صادق مجلس جماعة الدار البيضاء، اليوم الثلاثاء، خلال دورة استثنائية احتضنها مقر ولاية جهة الدار البيضاء–سطات بدعوة من الوالي محمد امهيدية، بالإجماع على اتفاقية شراكة جديدة تهم تسريع وتيرة إنجاز مشروع المحج الملكي بعد سنوات من التعثر.
وبموجب هذه الاتفاقية، جرى تخصيص اعتماد مالي يناهز 12,79 مليون درهم لكل من الشطرين الثامن والتاسع، في خطوة عملية تترجم الانتقال من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ الميداني.
الاتفاقية تنص على نقل ملكية العقارات من شركة سوناداك إلى جماعة الدار البيضاء بشكل مجاني مع إسقاط الديون، في حين سيتكفل صندوق الإيداع والتدبير (CDG) بتمويل برنامج إعادة إيواء ما يقارب 16 ألف أسرة و2500 محل مهني، دون أي أعباء إضافية على ميزانية الجماعة. كما أسندت مهمة المواكبة الاجتماعية لشركة “كازا إسكان والتجهيزات”.
ووفق المقتضيات التنظيمية، ستتولى جماعة الدار البيضاء الإشراف المحلي على تنفيذ الأشغال، بينما تعهد لولاية الجهة مهمة تتبع المشروع وضمان احترام المساطر القانونية. أما الوكالة الحضرية فستقدم الدعم التقني وإعداد التصاميم والمخططات العمرانية اللازمة.
ويحتفظ صندوق الإيداع والتدبير بدور مركزي في التمويل والتتبع المالي، في حين تظل سوناداك المطور الأولي وصاحبة الأصول العقارية للمشروع، بينما تضطلع Casablanca Iskane & Équipements بمهام إعادة الإيواء والهدم وأشغال التهيئة الميدانية.
وفي الإطار نفسه، أعرب عدد من أعضاء مجلس مدينة الدار البيضاء عن ترحيبهم بالتصميم الذي أعدته وزارة الداخلية، والقاضي بتهيئة ممر المحج الملكي بمساحات خضراء عوض تشييد مبان، معتبرين هذه الخطوة بمثابة ضربة قوية لمافيا العقار.
وصرح مصطفى منظور، عضو مجلس مدينة الدار البيضاء، أن المشروع الجديد الذي أطلقته وزارة الداخلية بخصوص تهيئة ممر المحج الملكي، يشكل نقطة تحول كبرى في مسار التخطيط الحضري بالمدينة، لأنه أنهى – على حد قوله – أحلام ما وصفه بـ”مافيا العقار”، التي كانت تراهن على تحويل هذا الفضاء إلى غابة من الإسمنت والمباني الشاهقة.
وأوضح منظور، في حديثه لجريدة العمق المغربي، أن الرؤية الحالية للمشروع منحت الأولوية القصوى للمساحات الخضراء والفضاءات المفتوحة، باعتبارها متنفساً حقيقياً للساكنة، بدل الاستمرار في منطق التوسع العمراني العمودي الذي لا يخدم إلا مصالح فئة محدودة من المستثمرين العقاريين.
وأشار إلى أن التصميم الجديد حدد سقف الارتفاع في أربع طوابق فقط، وهو ما يضع حدا لمحاولات تشييد عمارات شاهقة كانت ستغير معالم المنطقة بالكامل وتحوّلها إلى مجال مختنق بالإسمنت.
وأضاف المتحدث أن المحج الملكي لم يعد مجرد مشروع عمراني، بل تحول إلى رمز لمواجهة نفوذ لوبيات العقار، مبرزا أن هذه اللوبيات، ومنذ انطلاق عملية الهدم، لم تتوقف عن ممارسة ضغوط متعددة الأشكال، بغية إعادة برمجة المشروع وفق مصالحها الخاصة وتحويله إلى فضاءات تجارية وبنايات ضخمة.
وأكد منظور أن القرار الذي اتخذته وزارة الداخلية يعكس توجها جديدا نحو إرساء عدالة عمرانية، تقوم على الموازنة بين حاجيات السكن والمرافق، وبين الحق في بيئة سليمة ومساحات خضراء، معتبرا أن هذا التوجه ينسجم مع التوجيهات الملكية الرامية إلى جعل الدار البيضاء مدينة حديثة، لكنها أيضا مدينة صديقة للبيئة وقابلة للعيش.
كما شدد على أن ساكنة البيضاء هي المستفيد الأول من هذا التحول، حيث سيتيح المشروع فضاءات للتنزه والراحة ومتنفسا بيئيا ضروريا وسط كثافة حضرية خانقة، مبرزا أن نجاح هذا الورش سيشكل نموذجا يحتذى به في باقي المدن المغربية التي تعاني بدورها من زحف الإسمنت وتراجع الغطاء الأخضر.