أثار إعلان المكتب المسير لجماعة أكادير عن عزمه تفويت تدبير عدد من المرافق العمومية لشركات خاصة، جدلا واسعا بين من يعتبر القرار تهديدا لمبدأ المرفق العمومي من خلال إخضاع خدماته الاجتماعية لمنطق الربح التجاري ومن يرى فيه فرصة لضمان تدبير أكثر كفاءة واحترافية لبعض المرافق الحيوية.
وفي هذا السياق، اعتبر عبد العزيز السلامي، عضو المجلس الجماعي لأكادير عن فريق فدرالية اليسار الديمقراطي، أن رئاسة المجلس المذكور، قد دشنت ما وصفه بـ “المنعطف الخطير في خوصصة خدمات جماعة أكادير”.
وأوضح السلامي في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن ساكنة المدينة تفاجأت بالبلاغ الصادر عن اجتماع مكتب المجلس برئاسة عزيز أخنوش يوم الاثنين 25 غشت الماضي، واصفا ذلك بـ”الإعلان عن فشل الفريق المسير للجماعة في تجويد الخدمات الجماعية واللجوء بدلا من ذلك إلى خوصصة هذه الخدمات وتفويتها لشركات القطاع الخاص”.
وأشار إلى أن البلاغ أورد بالحرف فقرة حول “ابتكار أنماط جديدة لتدبير المرافق الجماعية، ويشمل ذلك تدبير المتاحف، قصبة أكادير أوفلا، المسابح الرياضية، ملجأ الحيوانات الضالة والمرابد، مع التفكير في صيغ خاصة لكل من المحطة الطرقية ودار الفنون، كما تمت الإشارة إلى أهمية إشراك القطاع الخاص في مجالات تتطلب خبرات متخصصة مثل تدبير المساحات الخضراء وصيانة الإنارة العمومية والنافورات والمراحيض العمومية.”
وأكد السلامي أن هذا القرار يعكس فشل مكتب المجلس في ممارسة صلاحياته وتنفيذ التزاماته السياسية ووعوده الانتخابية تجاه الساكنة و”تهريب” هذه المهام إلى شركات القطاع الخاص، رغم أن هذه المرافق تعد مشاريع حيوية أنجزت بتكلفة مالية كبيرة من أموال دافعي الضرائب.
وتساءل عضو المجلس، من المستفيد من تفويت قطاعات حيوية لجماعة أكادير للخواص؟ ولماذا عجزت الجماعة عن التسيير الذاتي لمرافقها، رغم أن نصف ميزانيتها مخصص لمصاريف التسيير؟ وما جدوى الديمقراطية التمثيلية إذا كانت جماعة ترابية بحجم أكادير غير قادرة على تدبير النافورات والمراحيض العمومية؟
من جانبه، أكد البشير بن أحمد، نائب رئيس جماعة أكادير المكلف بالميزانية، في تصريح للجريدة، أن النقاش الدائر حول ما يسمى بخوصصة المرافق الجماعية “لا يرقى إلى المستوى المطلوب ولا يأخذ بعين الاعتبار التقدم الذي وصلت إليه علوم التدبير الحديثة”، مشدداً على أن المسألة “مسألة تدبير قبل أي شيء آخر”.
وأوضح بن أحمد في تصريح لعمق المغربي، أن اعتماد أنماط جديدة لتسيير المرافق العمومية يسمح للجماعات الترابية بالتركيز على مهامها الأساسية المخولة لها قانونيا مثل السياسات العامة والتخطيط العمراني وخدمات القرب، مع تفويض الإدارة التشغيلية لشركاء خارجيين.
وأكد ذات المسؤول الجماعي أن تفويض الإدارة التشغيلية للشركاء الخارجيين يحمل العديد من المزايا، إذ يقدمون خبرة فنية وتخصصية قد تفتقر لها الجماعات داخليا، مما يسهم في تحسين جودة الخدمات وتقليل التكاليف بشكل ملحوظ.
وأضاف أن هذا التفويض يتيح أيضا تقديم حلول مبتكرة وتقنيات متقدمة قد تعزز الكفاءة التشغيلية، وهو ما قد يصعب تحقيقه داخل الجماعات الترابية نتيجة محدودية الموارد والخبرة المتوفرة داخليا.
وأشار بن أحمد إلى أن بعض الشراكات مع القطاع الخاص تسمح أيضا بجذب تمويلات إضافية لمشاريع مكلفة، دون أن يؤدي ذلك إلى زيادة ديون الجماعة، مما يساهم في تطوير المرافق العمومية بشكل مستدام.
وشدد نائب رئيس جماعة أكادير المكلف بالميزانية، على أن نجاح هذه الصيغ يعتمد على تحديد أهداف واضحة ووضع النتائج المنتظرة مثل الجودة والتكاليف كأساس، إضافة إلى آليات رقابة تضمن متابعة عمل الشركاء الخارجيين والتأكد من الالتزام بشروط العقود.
وأكد أن جماعة أكادير اختارت هذا التوجه بعد ملاحظة أن بعض المرافق تفتقر إلى الخبرة والموارد البشرية المتخصصة، مما يعوق تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وكان المكتب المسير لجماعة أكادير قد أعلن عن انطلاق مسار ابتكار أنماط بديلة لتدبير المرافق الجماعية بهدف ضمان الفعالية والاستدامة وتحسين جودة الخدمات، في خطوة تهدف إلى تحديث الإدارة المحلية وتجديد أداء المرافق العمومية.
وجاء ذلك خلال اجتماع المكتب الجماعي لأكادير المنعقد مساء الاثنين 25 غشت الماضي برئاسة عزيز أخنوش وبحضور أعضاء المكتب، حيث تم خلاله مناقشة عدد من القضايا ذات الأولوية في مسار التنمية الحضرية للمدينة.
ووقف المكتب على أهمية تطوير تدبير مجموعة من المرافق الحيوية، من بينها المتاحف، قصبة أكادير أوفلا، المسابح الرياضية، المرابد وملجأ الحيوانات الضالة، إضافة إلى المحطة الطرقية ودار الفنون، من خلال اعتماد صيغ تدبير مرنة تتلاءم مع خصوصيات كل مرفق بما يضمن استمرارية الخدمة ورفع جودتها، مع فتح المجال أمام الشراكة مع القطاع الخاص، خصوصا في تدبير المساحات الخضراء وصيانة الإنارة العمومية والنافورات والمراحيض العمومية.