آخر الأخبار

وسط أزمة التزود.. تسربات مياه متكررة تثير غضب السكان بالبيضاء وتفضح ضعف التدبير - العمق المغربي

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

تعيش مدينة الدار البيضاء مفارقة صارخة بين الخطاب الرسمي الذي يدعو المواطنين إلى ترشيد استهلاك المياه، وبين واقع ميداني يكشف عن هدر مستمر لهذه المادة الحيوية، في وقت تواجه فيه العاصمة الاقتصادية أزمة غير مسبوقة في التزود بالماء الشروب نتيجة النقص الحاصل في الموارد المائية بسبب توالي سنوات الجفاف.

وتداول عدد من سكان البيضاء، خلال شهر شتنبر الجاري، مقاطع مصورة توثق لتسربات مائية متواصلة في أحياء مثل عين الذئاب وشارع أنفا ودرب ميلا، استمرت لعدة أيام دون أي تدخل من المصالح المختصة.

وأظهرت المشاهد التي أثارت غضب البيضاويين تدفق المياه في عدد من الشوارع طيلة 24 ساعة، في تناقض واضح مع الدعوات الرسمية الموجهة للساكنة من أجل الاقتصاد في الاستهلاك.

وتساءل عدد من المواطنين عن جدوى الحملات التحسيسية التي أطلقتها جماعة الدار البيضاء بمناسبة اليوم العالمي للماء تحت شعار “لنحافظ على هذه الثروة الثمينة في سياقات مناخية متقلبة وصعبة”، ومطالبتها للساكنة بإغلاق صنابيرها عند كل استعمال، في وقت تبقى فيه التسربات في الشوارع دون إصلاح، معتبرين أن ذلك يضعف ثقة الساكنة في جدية الشعارات المرفوعة.

وتعيش العاصمة الاقتصادية على وقع أزمة مائية مرتبطة بتراجع ملحوظ في حقينة سد المسيرة، المزوّد الرئيسي للدار البيضاء، إلى مستويات مقلقة، وهو الأمر الذي دفع السلطات إلى ربط المدينة بسد أبي رقراق ثم بحوض سبو، فضلا عن ربط جنوبها بمحطات تحلية المياه التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط..

ويرى متتبعون للشأن المحلي أن هذه الحلول التقنية تواجه تحديا موازيا يتمثل في ضعف التدبير المحلي وفقدان كميات كبيرة من المياه بسبب التسربات والبنية التحتية المتهالكة.

وأكد ذات المصدر، أن التحدي الأكبر يكمن في إرساء آليات صارمة للمراقبة والتدخل السريع لإصلاح الأعطاب، وتفعيل آليات المحاسبة بدل الاكتفاء بحملات دعائية مناسباتية، مشيرين إلى أن الماء لم يعد مجرد مورد طبيعي، بل تحول إلى قضية وجودية ترتبط بالأمن البيئي والاقتصادي للبلاد.

واعتبر متابعون، أنه لا يمكن تحميل المواطن وحده مسؤولية الأزمة عبر حملات توعوية، متسائلين عن مدى نجاح حملات الترشيد في تغيير سلوك المواطنين إذا كانت المؤسسات المسؤولة عاجزة عن وقف الهدر اليومي الذي يتم أمام أنظار الجميع؟.

وتعد أزمة الإجهاد المائي في المغرب إحدى أبرز القضايا البنيوية التي تهدد التوازن البيئي والاقتصادي والاجتماعي على حد سواء، فقد أضحت الموارد المائية تتناقص بوتيرة مقلقة، وهو ما تؤكده نسبة ملء السدود التي وصلت إلى 35.3% إلى غاية الرابع من غشت الماضي، في وقت تتزايد فيه الحاجيات المائية بفعل النمو الديمغرافي والتوسع العمراني والضغط على الفرشاة الجوفية.

وفي هذا الصدد، كشف الخبير البيئي فؤاد الزهراني، أن أزمة الماء في المغرب تعد أزمة بنيوية أكثر منها ظرفية، تتفاقم في ظل التغيرات المناخية المتسارعة وتوالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات، مما أدى إلى ضغط متزايد على الموارد المائية، خاصة على مستوى الفرشة المائية وخزانات السدود.

وأكد الزهراني، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن معدل ملء السدود، الذي لا يتجاوز 35.3%، يعد مؤشرا مقلقا يعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد في هذا المجال، مما يلزم ضرورة التفكير في حل للأزمة وهو ما اعتمد عليه المغرب من خلال البرنامج الوطني للماء الصالح للشرب 2020/2027، والذي تضمن مجموعة من الحلول المتكاملة، أبرزها اللجوء إلى تحلية مياه البحر باعتبارها خيارا استراتيجيا لتعزيز الأمن المائي، رغم تكلفتها الاقتصادية والبيئية والطاقية العالية.

ورغم أهمية مشاريع التحلية، يضيف المتحدث ذاته، فإن التصدي للأزمة المائية كما صرح الخبير، يتطلب كذلك التركيز على بدائل وحلول مستدامة، من بينها إعادة استعمال المياه العادمة بعد معالجتها، وترشيد استهلاك المياه، خصوصا في القطاعين الفلاحي والصناعي، اللذان يعدان من أكثر القطاعات استنزافا للموارد المائية، فضلا عن الحاجة إلى فلاحة ذكية ومستدامة، تقوم على ملاءمة الزراعات مع خصوصيات كل منطقة، ما من شأنه تقليص الضغط على الموارد المائية وضمان استدامة القطاع الفلاحي في ظل الظروف المناخية المتغيرة.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا