مع بداية كل موسم دراسي يتجدد النقاش حول اللوازم التي تحددها المؤسسات التعليمية الخاصة، إذ تفرض أغلبها نوعا معينا من الأدوات المدرسية مرتفعة الثمن، فضلا عن طلب حاجيات مثيرة للاستغراب مثل المناديل الورقية الجافة والمبللة، والأوراق الصحية وقطع الصابون، إلى جانب مستلزمات تخص المستويات الصغرى، كالمحرار والوسادة والأغطية…
ولا يقتصر الأمر على تحديد نوع الكتب والدفاتر والأدوات المدرسية ذات الجودة والثمن العالييْن، بل يمتد إلى إلزام الأمهات والآباء وأولياء أمور التلاميذ بشراء أكثر من قطعة واحدة من كل أداة، خصوصا أوراق النسخ من فئة A4، والغراء اللاصق بنوعيْه السائل والصمغي، والأقلام اللبدية المخصصة للسبورة.
ويثير هذا الوضع استياء عدد من الأسر التي تعتبر أن هذه المطالب تتجاوز ما هو بيداغوجي، وتثقل كاهلها بمصاريف إضافية، خصوصا في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها الكثيرون، حيث يجد أولياء الأمور أنفسهم أمام التزامات متزايدة لا تنحصر في أداء واجبات التسجيل والتأمين والتمدرس فحسب، بل تمتد إلى اقتناء لوازم غير ضرورية في نظرهم.
المصطفى صائن، رئيس الفيدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، قال إن “الفيدرالية دأبت على مطالبة الهيئات الممثلة لمدارس التعليم الخصوصي باعتماد لوائح لوازم مدرسية في الحد الأدنى الضروري”.
وأضاف صائن أن “الفيدرالية تدعو إلى اعتماد لوائح تراعي الحاجيات الفعلية والقدرة الشرائية للأسر، مع استحضار الغلاء الذي يطال الكتب المدرسية، خصوصا المستوردة منها”، مشيرا إلى أن “هذا المطلب وُجه أيضا إلى الوزارة الوصية قصد مراسلة هذه المؤسسات لتفادي كل أشكال التضخيم”.
وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “هذا المطلب لم يجد بعد آذانا صاغية لدى غالبية المدارس الخصوصية، بل أصبح بعضها يتنافس في التضخيم والتفخيم”، مضيفا أن “من بين الأسباب التي كرست هذه الممارسات غياب جمعيات لآباء وأمهات وأولياء التلاميذ داخل معظم هذه المؤسسات، بسبب عرقلة أصحابها تأسيسها، فضلا عن وجود مجالس للحكامة، ومجالس تربوية وتعليمية، يفترض أن تناط بها مهمة تحديد الحاجيات الفعلية لكل مستوى”.
وأضاف المصرح نفسه أن “هذا الفراغ استغلته بعض المدارس الخصوصية لفرض لوائح طويلة جدا تتضمن حاجيات لا علاقة لها بالعملية التعليمية التعلمية، وصلت في بعض الحالات إلى فرض علامات تجارية معينة غالية الثمن، وتقييد حرية أولياء الأمور في اختيار ما يناسب قدرتهم الشرائية”، مبرزا أن “هذه الأعباء الإضافية تنضاف إلى رسوم التسجيل والتأمين والدراسة وكلفة الكتب المستوردة”.
وشدد المصطفى صائن على أن “اللوائح المبالغ فيها، التي بلغت أحيانا حد طلب معطر الجو ومنظف المراحيض، تمثل ممارسات تعسفية غير مقبولة، وأضحت أشبه بالتسوق الإجباري بدل التركيز على الأساسيات”، مؤكدا أنها “لا تخدم علاقة الثقة والتعاون المفترض قيامها بين المدارس الخصوصية وأسر التلاميذ، بل تنمي شعور الاستغلال والتعسف لديهم”.
محمد الحنصالي، رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب، قال إن “نقاشا عموميا يُفتح مطلع كل موسم دراسي حول رسوم التسجيل في المؤسسات الخاصة، وغلاء الأسعار، والأدوات واللوازم المدرسية”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “المؤسسات التعليمية الخاصة تؤكد التزامها بالقوانين المنظمة للقطاع، ولاسيما ما يتعلق بحرية الأسر في اقتناء الأدوات واللوازم المدرسية من أي مصدر تراه مناسبا، بناء على حاجيات التلميذ البيداغوجية”.
وأكد الحنصالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “اهتمام مؤسسات التعليم الخصوصي بالصحة المدرسية وتوفير بيئة سليمة وآمنة للتلاميذ لا يعني بأي حال من الأحوال إلزام الأسر باقتناء أدوات أو وسائل نظافة بعينها”.
ونبّه رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب إلى أن “مسؤولية توفير المستلزمات الفردية الخاصة بالأبناء تبقى شأنا يخص الأسر مع ما يقتضيه الواجب التربوي من توجيه وتحسيس يهم صحة التلاميذ”.