أثار مشروع ميزانية مقاطعة سيدي مومن بالدار البيضاء برسم السنة المقبلة جدلا واسعا داخل أروقة المجلس المحلي، بعدما تم تخصيص مبالغ مالية مهمة لفائدة أنشطة وهبات اجتماعية وُصفت بـ”غير الواضحة”، وسط مطالب متصاعدة بفتح تحقيق في أوجه صرف هذه الاعتمادات المالية، التي يرى منتقدون أنها قد تحمل في طياتها شبهة توظيف المال العام لأغراض انتخابية.
بحسب المعطيات التي تتوفر عليها جريدة “العمق المغربي”، فقد تقرر رفع الاعتماد المخصص للهبات والمعونات الاجتماعية من 20 مليون سنتيم في السنة الماضية إلى 60 مليون سنتيم هذه السنة، أي بزيادة بلغت ثلاثة أضعاف.
وأكد مهتمون بالشأن المحلي أن تخصيص هذا الغلاف المالي الكبير قد يحمل في طياته “شبهة حملة انتخابية مقنعة بغطاء اجتماعي”، مشيرين إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها المجلس اتهامات من هذا النوع، حيث سبق أن أثارت مبادرات مثل تنظيم عمليات ختان جماعية وتوزيع قفف غذائية على الساكنة، موجة من الانتقادات الحادة، بالنظر إلى غياب أي معايير واضحة لتحديد المستفيدين.
ويرى مراقبون محليون أن جوهر الإشكال لا يكمن في مبدأ دعم الفئات الهشة، بل في غياب الشفافية والوضوح بشأن كيفية اختيار المستفيدين، والمعايير التي يعتمدها المجلس لتحديد الفئات المحتاجة.
وقال يوسف سميهرو، عضو مجلس مقاطعة سيدي مومن، إن المصادقة على مشروع ميزانية المقاطعة برسم السنة المقبلة لم تمر في أجواء عادية، بل أثارت جدلا واسعا داخل المجلس، خاصة بعد أن تقرر تخصيص حوالي 40 مليون سنتيم كهبات ومعونات اجتماعية للمحتاجين، في خطوة وصفت بالمثيرة للجدل، باعتبار أن مثل هذه المبادرات سبق أن خلفت ضجة كبيرة في وقت سابق.
وأوضح سميهرو، في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن المجلس كان قد خصص خلال السنة الماضية ما قيمته 20 مليون سنتيم في نفس الباب، ليرتفع المبلغ هذه السنة إلى 60 مليون سنتيم، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول خلفيات هذا القرار وتوقيته، مضيفا أن “هذا التضخم المفاجئ في ميزانية المساعدات الاجتماعية قد يحمل في طياته شبهات تتعلق باستعمال المال العمومي في ما يشبه حملة انتخابية مقنّعة”.
وأضاف المتحدث أن هذه ليست المرة الأولى التي تُثار فيها الشكوك حول طرق صرف ميزانيات الشؤون الاجتماعية بالمقاطعة، مذكرا بأن المجلس سبق له أن نظم أنشطة مثيرة للانتقاد، من بينها عمليات ختان جماعية وتوزيع قفف غذائية على فئات من الساكنة، دون أن تتضح المعايير التي تم اعتمادها في اختيار المستفيدين.
وأردف قائلا: “المشكل لا يكمن في مبدأ دعم الفئات الهشة، بل في غياب الشفافية والوضوح حول من يستفيد، وكيف يتم تحديد حالات العجز والفقر، وما هي الضوابط التي تحكم هذه العملية”.
وأشار عضو المجلس إلى أن الغموض ما يزال يكتنف هوية المستفيدين من هذه المبالغ، إلى جانب غياب أي تقارير واضحة تبرر طريقة التوزيع أو توضح الفئات المستهدفة، مما يجعل العملية برمتها محاطة بسلسلة من الشبهات والشكوك.
وفي هذا السياق، دعا سميهرو مؤسسات الرقابة، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات وباقي الهيئات المختصة، إلى التدخل بشكل عاجل لفتح تحقيق دقيق وشامل في أوجه صرف ميزانية الشؤون الاجتماعية والثقافية لمقاطعة سيدي مومن، مؤكدا أن المال العام يجب أن يصرف وفق معايير عادلة وشفافة، وليس وفق منطق المحاباة أو استغلال الحاجة لتحقيق مكاسب انتخابية.