فرض الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، غرامة مالية ضخمة على شركة غوغل الأميركية، بلغت 2.95 مليار يورو (ما يعادل 3.47 مليارات دولار)، بتهمة استغلال موقعها المهيمن في سوق الإعلانات الرقمية ومنح خدماتها الإعلانية أولوية غير مشروعة على حساب منافسيها، في خطوة من شأنها أن تزيد التوتر التجاري القائم بين بروكسيل وواشنطن، خاصة في ظل التحذيرات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن استهداف شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى.
وقالت المفوضة الأوروبية المكلفة بشؤون المنافسة، تيرزا ريبيرا، إن غوغل “شوّهت قواعد المنافسة داخل السوق الأوروبية، وتسببت في ضرر مباشر للناشرين والمعلنين والمستهلكين”، مضيفة أن هذا السلوك “يخالف قوانين مكافحة الاحتكار المعمول بها في الاتحاد الأوروبي”. واعتبرت أن ما قامت به الشركة الأميركية لا يمكن التساهل معه، خاصة بالنظر إلى حجم تأثيرها الاقتصادي والتقني داخل السوق الموحدة.
وجاء في بيان المفوضية أن غوغل مطالَبة بوضع حد لما وصفته بـ”ممارسات التفضيل الذاتي”، واتخاذ إجراءات ملموسة لمعالجة ما سمّته “تضارب المصالح المتأصل” في نموذجها الإعلاني الرقمي. كما أمهلت المفوضية الشركة 60 يومًا لتقديم خطة عملية تستجيب لملاحظاتها، ملوحة بإمكانية اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، بما في ذلك إجبار الشركة على بيع جزء من أعمالها في مجال تقنيات الإعلان في حال لم تقدم حلولاً فعالة.
وتُعد هذه الغرامة واحدة من أكبر العقوبات المالية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على شركة تكنولوجيا كبرى منذ بدء تطبيق قواعده الصارمة لمكافحة الاحتكار، وتأتي في وقت يواجه فيه الاتحاد ضغوطًا سياسية وتجارية من الإدارة الأميركية، حيث سبق للرئيس دونالد ترامب أن هدّد بردّ تجاري على “استهداف أوروبا لشركات التكنولوجيا الأميركية”، في إشارة إلى غوغل، وآبل، وفيسبوك، وأمازون، التي تواجه مجتمعة سلسلة من التحقيقات التنظيمية في بروكسيل.
وكانت المفوضية الأوروبية قد أوقفت مؤقتًا في وقت سابق من الأسبوع الجاري فرض الغرامة، في خطوة فسرتها تقارير إعلامية بأنها ناتجة عن تخوف من ردّ فعل أميركي محتمل، خاصة في ظل تعثّر التقدم في ملف خفض الرسوم الجمركية على السيارات، وهو الوعد الذي لا يزال الاتحاد الأوروبي ينتظر وفاء واشنطن به بموجب اتفاق تجاري تم توقيعه في يوليو الماضي.
من جانبها، وصفت غوغل القرار الأوروبي بأنه “خاطئ من حيث الجوهر والقانون”، وأعلنت أنها ستقدّم طعنًا رسميًا عليه أمام الجهات القضائية المختصة في الاتحاد الأوروبي. وقالت لي آن مولهولاند، رئيسة الشؤون التنظيمية العالمية في الشركة، إن القرار يشكل “غرامة غير مبررة، ويفرض تغييرات من شأنها الإضرار بآلاف الشركات الأوروبية، وتقييد قدرتها على تحقيق أرباح من الإعلانات الرقمية”. وأضافت أن خدمات غوغل الإعلانية لا تحتكر السوق، وأن “المنافسة متاحة أكثر من أي وقت مضى، وهناك بدائل عديدة متاحة للمعلنين والناشرين”.