للتصويت النهائي.

ومع ذلك، فإن مجرد طرح هذه المسودة بهذا الشكل يعكس تغيرا عميقا في موازين القوى الدبلوماسية حول هذا النزاع الذي عمر قرابة نصف قرن.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا