كشف تقرير “العطاء العالمي 2025″، الصادر عن مؤسسة المعونة الخيرية البريطانية (CAF)، عن معطيات تؤكد تجذر ثقافة العطاء في المجتمعات، خصوصا في البلدان ذات الدخل المنخفض.
وأشار التقرير إلى أن 64% من سكان العالم تبرعوا بأموالهم خلال العام الماضي، سواء بشكل مباشر للأفراد أو عبر جمعيات وهيئات مدنية، فيما اختار ربع المتبرعين دعم منظمات دينية أو قضايا مرتبطة بالدين.
اللافت في التقرير أن البلدان منخفضة الدخل سجلت معدلات سخاء مضاعفة مقارنة بالبلدان الغنية، إذ بلغ متوسط التبرع في الأولى 1.45% من الدخل السنوي، مقابل 0.70% فقط في الثانية.
كما بين التقرير أن سكان إفريقيا برزوا كالأكثر سخاء على مستوى العالم، حيث حصدت القارة ستة مراكز ضمن قائمة الدول العشر الأولى، و17 مركزا ضمن الثلاثين الأوائل، بمعدل تبرع بلغ 1.54% من الدخل، متقدمة على آسيا (1.28%) وأمريكا الشمالية (0.94%) وأمريكا الجنوبية (0.73%)، فيما سجلت أوروبا أدنى نسبة تبرع (0.64%).
وعلى مستوى الترتيب الفردي للدول، تصدرت نيجيريا القائمة بنسبة تبرع وصلت إلى 2.83%، تلتها مصر بـ 2.45%، ثم غانا والصين بنسبة متساوية بلغت 2.19%، بينما جاءت كينيا في المرتبة الخامسة بـ 2.13%. كما برزت دول عربية وآسيوية مثل أوغندا (2.04%) والهند وقطر والإمارات (1.92% لكل منها) ضمن العشر الأوائل.
وحسب التقرير فقد حلت اليابان في المرتبة الأخيرة عالميا بنسبة لم تتجاوز 0.16%، بينما سجلت ألمانيا (0.39%) وفرنسا والبرتغال (0.45% لكل منهما) وهي نسب متدنية تعكس مفارقة صارخة بين الاقتصادات المتقدمة والنامية.
أما المغرب، فقد حقق قفزة نوعية في تصنيف 2025، محتلا المرتبة 29 عالميا من أصل 101 دولة شملها التقرير، بنسبة تبرع بلغت 1.32% من دخل الفرد خلال عام 2024، ووضع هذا الأداء المملكة ضمن النصف الأعلى من المؤشر، في إشارة واضحة إلى تنامي ثقافة التضامن والتكافل الاجتماعي داخل المجتمع المغربي، رغم التحديات الاقتصادية.
ويبرز التقرير، أن أنماط التبرع في المغرب تتجه أساسا نحو الدعم المباشر للأسر المحتاجة، والزكاة عبر المساجد، إضافة إلى مساندة الجمعيات المحلية، وهو نمط سلوكي يتماشى مع توجهات القارة الإفريقية حيث يفضل نحو 87% من المتبرعين دعم المنظمات المحلية على نظيراتها الدولية.
على صعيد القطاعات المستفيدة من التبرعات عالميا، أظهر التقرير أن الأطفال والشباب استحوذوا على 29% من المساهمات، تلتهم مكافحة الفقر بـ 28%، ثم القضايا الدينية بـ 26%، والمساعدات الإنسانية بـ 24%، بينما تذيلت مجالات الفنون والثقافة والرياضة القائمة بنسبة لم تتجاوز 6%.
وأكدت المؤسسة أن نتائج التقرير تبرهن على أن الكرم لا يرتبط بالضرورة بمستوى الدخل أو حجم الاقتصاد، بل يتأثر بالقيم الدينية والاجتماعية والثقافية، ففي الوقت الذي تتراجع فيه دول صناعية كبرى في سلم التصنيف، تتقدم دول نامية بفضل تمسك مجتمعاتها بروح التكافل والعطاء.
يشار إلى أن مؤشر الكرم العالمي يعتمد على نسبة السكان المتبرعين بالمال، نسبة المشاركين في العمل التطوعي كمعايير أساسية في تقريره، وهو ما يجعله مرجعا سنويا مهما لقياس نزعة العطاء حول العالم، وتحولات السلوك الإنساني تجاه التضامن والدعم الاجتماعي.
يذكر أن مؤسسة المعونة الخيرية البريطانية (Charities Aid Foundation – CAF) هي منظمة خيرية دولية مقرها في المملكة المتحدة، وتعتبر من أبرز الهيئات المتخصصة في تعزيز العمل الخيري على مستوى العالم.