قال محمد الديش، المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل، إن الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، يمثل استمرارية لالتفاتة ملكية جريئة نحو معالجة الاختلالات المجالية والاجتماعية، بعد خطاب العرش الذي سبق بأقل من شهرين، والذي وصف فيه الوضع بـ”السريع المتسارع وغير المرضي”.
وأضاف الديش، في تصريحٍ لجريدة “العمق المغربي”، أن أي مغربي غيور لا يمكن أن يرضى مادام الفوارق المجالية ما تزال بهذا الحجم، لافتا إلى أن الخطاب الملكي قرّب كثيرا من مطالب الائتلاف المدني من أجل الجبل، التي رفعها منذ تأسيسه عام 2015، خاصة تلك المتعلقة بإنصاف المناطق الجبلية، مع ربطها أيضا بالمناطق الواحاتية باعتبار أن هذه الأخيرة تُعدّ بنّاء للمناطق الجبلية؛ فكل ما يمس الواحات ينعكس على الجبال، والعكس صحيح.
وأكد المتحدث أن من الضروري أن تُعالَج هذه الفوارق ليس كمشاريع عاجلة ومجزأة، بل من خلال سياسات فعلية ومندمجة تُصاغ وفق رؤية استراتيجية واضحة، منتقدا في السياق ذاته، آليات تنفيذ المشاريع في المناطق الجبلية، معبّرا عن أن “البيروقراطية والمساطر الإدارية تعيق وصول نتائج المشاريع إلى المواطن في القمم”.
إقرأ أيضا: الملك محمد السادس يدعو لإنصاف “المغرب العميق” وتوجيه بوصلة التنمية نحو المناطق المهمشة
كما أوضح الديش أن الأغلفة المالية غالبا ما تستهلك في مراحل متقدمة بين الرباط ومراكز الجهات، بما يترك تراكما في التأخير ويُضعف الأثر الميداني في المناطق الجبلية، مشيرا إلى أن العدالة المجالية ينبغي أن تشمل أيضا العدالة الضريبية؛ فليس من المعقول أن يدفع المواطن الجبلي نفس الضريبة التي يدفعها من يعيش في المناطق الحضرية، في حين أن كلفة المعيشة والخدمات والولوج إلى المرافق عموما أعلى تتعدد فيها الصعوبات.
وقال الفاعل المدني المهتم بقضايا مناطق الجبال إن المطلوب اليوم هو أن يُعدل النظام الضريبي بحيث تُساوى الخدمات وجودتها بين المناطق، حتى وإن ظل معدل الضريبة نفسه، وأن يكون المواطن الجبلي معاملا بإنصاف.
وعن مدى التزام الأجهزة التنفيذية والمؤسسات العامة بخلاصات الخطاب الملكي، قال المنسق إن هناك بعض التحركات التي ظهرت على شكل استشارات محلية في بعض العمالات والأقاليم والجماعات، لكنها، بحسب قوله، “استشارات شكلية” لم تنخرط بعد في مشاريع مندمجة أو في خطوات تنفيذية تُفضي إلى إحداث تغيير ملموس على الأرض.
وأضاف أن الجيل الجديد من المشاريع، كما دعا إليه جلالته، لا يُبنى إلا بمشاركة المواطنين والمواطنات، والاستجابة الفورية لحاجاتهم الأساسية، مع استدامة الاستراتيجية التنموية على المدى المتوسط والبعيد.
وطالب الديش بأن يترجم هذا الخطاب فعليا في القانون المالي لسنة 2026، عبر رسم خريطة طريق استراتيجية تُجسد العدالة الاجتماعية والتنمية الموزعة، بحيث لا تبقى الشعارات فارغة بينما المواطن الجبلي لا يرى أثرا ملموسا في مستوى التعليم، الصحة، الدخل أو التشغيل، مؤكدا أنهم سبق وأن وجهوا مذكرة لرئيس الحكومة، إلا أنهم لم يتلقوا جوابا واضحا، ويأمل أن يكون قانون المالية القادم بداية التطبيق الحقيقي لالتزامات الدولة تجاه المواطنين في الجبال.