وجّه رئيس النيابة العامة، هشام بلاوي، الوكلاء العامين ووكلاء الملك، بعدم الأمر بإصدار برقيات البحث إلا “عند الضرورة” و”توافر الأسباب القانونية”، وبالاستمرار في مراجعة البرقيات الصادرة عنهم بصفة تلقائية، مع التعجيل بإلغاء المتقادم منها ما لم تكن هناك مبررات قانونية لقطعه، وذلك في إطار حماية وصون حرية الأفراد.
وأوضح الوكيل العام للملك لدى محكمة النقص، في دورية حديثة إلى المسؤولين القضائيين المذكورين حول “حول مراجعة برقيات البحث”، أنه اعتبارا “لكون برقية البحث يتم تعميمها على مجموع التراب الوطني ويستمر مفعولها إلى حين ضبط الشخص المبحوث عنه، فإنها تعتبر بطبيعتها إجراء ماسا ومقيدا لحرية من صدرت في مواجهته؛ إذ يبقى مهددا بالإيقاف، ما يؤثر سلبا على مصالحه الشخصية والعائلية والمهنية”.
أوردت مراسلة رئيس النيابة العامة أن “هذا ما يضفي على تفعيل برقية البحث الطابع الاستثنائي”، ثم أكد بلاوي أنه “يجب ألا يُؤْمَرَ بها من قبلكم (الوكلاء العامين ووكلاء الملك) إلا عند الضرورة وفي الأحوال التي يقتضيها القانون، وذلك تماشيا مع توجهات هذه الرئاسة التي تعتبر حماية وصون حرية الأفراد من أولويات السياسة الجنائية التي تشرف على تنفيذها”.
وأكد بلاوي أن هذا الأمر سبق لرئاسة النيابة العامة أن حثت المسؤولين القضائيين المذكورين عليه، “بموجب الدورية عدد 11/س/رن ع وتاريخ 12 أبريل 2021″، مفيدا بأن الرئاسة دعت من خلالها إلى “التأكد قبل إصدار تعليماتكم بنشر برقية البحث من توفر أسباب جدية لذلك، مع القيام بمراجعة دورية لجميع برقيات البحث السارية للتحقق من استمرار موجبات الإبقاء عليها”.
وأضاف في هذا الصدد: “أدى انخراطكم الجدي في تفعيل هذه التوجيهات وتتبعكم المستمر لبرقيات البحث المحررة بمناسبة تدبير الأبحاث الجنائية، أو تنفيذا للقرارات القاضية بعقوبات سالبة للحرية أو الإكراه البدني، إلى إلغاء عدد مهم من البرقيات للتقادم أو لأسباب أخرى”.
ولفت إلى “تضمن الدليل العملي بشأن تجويد الأبحاث الجنائية المنجز من طرف هذه الرئاسة بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني وقيادة الدرك الملكي محورا خاصا بتدبير برقيات البحث”، حيث “تم خلاله وضع مجموعة من الضوابط التي يتعين عليكم احترامها، سواء عند نشر برقية البحث أو عند إلغائها، كوجوب توفر وسائل الإثبات الكافية على ارتكاب الفعل الجرمي قبل نشر البرقية وضبط لوائح الأشخاص المبحوث عنهم وتحيينها بشكل دوري، والمبادرة إلى إلغاء البرقية بشكل تلقائي بمجرد تقديم الشخص المبحوث عنه أمام النيابة العامة أو الإحالة على قضاء التحقيق أو قضاء الحكم”.
“تثمينا للجهود المبذولة، وضمانا لاستمراريتها بالنظر لما لها من ارتباط وثيق بحرية الأفراد المكفولة دستوريا”، دعا بلاوي إلى “التقيد بالضوابط القانونية التي تؤطر معالجة برقيات البحث إصدارا وإلغاء”.
وأوضح أن ذلك يتعيّن أن يتم من خلال “الاستمرار في تفعيل التعليمات الصادرة عن هذه الرئاسة بشأن تدبير برقيات البحث موضوع الدوريات الموجهة إليكم”.
وحث رئيس النيابة العامة على “الحرص على عدم اللجوء إلى الأمر بإصدار برقيات البحث إلا إذا توفرت الأسباب القانونية الداعية لها، على أن يتم نشرها بمقتضى تعليمات كتابية صادرة عنكم”، مفيدا بـ”إمكانية الإذن بتحريرها شفويا عند توفر حالة الاستعجال أو في حالة التلبس”.
كما وجّه في هذا الصدد بـ”الاستمرار في مراجعة برقيات البحث الصادرة عنكم بصفة تلقائية للتحقق من توفر موجبات الإبقاء عليها، مع التعجيل بإلغاء تلك التي طالها أمد التقادم ما لم تكن هناك مبررات قانونية لقطعه”، مشددا على “المبادرة إلى إلغاء برقيات البحث التي تم تحريرها عقب حفظ المسطرة المنجزة على ذمة البحث الجنائي أو بعد إحالة الملف على قضاء التحقيق أو قضاء الحكم وغيرها من الأسباب”.
ودعا كذلك إلى “الدراسة الفورية لطلبات إلغاء برقيات البحث المقدمة لكم مع المبادرة إلى الاستجابة لها كلما توفرت شروط ذلك”، و”التنسيق مع الشرطة القضائية العاملة بدوائر نفوذكم من أجل تحيين وحصر برقيات البحث التي توفرت أسباب إلغائها”.
وأكد رئيس النيابة العامة، في ختام توجيهاته، على “تفعيل مضامين الدليل العملي بشأن تجويد الأبحاث الجنائية ذات الصلة بتدبير برقيات البحث والذي كان موضوع الدورية الموجهة إليكم تحت عدد 03/ر ن ع س ق 1/2025 وتاريخ 05 مايو 2025”.