يخلد العالم في السادس والعشرين من غشت كل سنة اليوم العالمي للكلاب. وتأتي هذه المناسبة التي يُراد منها تذكير الإنسان بما يمثّله هذا الحيوان من وفاء ورفقة، وبما يستوجبه من عناية وحماية، في سياق جديد عقب مصادقة الحكومة المغربية على تشريع قانوني جديد يقضي بحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها.
ويحمل اليوم العالمي للكلاب رسالة تحذير وتذكير من مغبة الإهمال والتخلي، وما قد يترتب على ذلك من أخطار ومسؤوليات جسيمة، في وقت مازالت المدن المغربية تعرف انتشارا واسعا لهذه الحيوانات الضالة، وحتى تلك القريبة من العاصمة الرباط، من قبيل عين عودة والقنيطرة…
وتستغل الجمعيات المهتمة بحقوق الحيوان هذه المناسبة لتسليط الضوء على اتساع دائرة تبنّي الكلاب الأليفة، ما يثير تساؤلات جادة حول حدود المسؤولية والسبل الكفيلة بضمان الرعاية المستدامة وتفادي التخلي عن هذه الكائنات بعد تبنيها.
وكان المجلس الحكومي صادق مؤخرا على مشروع القانون رقم 19.25 المتعلق بـ”حماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها”، باعتباره أول إطار تشريعي شامل يروم إرساء توازن بين متطلبات السلامة العامة ومبادئ الرفق بالحيوان.
وينص القانون على تجريم مختلف أشكال الإهمال والعنف الممارس ضد الحيوانات الضالة، مع إقرار عقوبات حبسية تتراوح بين شهرين وأربع سنوات، وغرامات مالية تصل إلى عشرين ألف درهم بغرض ردع التجاوزات وتكريس ثقافة المسؤولية المشتركة.
حياة صابر، مدافعة عن حقوق الحيوانات، قالت لهسبريس إن “اليوم العالمي للكلاب تم إقراره سنة 2004 من قبل الحقوقية كولين بيج”، موردة أنها تشعر بالحزن والأسى جراء “الأوضاع القاسية والمأساوية التي تعيشها هذه الكائنات، من قتل وتجويع وتسميم وعنف وإبادة جماعية”.
وأضافت الفاعلة المدنية صابر في تصريح لهسبريس أن “القانون الجديد يفتقر إلى الرحمة والإنسانية، واستغل من قبل البعض من أجل إقصاء هذه الكائنات البريئة وإبعادها وحتى التحريض على قتلها، ما يجعل واقعها يزداد قتامة في ظل استمرار الممارسات والعقليات ذاتها”.
وتابعت المدافعة عن حقوق الحيوانات: “لم نعد قادرين على العيش كأشخاص طبيعيين، فقد غابت عنا الراحة كما غاب الاستقرار والأمان، وما دامت هذه الكائنات تعاني فنحن أيضا نعاني أضعافا مضاعفة، لأننا ببساطة نحبها ونؤمن بضرورة خلق فرص للتعايش معها، فهي خير صديق ورفيق للإنسان”، وزادت: “كفّوا عن أذيتها… ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”.
عبد الصمد الدكالي، عضو جمعية حماية وتوجيه المستهلك بوزان، قال إن إحياء اليوم العالمي للكلاب في ظل هذا المستجد القانوني يمنح المناسبة بعدا خاصا لتفعيل القانون الجديد وترجمته إلى ممارسات ملموسة، مشيرا إلى استمرار انتشار الكلاب وسط شوارع العديد من المدن، ضاربا المثل بوزان دار الضمانة.
وأورد الدكالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المطلوب اليوم من المجتمع المدني والأسر والهيئات المحلية ومختلف الفاعلين والمتدخلين أن ينخرطوا في بناء ثقافة جماعية تؤمن بأن رعاية الحيوان تعد جزءا من صون الكرامة الإنسانية ذاتها، وضمان التوازن بين الإنسان ومحيطه”.
ودعا المتحدث المؤسسات المعنية والمتدخلة إلى “ضرورة القيام بالمتعين وجمع الكلاب الضالة التي باتت تجتاح الشوارع والأزقة والحواري الشعبية، حماية لها ولحياة الإنسان”، مشددا على “ضرورة تلقيح هذه الكلاب بشكل مستمر وتعقيمها، سواء المتبناة أو الضالة المتجولة في الشوارع”.
وواصل الجمعوي عينه تصريحه بالتأكيد على أن “الحديث عن الكلاب ليس دائماً وردياً أو باعثاً على الفخر والاعتزاز”، مضيفا أن “الكائن الذي تغنّى به الشعراء وارتبط في المخيال الجمعي بالوفاء وحراسة الممتلكات وبثّ الطمأنينة يمكن أن يتحوّل في ظروف معينة إلى مصدر رعب، إذ يكفي أن يُصاب بداء السعار (La Rage) حتى يقلب حياة المحيطين به إلى جحيم حقيقي ترتعد لتفاصيله الأبدان”.
وأردف الدكالي بأن الدولة تبذل جهودا مهمة في هذا المجال، مطالبا الجماعات الترابية بالالتزام بما نصت عليه الاتفاقية الوطنية المتعلقة بمعالجة ظاهرة كلاب وقطط الشوارع، من خلال تعقيمها وتلقيحها، ومعالجتها من الطفيليات، وزاد: “انتشار هذه الحيوانات مسؤوليتنا جميعا، فردا فردا، فيما يظل الحرص على تقديم صورة مشرفة عن بلدنا مسؤولية جماعية مشتركة، خاصة أننا مقبلون على استحقاقات وتظاهرات قارية وعالمية”.