شهدت إحدى الواحات بجماعة أفلاندرا بدائرة أكدز إقليم زاكورة، منذ صباح السبت اندلاع حريق مهول أتى على مساحات شاسعة من الحقول والواحات مخلفا خسائر جسيمة في أشجار النخيل والمحاصيل الزراعية، وسط حالة استنفار قصوى لجميع المتدخلين.
وبحسب معطيات أولية، فقد أتت ألسنة النيران على أزيد من 2000 نخلة، وامتدت رقعة الحريق لتشمل مساحة تقدر بحوالي 15 هكتارا كانت مزروعة بالنخيل وعدد من الأشجار المثمرة، ضمنها أشجار التين والعنب واللوز والرمان، إضافة إلى محاصيل زراعية أخرى يعتمد عليها السكان في تأمين قوتهم اليومي.
ولم يتوقف الخطر عند حدود دوار الزاوية بين الجبلين، حيث اندلع الحريق في بدايته، بل امتدت ألسنة اللهب بفعل قوة الرياح وجفاف المناخ لتشمل أجزاء من حقول دوار ترماصت ورباط أكدز المجاورين، وهو ما ضاعف من حجم الخسائر المادية والفلاحية وأثار حالة من الخوف والهلع في صفوف الساكنة.
الحادث استدعى انتقال عامل إقليم زاكورة إلى عين المكان رفقة مسؤولين جهويين وإقليميين للوقوف على حجم الكارثة ومتابعة سير عمليات الإطفاء. كما حضر القائد الجهوي للوقاية المدنية على رأس فرق التدخل، إلى جانب عناصر الدرك الملكي بمختلف مستوياتهم، ورجال السلطات المحلية.
ورغم صعوبة التضاريس، تجند العشرات من أبناء الدواوير المتضررة وغيرها في تنسيق مباشر مع فرق الوقاية المدنية لمحاولة احتواء ألسنة النيران وسط ظروف مناخية صعبة تميزت بارتفاع درجات الحرارة وهبوب رياح زادت من سرعة انتشار الحريق.
وأكدت مصادر محلية لـ”العمق” أن عمليات السيطرة على الحريق ما تزال مستمرة إلى حدود مساء الأحد، حيث تبذل مجهودات كبيرة من أجل تطويقه نهائيا في وقت ما تزال الساكنة متخوفة من تجدد اندلاعه في أية لحظة خصوصا بعد أن تفاجأت أمس السبت، باندلاع حريق ثان بعد ساعات فقط من إخماد الأول.
ووصف عدد من الفلاحين والمتابعين المحليين الحريق الحالي بكونه أكبر حريق عرفته المنطقة منذ سنوات طويلة نظرا لاتساع رقعته وحجم الخسائر التي خلفها، حيث لم يقتصر الأمر على الأشجار بل شمل كذلك تجهيزات ومعدات فلاحية فضلا عن الأضرار النفسية التي لحقت بالأسر التي فقدت مورد رزقها الأساسي.
وطالب متضررون بتدخل عاجل من طرف السلطات المركزية والجهات الوصية على القطاع الفلاحي من أجل تقديم الدعم للفلاحين وإطلاق برامج استعجالية لإعادة تأهيل الواحات المتضررة، التي تعتبر رئة اقتصادية واجتماعية للمنطقة وتشكل مصدرا رئيسيا للدخل بالنسبة لمئات الأسر.
ويأتي هذا الحريق في سياق سلسلة من الحرائق التي عرفتها عدد من واحات إقليم زاكورة خلال السنوات الأخيرة والتي تعزى أسبابها بالأساس إلى ارتفاع درجات الحرارة قلة التساقطات المطرية والإهمال البشري في بعض الحالات.
وبينما لا تزال السلطات تواصل مجهوداتها لمحاصرة ألسنة اللهب بشكل نهائي تطرح الكارثة الأخيرة بإلحاح سؤال الاستراتيجية الجهوية والوطنية لحماية واحات الجنوب الشرقي من أخطار الحرائق خاصة في ظل التغيرات المناخية التي جعلت هذه المنظومات البيئية أكثر هشاشة وعرضة للتلف.