أفادت مصادر عليمة لهسبريس باستنفار تصريحات بالاشتباه ومعلومات مالية واردة عن مصالح الرقابة المالية الفرنسية عناصر من الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، كانت بصدد فك خيوط شبكة لتبييض الأموال بواسطة عقارات وضيعات فلاحية، وذلك بعد رصد تحويلات مالية مشبوهة مصدرها مغربيتان مقيمتان بفرنسا.
وأكدت المصادر ذاتها أن المعطيات الواردة ساعدت مراقبي هيئة المعلومات المالية على استيضاح وضعية مصدر التحويلات والتدفقات المالية من فرنسا، وارتباطاتها بشبكة لتبييض الأموال المتأتية من الاتجار الدولي بالمخدرات، موضحة أن المعلومات المتحصل عليها كشفت أيضا عن نشاط عدد من أفراد من الشبكة بين بلجيكا وهولندا، واعتمادهم على هويات مهاجرين مغاربة نظاميين لإجراء تحويلات بنكية داخلية وعابرة للحدود في محاولة لتضليل أجهزة المراقبة.
وكشفت مصادر الجريدة عن تحويل إحدى المشتبه فيهما 13 مليون درهم نحو المغرب خلال فترة وجيزة، ما أثار شكوك مراقبي هيئة المعلومات المالية حول مصدر التدفقات المالية، فسارعت إلى التنسيق مع السلطات الفرنسية، وتبادل المعطيات مع إدارات شريكة، أبرزها مكتب الصرف والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية وبنك المغرب وإدارتي الجمارك والضرائب، لتعقب مسار الأموال المحولة، قبل أن يتبين استغلالها في اقتناء عقارات، أغلبها في طور البناء، وشراء ضيعات فلاحية واستغلاليات لتسمين العجول ضمن نفوذ جماعات تابعة لجهتي الدار البيضاء- سطات والرباط- سلا- القنيطرة.
وأضافت مصادر هسبريس أن التحريات تجري في سرية تامة للتحقق من ارتباطات المشتبه فيهما بوسطاء في تبييض أموال المخدرات داخل المملكة، مؤكدة أن المعلومات المتحصل عليها من الجانب الفرنسي كشفت عن عدم تجاوز دخل المشتبه فيها (مصدر التحويلات المرصودة) 1700 أورو شهريا، وهو مبلغ لا يتناسب مع حجم التحويلات المالية التي أجرتها بين فرنسا والمغرب، المرتبطين باتفاقيات شراكة لتبادل المعلومات المالية والجبائية.
يشار إلى أن الهيئة الوطنية للمعلومات المالية كانت أحالت على وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بالرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش ما مجموعه 54 ملفا، وكذا على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، تتعلق بأفعال يشتبه في ارتباطها بغسل الأموال أو بالجرائم الأصلية، وكذا بتمويل الإرهاب، بزيادة سنوية نسبتها 25.58 في المائة؛ فيما تلقت سلطة الرقابة المالية خلال سنة واحدة فقط ما مجموعه 5171 تصريحا بالاشتباه في غسل الأموال، ما يمثل نموا سنويا بنسبة 53.76 في المائة.
ويفرض المغرب مقتضيات صارمة على المؤسسات البنكية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، تشمل تحليل مخاطر الحسابات وطبيعة العمليات المالية والمبالغ المودعة ومدى انتظامها. كما تلزم هذه المقتضيات البنوك وشركات البورصة والتأمينات بتحليل المخاطر المرتبطة بالعمليات والمنتجات المالية الجديدة، خاصة تلك التي تعتمد على التكنولوجيات الحديثة، وإنشاء مصالح داخلية متخصصة لرصد المعاملات غير الاعتيادية ومعالجتها بسرعة.
وتوقف مراقبو هيئة المعلومات المالية خلال أبحاثهم الجارية حول المتورطين في شبكة تبييض أموال المخدرات بالمغرب، حسب مصادر هسبريس، عند عدم إخضاع أي من المشتبه فيهما لتحقيقات سابقة بخصوص عسل الأموال أو تمويل الإرهاب، سواء داخل المملكة أو فوق التراب الفرنسي، مؤكدة أن المراقبين لم يستبعدوا فرضية استغلالهما من قبل شبكات دولية لتبييض الأموال، إذ تلجأ هذه الشبكات إلى أشخاص لا تحوم حولهم الشبهات لتفادي رصدهم من طرف أجهزة الرقابة.