هنّ ثلاث فتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة، يتقاسمن الإعاقة كما يتقاسمن المعاناة اليومية في قرية نائية تفتقر لأبسط شروط العيش الكريم. زينب، السعدية وزهرة أكسي، شقيقات يكابدن قساوة الجغرافيا والتهميش، في دوار تغزوت آيت مرغاد، جماعة تلمي، قيادة أمسمرير، بإقليم تنغير.
وراء كل واحدة من هنّ قصة كفاح، لا تروى فقط بلغة العجز الجسدي، بل بلغة الإصرار على انتزاع الحق في الكرامة، وفي التعليم، وفي حرية التنقل، حيث اختارت الشقيقات أن يطرقن باب السلطات الإقليمية، آملات في التفاتة تنقذهن من براثن العزلة والفقر، غير أنهن لم يفلحن في لقاء عامل إقليم تنغير، بعد أن قضين أزيد ساعات من الإنتظار أمام مقر عمالة الإقليم.
تقدمت كل من زينب، السعدية وزهرة أكسي بطلب رسمي إلى عامل إقليم تنغير، يلتمسن فيه الحصول على رخصة النقل المزدوج في إطار برنامج تأهيل النقل الجماعي في العالم القروي، الذي أعلنته وزارة التجهيز والنقل، استنادا إلى مقتضيات المادة 16 من دفتر التحملات الخاص بتسوية وضعية النقل غير المنظم في الوسط القروي، إلا أن التجاهل ظل إلى حدود الساعة هو سيد الموقف.
وأوضحت الشقيقات الثلاث، وهنّ من ذوي الإعاقة الحركية الدائمة ويستخدمن كراسي متحركة، أن الخط المزمع الاشتغال عليه سينطلق من تيكرنا مرورا بكل من تابشوت، باتو، آيت دما، تمغرغربت، ثم العودة على نفس المسار، مؤكدات أن هذه المبادرة ليست فقط مصدر دخل كريم، بل ضرورة حياتية لضمان تنقلهن وتعليمهن واندماجهن في الحياة العامة.
ميمون أكسي، والد الشقيقات الثلاث، هو الٱخر وجهّ عدة طلبات وملتمسات للجهات المسؤولة وعلى رأسها عمالة تنغير ومجلسها الإقليمي، كان أولها سنة 2008، حيث التمس الحصول على رخصة سيارة أجرة أو نقل مزدوج، لمساعدته على رعاية بناته الثلاث، غير أن هذه الطلبات “ضاعت بين رفوف الإدارات دون جواب”، وفق تعبيره.
وأكد الأب ميمون أكسي، المزداد سنة 1950، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أنه عاطل عن العمل، ويتكفل بشكل دائم برعاية بناته اللائي يعانين الإعاقة، ما يجعله غير قادر على مغادرة الدوار للبحث عن مصدر رزق، كما أن المنطقة التي تقطن بها جبلية نائية تفتقر إلى فرص الشغل.
وأوضح ميمون أكسي، أنه من بين الشقيقات الثلاث، تبرز حالة إبنته زهرة أكسي التي حصلت على شهادة البكالوريا، وقامت بتسجيل إسمها في كلية متعددة التخصصات بالراشيدية، تخصص “الفقه والأصول”، غير أن إعاقتها الحركية وصعوبة التنقل من قريتها إلى الكلية، إضافة إلى افتقارها لحاسوب شخصي ولشبكة إنترنت، حال دون مواصلتها للدراسة الجامعية عن بعد.
ولفت إلى أنه وجّه في وقت سابق نداء خاصا إلى عامل إقليم تنغير، يلتمس فيه تمكينها من حاسوب وربط إنترنت لمساعدتها في مواصلة مسارها الدراسي، مشددا على أن الأسرة تعيش في وضعية هشّة تستدعي تدخلا عاجلا، سواء عبر منح رخصة نقل مدر للدخل، أو من خلال دعم مادي وعيني يمكن من تحسين وضع بناته المعاقات وإنقاذ زهرة من الهدر الجامعي.
ويناشد الوالد ميمون أكسي وبناته الثلاث، عامل إقليم تنغير وكافة الجهات الوصية، للتدخل العاجل والفعّال في ملفهم، سواء بمنحهم رخصة النقل المزدوج، أو تقديم مساعدات تمكنهم من مواجهة قسوة الحياة في قرية تغيب عنها كل مقومات العيش الكريم.