أعلن مستشارو المعارضة بمجلس مقاطعة الحي الحسني، في بيان رسمي، انسحابهم من حضور بقية أشغال الجلسة الثانية من الدورة العادية الأخيرة، واصفين الجلسة بأنها “أم المهازل”، نتيجة ما شهدوه من سلوكيات وممارسات وصفوها بـ”المسيئة لقواعد الشفافية وحسن التدبير”.
وجاء البيان الصادر عن مستشاري أحزاب العدالة والتنمية، التقدم والاشتراكية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد تسجيل مجموعة من التجاوزات خلال أشغال المجلس، من بينها: استعمال سيارات المصلحة الجماعية لأغراض شخصية من طرف بعض نواب الرئيس والأجهزة المساعدة، وتبادل اتهامات علنية بين أعضاء الأغلبية حول شبهات فساد مالي وإداري، بالاضافة إلى وجود شبهة تمويل نشاط حزبي بموارد عمومية، بحسب ما أشار إليه التقرير الذي قدمه الرئيس بموجب المادة 106 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات.
وأكد مستشارو المعارضة أن انسحابهم كان “أسمى تعبير عن رفضهم لما آلت إليه أوضاع التدبير داخل المجلس”، مشددين على أن موقفهم نابع من حرصهم على حماية المال العام والدفاع عن نزاهة المؤسسات المنتخبة.
ودعا البيان عامل صاحب الجلالة على عمالة مقاطعة الحي الحسني للتدخل العاجل وفتح تحقيق شامل ونزيه عبر المفتشية العامة للإدارة الترابية، بهدف تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية اللازمة.
واختتم المستشارون بيانهم بالتأكيد على استمرارهم في الدفاع عن حقوق الساكنة والتصدي لكل مظاهر الفساد والعبث التي تهدد التدبير المحلي، مبرزين التزامهم بخدمة المواطنين والحفاظ على الشفافية في العمل المؤسساتي.
وقال الحسن السلاهمي، عضو مجلس مقاطعة الحي الحسني، إن الجلسة الثانية من أشغال الدورة الأخيرة للمجلس كانت مبرمجة لتقديم التقرير الإخباري الخاص برئيس المقاطعة، إلى جانب مناقشة وتدارس النقاط المتعلقة بالمخصص المالي لسنة 2024، باعتباره واحدا من أهم الملفات التي تحدد توجهات المجلس وأولوياته خلال السنة المقبلة.
وأوضح السلاهمي، في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن المعارضة كانت تتطلع إلى أن تتحول هذه الجلسة إلى فضاء للنقاش السياسي الجاد والبنّاء، يسمح بطرح أفكار ومقترحات عملية قادرة على الدفع بعجلة التنمية المحلية في منطقة الحي الحسني، وتحسين ظروف عيش ساكنتها، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بالبنية التحتية والخدمات الاجتماعية والاقتصادية التي تحتاج إلى حلول واقعية.
غير أن أجواء الجلسة – يضيف السلاهمي – لم تكن في مستوى تطلعات المعارضة ولا انتظارات المواطنين، إذ فوجئنا باندلاع صراعات علنية بين مكونات الأغلبية نفسها، حيث تبادل أعضاؤها الاتهامات بالفساد وارتكاب اختلالات في التدبير، وهو ما اعتبره دليلا على وجود تصفية حسابات شخصية داخلية لا تمت بصلة إلى مصلحة المجلس ولا إلى أولويات الساكنة.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن هذه الوضعية المتشنجة، التي تكرّس صورة سلبية عن العمل الجماعي، دفعت المعارضة إلى اتخاذ قرار الانسحاب من الجلسة، في خطوة احتجاجية على ما وصفه بالعبث السياسي الذي يعيق أي إمكانية لتقديم حلول ملموسة لمشاكل المواطنين.
وأكد السلاهمي أن المعارضة ما زالت متمسكة بخيار المشاركة الإيجابية متى توفرت شروط الحوار الجاد والاحترام المتبادل، مبرزا أن هدفها الأساسي هو الدفاع عن مصالح سكان الحي الحسني، والمساهمة في بناء رؤية تنموية متكاملة قادرة على تجاوز الصراعات الهامشية التي لا تخدم إلا مصالح ضيقة.