رسائل جوهرية متعددة تضمنها خطاب الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية من السنة التشريعية الخامسة من الولاية الحادية عشرة، اليوم الجمعة، لعل أبرزها دعوة الحكومة والبرلمان، أغلبية ومعارضة، إلى مزيد من العمل وتكثيف الجهد خلال آخر سنة من هذه الولاية.
وقال الملك: “إن السنة التي نحن مقبلون عليها حافلة بالمشاريع والتحديات، وإننا ننتظر منكم جميعا، حكومة وبرلمانا، أغلبية ومعارضة، تعبئة كل الطاقات والإمكانات، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين”.
وتابع: “فكونوا، رعاكم الله، في مستوى الثقة الموضوعة فيكم، وفي مستوى الأمانة الملقاة على عاتقكم، وما تتطلبه خدمة الوطن من نزاهة والتزام ونكران الذات”.
ودعا أيضا أعضاء مجلس النواب، على الخصوص، إلى “تكريس السنة الأخيرة للعمل بروح المسؤولية، لاستكمال المخططات التشريعية، وتنفيذ البرامج والمشاريع المفتوحة، والتحلي باليقظة والالتزام في الدفاع عن قضايا الوطن والمواطنين”.
ويرى مراقبون أن “هذا التوجيه الملكي يبقى ضروريا، على اعتبار أن السنة الأخيرة من كل ولاية حكومية وتشريعية تدخل في متاهات سياسية معقدة، سواء داخل الحكومة أو في علاقتها مع البرلمان، وذلك في ظل سيطرة الهواجس السياسية والانتخابية على عملهما، الذي يجب أن يظل ملازما لمسار الأوراش التنموية الكبرى”.
محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية، قال إن “الملك محمدا السادس اعتبر، مبدئيا، أن الحكومة ليست المسؤول الوحيد عن كل ما يتعلق بالأوراش الوطنية، بل البرلمان أيضا، ولذلك خصهما بالتوجيه الذي جاء في خطابه بخصوص تدبير السنة الأخيرة من الولاية الحالية”.
وأكد الغالي، في تصريح لهسبريس، أن “الملك وجّه الأغلبية والمعارضة، ضمنيا، إلى تجنب كل ما من شأنه أن يؤثر سلبا على سير السياسات العمومية والأوراش الكبرى خلال السنة الأخيرة من عمر الولاية الحكومية”، مبرزا أنه “شاطرهما المسؤولية بشكل كامل”.
وذكر المتحدث ذاته أن “الدافع لذلك هو كوننا، رسميا، ندشّن آخر سنة من عمر الولاية الحكومية الحالية، وهو ما استدعى التعبير عن الثقة في المؤسسات القائمة، بما فيها التشريعية، والتي تم تقدير العمل الذي تقوم به”.
وبحسب المصدر نفسه، فإن “الخطاب الملكي لم يغفل التأكيد على الاهتمام، في الآن ذاته، بالمشاريع الكبرى من جهة، وبأوضاع المواطنين من جهة ثانية، مع التشديد على تكامل المؤسسات، وهو ما يرتبط بشكل مباشر بصلب التوجيه الذي يخص الحكومة والبرلمان”.
كريمة غراض، باحثة في العلوم السياسية والقانون الدستوري، قالت بدورها إن “الخطاب الملكي تضمّن إشارات متعددة بخصوص قضايا الوطن، مع تأكيده على دور البرلمان والأحزاب السياسية، من خلال عملها على تأطير المواطنين، انطلاقا من مسؤولية البرلماني والسياسي والحزبي، والمسؤولية المشتركة في تنفيذ السياسات العمومية”.
واعتبرت غراض، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الافتتاح البرلماني الذي أشرف عليه الملك اليوم، يتزامن مع آخر دخول سياسي لحكومة عزيز أخنوش، في ظل ترقب الانتخابات التشريعية خلال السنة المقبلة”، مبرزة أن “التوجيه لتكثيف الجهود، حكومة وبرلمانا، نابع من الإيمان بضرورة ضمان نجاعة عمل الطرفين، وضمان استمراره إلى آخر عمر كل مؤسسة”.
ومن بين أهم ما جاء في الخطاب كذلك، تسجل الباحثة في العلوم السياسية والقانون الدستوري، “التأكيد على سمو العمل البرلماني والارتقاء بالمؤسسة التشريعية، من خلال الإشارة إلى أدوارها الرئيسية في التشريع وتقييم السياسات العمومية ومراقبة عمل الحكومة”، مفيدة أيضا بأن “توجيها من هذه الطينة يبقى مهما، حتى يكون هناك تشارك بين الحكومة والبرلمان في إحقاق التنمية، ولو كان ذلك خلال الرمق الأخير من الولاية الحكومية”.