اتهم المكتب النقابي لقطاع الماء التابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، المديرية العامة لهندسة المياه بـ”تعطيل الحوار الاجتماعي” و”التضييق على الحريات النقابية”، داعيا وزير التجهيز والماء إلى التدخل العاجل لتصحيح الوضع ومعالجة الملفات المتراكمة داخل المديرية.
وفي رسالة وجهت إلى الوزير، أكدت النقابة أن المديرية العامة لهندسة المياه “تعيش عزلة تامة عن دينامية الحوار الاجتماعي القطاعي”، مشيرة إلى أن عددا من الملفات العالقة لم تجد طريقها إلى الحل منذ أكثر من سنة، رغم وعود سابقة تم الاتفاق بشأنها مع المدير العام السابق خلال اجتماع فبراير 2022.
وأضافت النقابة أن “العديد من المراسلات الرسمية الموجهة إلى الإدارة ظلت دون أي جواب أو تفاعل”، مشيرة إلى أن ذلك “يعكس غياب الإرادة في معالجة الإشكالات اليومية التي يواجهها الموظفون، خصوصا في ما يتعلق بالتعويضات، والمطعم، والتجهيزات، وظروف العمل”.
وحسب الوثائق التي حصلت عليها “العمق”، فقد وجه المكتب النقابي ما لا يقل عن تسع مراسلات رسمية خلال الفترة الممتدة بين مارس 2024 ويوليوز 2025 إلى المدير العام لهندسة المياه والكاتب العام للوزارة، تناولت مواضيع مهنية واجتماعية اعتبرها ذات أولوية بالنسبة للعاملين بالقطاع.
وتوزعت هذه المراسلات بين ملفات تهم تطبيق الحريات النقابية، وتوفير التسهيلات النقابية، وتعويضات آخر السنة، إضافة إلى قضايا مرتبطة بـالاكتظاظ بحافلات النقل الجماعي، ومطعم الإدارة، والتعويضات بالمديرية. كما شملت أيضا مواضيع تتعلق بـالمذكرات الاستشارية بالمديرية العامة وإعادة هيكلة قطاع الماء وتجهيز المكاتب بالمكيفات.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن هذه المراسلات، التي تعاقبت تواريخها بين مارس 2024 ويوليوز 2025، تعكس تراكم انشغالات المهنيين ورغبتهم في تحسين ظروف العمل وضمان عدالة توزيع التعويضات والامتيازات داخل الإدارة.
وأظهرت الوثيقة أن أغلب هذه المراسلات لم تتلق أي جواب رسمي، بينما تراجعت بعض المضايقات بعد مراسلات متكررة “لكنها عادت بطريقة أخرى”، حسب تعليقات المكتب النقابي في ملاحظاته المرفقة.
ووفق مصادر نقابية تحدثت إلى جريدة “العمق”، فإن الوضع داخل قطاع الماء يعكس مفارقة واضحة بين الخطابات الرسمية التي تتحدث عن مشاريع ضخمة، وواقع الكفاءات التي تشرف فعليا على تنفيذها، موضحة أن الوزير نزار بركة تحدث عن 155 سدا في أفق سنة 2027 وعن دينامية غير مسبوقة في مشاريع الماء، لكن في المقابل تعيش الكفاءات التي تشتغل على هذه الأوراش أوضاعا مهنية صعبة، وتراكمت ملفاتها ومشاكلها دون معالجة حقيقية.
وأضافت المصادر أن الوضع يطرح سؤالا حقيقيا حول من سيقوم بتنفيذ هذه المشاريع الضخمة، المنتهية والقادمة، خاصة في ظل موجة طلبات الإعفاء من المسؤولية التي تشهدها رئاسة الأقسام ورئاسة المصالح بالقطاع المائي. هذه الظاهرة، حسب المصادر، تعكس تراكم الإحباط والضغط المهني على الأطر مقابل حديث الوزير عن المشاريع الكبرى.
وشددت النقابة على أن الأوضاع الحالية داخل المديرية “أنتجت حالة من الإحباط وفقدان الثقة”، بعدما تكرست فوارق كبيرة في التعويضات والامتيازات، مما دفع عددا من الأطر إلى طلب الإعفاء أو مغادرة الإدارة. وطالبت بإجراء افتحاص مالي شامل لآلية تدبير التعويضات، معتبرة أن “غياب العدالة في التحفيز يضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص داخل المؤسسة”.
كما نبه المكتب النقابي إلى أن استمرار التضييق على المنخرطين النقابيين يشكل “خرقا صريحا للمذكرات الوزارية المنظمة للعمل النقابي”، داعيا إلى فتح حوار اجتماعي جاد ومسؤول، يضمن الحقوق النقابية ويحافظ على كرامة الموظفات والموظفين.
وشدد المكتب النقابي على أن “الحقوق تُنتزع ولا تُمنح”، داعيا الأطر والعاملين إلى “الاستعداد لخوض كل الأشكال النضالية المشروعة من أجل إنصافهم ووضع حد للاستهتار الإداري داخل المديرية العامة لهندسة المياه”.