آخر الأخبار

خبير دولي: مزاعم "انهيار" الصيد البحري المغربي مضللة والقطاع يسير وفق حوكمة رشيدة - العمق المغربي

شارك

فنَّد الدكتور محمد بادير، الخبير الدولي في علوم المحيطات والصيد البحري وتربية الأحياء المائية، بشكل قاطع ما وصفه بـ”المزاعم المضللة” التي روَّجتها منابر إعلامية حول انهيار محتمل لقطاع الصيد في المغرب، بناء على معطيات غير دقيقة واستنتاجات فضفاضة مبنية على مصالح سياسية وانتخابوية ضيقة بعيدا عن واجب الموضوعية والحياد الواجب اعتمادهما في أي حكم أو دراسة علمية، حيث قدم الخبير تشخيصا متكاملا يؤكد أن القطاع ليس فقط صامدا، بل يتمتع بإدارة علمية صارمة، ويشكل ركيزة استراتيجية للاقتصاد الوطني مع آفاق مستقبلية واعدة.

وبخبرة تمتد لأكثر من 45 عاما راكمها في العديد من البلدان وتجربة ميدانية طويلة، قدم الدكتور بادير تشخيصا متكاملا يؤكد أن القطاع ليس فقط صامدا، بل يتمتع بإدارة علمية صارمة، ويشكل ركيزة استراتيجية للاقتصاد الوطني مع آفاق مستقبلية واعدة، موضحا أن ما تم وصفه بـ”النهب المنهجي للموارد السمكية” هو تصور خاطئ، يتجاهل الإطار التنظيمي والعلمي الذي يحكم المصايد المغربية، مؤكدا أن إدارة الموارد السمكية تعتمد على بيانات دقيقة من المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، الذي يمتلك كفاءات بشرية عالية وبنية تحتية متطورة تشمل أزيد من ثلاث سفن بحثية ومراكز إقليمية موزعة على طول الساحل المغربي.

استدامة المصايد أولوية والمغرب مستمر في بناء الاقتصاد الأزرق

وأوضح الخبير الذي عمل أستاذا في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة لمدة 25 سنة، أن اللوائح المطبقة بصرامة تضمن استدامة المصايد وحماية النظم البيئية البحرية، وتشمل نظام الراحة البيولوجية لمصايد الأخطبوط، وتوسيعه ليشمل الأسماك السطحية الصغيرة، بالإضافة إلى تقسيم مناطق الصيد وتحديد مناطق واضحة للصيد التقليدي والساحلي وفي أعالي البحار لمنع التداخل والاستغلال المفرط، إلى جانب نظام حصص الصيد لكل نوع لضمان استدامة المخزونات، ونظام مراقبة صارم عبر الأقمار الصناعية، مع التنسيق المتواصل بين البحرية الملكية والدرك الملكي ووزارة الصيد لمكافحة الصيد غير القانوني، وإجراءات حماية البيئة من خلال حظر أدوات الصيد المدمرة، وتحديد حجم فتحات الشباك، وإنشاء مناطق بحرية محمية لحماية الأنواع المهددة ومناطق التفريخ.

وأكد الدكتور بادير أن بعض المخالفات تقع من قبل “أقلية من أصحاب السفن”، وهي مخالفات تبقى واردة لكن وبفضل منظومة المراقبة، والمساطر الجاري بها العمل، يتم التفاعل معها بالشكل اللازم من قبل مصالح المراقبة، مضيفا أنه بالرغم من التغيرات المناخية التي تؤثر على المخزونات السمكية عالميا، لكنها لا تقلل من نجاح استراتيجية “أليوتيس” التي انطلقت عام 2009 وشملت تحديث الأسطول، وتطوير تربية الأحياء المائية، وتنفيذ نحو 30 مخطط تهيئة يشمل المصايد الرئيسية.

كما رفض فكرة أن الاقتصاد الأزرق المغربي “يتجه نحو الانهيار”، واصفا هذه التوقعات بأنها غير منطقية وتعتمد على الإثارة السلبية. مضيفا أن المملكة المغربية ماضية في تنزيل أسس الاقتصاد الأزرق الذي لا يقتصر فقط على الصيد البحري ولكن يشمل ميادين أخرى مثل صناعة السفن، والنقل البحري التجاري والسياحي، والطاقة البحرية، إضافة إلى المعادن في قاع البحر، مبرزا أن المبادرة الملكية الأطلسية التي أطلقها المغرب لتيسير وصول الدول غير الساحلية إلى المحيطات تعزز موقع المملكة كفاعل إقليمي بارز في مجال الاقتصاد الأزرق.

قطاع الصيد البحري صمام أمان في دعم السلم الاجتماعي ومصدر عيش الآلاف من الأسر

وأشار المستشار الدولي بالأمم المتحدة والمتخصص في تطوير الصيد وتربية الأحياء المائية لمدة 20 سنة، إلى مؤشرات القوة الاقتصادية والاجتماعية للقطاع، مبرزا أن القطاع يوفر 264 ألف وظيفة مباشرة و650 ألفا غير مباشرة، ويلعب دورا حيويا في ضمان الأمن الغذائي للمملكة، كما ساهم بـ28.8 مليار درهم في الصادرات عام 2023، أي نحو 6% من إجمالي الصادرات الوطنية، مع معدل نمو سنوي للقيمة المضافة بلغ 6.7% بين عامي 2010 و2023، وتحقيق رقم معاملات قياسي في الصادرات بما مجموعه 31 مليار درهم سنة 2023.

وأكد أن توقيع اتفاقية تصدير الأسماك المغربية إلى الولايات المتحدة دليل على جودة المنتجات وكفاءة استراتيجيات التثمين والتحويل، بما يتوافق مع معايير جودة صارمة ويفتح أسواقا جديدة، مشيرا إلى أن جهود تطوير التحويل تشمل أكثر من 530 وحدة تحويل حديثة، وتخصيص 60% من المصطادات للتصنيع المحلي، وإنشاء أسواق سمك عصرية وتشجيع الابتكار لإنتاج منتجات بحرية ذات قيمة مضافة عالية.

قطاع الصيد البحري يدعم السلم الاجتماعي ويوفر رزق آلاف الأسر

وأبرز الدكتور بادير أن الاعتراف الأمريكي الأخير بمطابقة مصايد المغرب للمعايير الأمريكية يشكل “قفزة نوعية تعكس المجهودات الكبيرة التي بُذلت في مجال التثمين والجودة والرقابة”. وذلك في ظل شهادات الاعتراف المتواترة من العديد من البلدان المتقدمة والهيئات الدولية المختصة بشأن مطابقة المصايد المغربية للمعايير الدولية، سواء تعلق الأمر بالمراقبة أو المحافظة على الأصناف البحرية أو جودة المنتوج أو الترسانة القانونية أو اعتماد التدابير المتعلقة بحماية الثروة السمكية، ويذكر الخبير على الخصوص الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالولايات المتحدة الأمريكية، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الإيكات، والهيئة الأوروبية لمصايد الأسماك… إلخ، وهو ما يفسر بما لا يدع مجالا للشك جاذبية المنتجات السمكية في الأسواق العالمية وحضورها القوي.

كما أشار الدكتور بادير إلى أن الأسماك السطحية الصغيرة مثل السردين والماكريل تمثل 80% من المصطادات، وهي شديدة الحساسية للتغيرات المناخية، مُوصيا باستخدام تقنية التجميد السريع الفردي لضمان جودة المنتجات وامتثالها للمعايير الدولية، مع تعزيز العائدات من أسواق أمريكا وكندا، فيما أشاد بالجهود في إعادة بناء مخزون الأخطبوط، مُوصيا باستبدال أواني الصيد البلاستيكية بأخرى طينية صديقة للبيئة وزراعتها في المناطق البحرية المحمية لدعم التكاثر وتحسين المخزونات، وهو فعلا ما انكبت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري على تنزيله.

جميع المصايد مراقبة ونتائج ملموسة في الإنتاج والقيمة المضافة

وأشار الدكتور بادير إلى أن الجهود المبذولة على مستوى مراقبة المصايد قد مكّنت من تحقيق قفزة نوعية في محاربة الصيد غير القانوني، وغير المصرح به، وغير المنظم، وبات بلدنا يُصنَّف اليوم ضمن البلدان المتقدمة في هذا المجال، بفضل تنزيل البرنامج الوطني للمراقبة ليشمل جميع السواحل المغربية ومراقبة سفن الصيد عبر الأقمار الصناعية، حيث سجل أن التطور الإيجابي للمؤشرات المسجّلة على مستوى الإنتاج والتصدير لَخيرُ دليل على فعالية نظام المراقبة، حيث عرف الإنتاج السمكي من حيث الحجم نموا سنويا متوسطا بنسبة 1.7% بين 2010 و2023، منتقلا من 1.14 مليون طن إلى 1.42 مليون طن؛ كما عرف الإنتاج السمكي من حيث القيمة نموا سنويا متوسطا بنسبة 6.6% خلال الفترة 2010-2023، منتقلا من 6.7 مليار درهم إلى 15.2 مليار درهم؛ والصادرات من حيث القيمة نموا سنويا متوسطا بنسبة 6.7% خلال الفترة 2010-2023، منتقلة من 13.2 مليار درهم إلى 31 مليار درهم.

رقمنة المبيعات وتعزيز شبكات الأسواق برؤية متكاملة

وأشار الخبير بادير أنه لا يمكن إنكار المجهودات المبذولة على مستوى تنظيم عملية التسويق، مبرزا أن الوزارة عملت على تطوير وتعزيز تسويق وتثمين منتجات الصيد البحري من أجل تأمين تزويد الأسواق الوطنية بالسمك، حيث تمَّ تعزيز شبكات أسواق بيع السمك بالجملة، وبفضل هذه المجهودات تتوفر بلادنا اليوم على 70 سوقا للبيع الأولي بالجملة داخل الموانئ وعلى مستوى نقط التفريغ المجهزة وقرى الصيادين، منها 15 سوقا للسمك من الجيل الجديد، كما تتوفر أيضا على 10 أسواق للبيع الثاني بالجملة خارج الموانئ بالإضافة إلى سوقين في طور الإنجاز على مستوى عمالتي فاس والناظور، وهو ما يساهم في هيكلة ودعم السوق الداخلي الوطني ومحيط توزيع منتجات الصيد، فضلا عن اعتماد رقمنة المزاد العلني في 45 سوقا لبيع السمك لتحسين شفافية وظروف التسويق. كما يتم تنفيذ برنامج لإنجاز 7 أسواق قرب للبيع بالتقسيط ببعض الأقاليم بشراكة مع الجماعات المعنية لدعم رواج المنتجات السمكية وتطوير تسويقها وتشجيع الاستهلاك والحفاظ على الجودة العالية، مشيرا إلى أن هذه المجهودات هي ثمرة لاستراتيجية بعيدة المدى.

واختتم بادير تشخيصه بنبرة تفاؤل، مؤكدا أن مستقبل قطاع الصيد البحري المغربي واعد، ومشيرا إلى كفاءة القيادة الحالية للقطاع، ممثلة في كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري وفريق عملها من الأطر عالية الخبرة، كضمانة لاستدامة وتطور هذا القطاع الاستراتيجي، داعيا في الآن ذاته إلى تكريس مبادئ النقد البناء والتحليل العلمي الرصين قبل إصدار الأحكام المعدة سلفا.

يشار إلى أن الدكتور محمد بادير حاصل على شهادة دكتوراه الدولة في العلاقات الدولية سنة 1986 من جامعة ميشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية، إحدى أرقى الجامعات العالمية. كما نال شهادتي ماستر، الأولى في الصناعات السمكية بمدينة رين الفرنسية سنة 1979، والثانية (مهندس دولة) في تربية الأحياء المائية من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط سنة 1980.

وتولى خلال مساره المهني عدة مناصب، من بينها أستاذ جامعي بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، إضافة إلى عمله كخبير دولي لمدة تفوق 20 سنة، أشرف خلالها على مشاريع تنموية ناجحة في مجال المصايد السمكية وتربية الأحياء المائية بعدد من دول أفريقيا والشرق الأوسط، ضمن برامج الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة. كما درّس في جامعة مونتريال بكندا ضمن الدراسات العليا للتجارة (HEC).

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا