قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن “روسيا شريك موثوق وبناء بالنسبة للمملكة المغربية، وجلالة الملك محمد السادس يكن تقديرا خاصا متبادلا لفخامة الرئيس فلاديمير بوتين”، مضيفا: “سيكون، بحلول السنة المقبلة، قد مر عقد من الزمن على التوقيع على مذكرة الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين البلدين، وستكون مناسبة للاحتفاء بما حققناه”.
وأشار بوريطة في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الخميس بموسكو، إلى “زيارة الملك محمد السادس إلى روسيا في سنة 2016، حيث تم التوقيع على 16 اتفاقية كلها دخلت حيز التنفيذ”، مؤكدا أن “العلاقات بين البلدين تطورت في مختلف المجالات، ومنها المجال السياحي، حيث ستكون هذه السنة استثنائية في توافد السياح الروس على المغرب”.
وأوضح المسؤول الدبلوماسي ذاته أن “الخطوط الملكية المغربية فتحت خطوطا مباشرة بين الدار البيضاء والعاصمة موسكو، وهناك حاليا سبع رحلات أسبوعيا، وقريبا سيتم فتح خط جديد بين الدار البيضاء ومدينة سانت بطرسبرغ لتعزيز الحركية السياحية بين البلدين”.
وتابع قائلا: “علاقاتنا قوية على مستوى الحوار السياسي؛ إذ ننسق في المنتديات الإقليمية والدولية، واليوم وقعنا على مذكرة تفاهم لهيكلة وتنظيم المشاورات السياسية لكي تصبح أكثر انتظاما، لأننا نعتبر أن روسيا فاعل مهم على الساحة الدولية كعضو دائم في مجلس الأمن وكفاعل مؤثر في مجموعة من القضايا الدولية. وبالتالي، فإن الحوار بيننا ستكون له نتائج إيجابية”، مشددا في الوقت ذاته على أن “تطوير هذه المشاورات الثنائية ليس ضد أي أحد، بل يهدف أساسا لتعزيز السلم والاستقرار في العالم”.
وأضاف: “في المنطقة العربية وفي إفريقيا، تلعب روسيا أدوارا مهمة، والمغرب أيضا له أدوار في هذه المناطق. وبالتالي، فإن حوارنا سيجعلنا نشتغل لتقريب وجهات النظر لتعزيز الاستقرار فيها، وغدا ستنعقد الدورة الثامنة للجنة المغربية الروسية المشتركة وستكون مناسبة للحديث حول العلاقات الاقتصادية وكيفية تطويرها، حيث سيتم أيضا التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات”.
وشدد على أن “هذه اللجنة المشتركة هي آلية مهمة تسمح بتطوير علاقاتنا في مجالات وقطاعات عديدة كالفلاحة والصيد البحري، وستكون اجتماعات غد مناسبة للبحث في تعزيز هذه الآلية وتطويرها”، مبرزا أن “السنة المقبلة سنستغلها لإعطاء إشعاع أكبر للعلاقات الثنائية من خلال تنظيم زيارات متبادلة بين المسؤولين وإقامة أنشطة ثقافية في روسيا والمغرب للتعريف بعمق هذه العلاقة التي تعود إلى القرن الـ18”.
وسجل بوريطة أن “المغرب وروسيا تربطهما 188 اتفاقية تشمل مختلف المجالات، وهذه من أغنى الأطر القانونية التي تربط بين المملكة ودول أخرى، وهي عنصر مهم في علاقاتنا الثنائية التي نحتاج إلى تشجيع فاعلين آخرين للرقي بها كرجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين”.
وفي ما يتعلق بقضية الصحراء، أكد وزير الخارجية المغربية أن “روسيا تترأس حاليا مجلس الأمن الدولي الذي يستعد لمناقشة هذا الملف، ونحن نتفق أن الحلول لتسوية هذا النزاع يجب أن تكون مطابقة لمبادئ القانون الدولي، ولكن متفقون أيضا على أن هذه المبادئ لا يمكن استغلالها أو تأويلها بشكل يعرقل التقدم نحو حل هذا النزاع الذي استمر لخمسين سنة، وحان الوقت للأخذ بعين الاعتبار الدينامية التي يشهدها هذا الملف على المستوى الدولي، خاصة مع تغيير مجموعة من الدول مواقفها تجاه هذه القضية”.
وأضاف: “روسيا فاعل في هذا الملف كعضو دائم في مجلس الأمن ورئيس حال له، وسوف نستمر في نقاشنا حول هذا الموضوع في الأيام المقبلة”.
وحول الأوضاع في الشرق الأوسط، قال بوريطة: “نحن نثمن ما قام به ترامب في إقامة وقف إطلاق النار وإيقاف الاقتتال والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، ونتمنى أن تحترم كل الأطراف بنود هذا الاتفاق الذي سيسمح بفتح آفاق لحل سياسي عادل ودائم للقضية الفلسطينية”.
وخلص إلى أن “جلالة الملك محمد السادس، ومن منطلق رئاسته للجنة القدس، يعتبر أن حل الدولتين هو الإطار الوحيد للسلام، الذي سيفضي لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية، لأنه بدون حل جوهر القضية لن يكون هناك سلام ولا استقرار في الشرق الأوسط”.