بعدما كانت تشكل مصدر دخل للعديد من الأسر المغربية، لا سيما القاطنة بالعالم القروي، يبدو أن أشجار اللوز باتت غير قادرة على الصمود لسنوات إضافية أمام الجفاف ونقص التساقطات المطرية؛ مما ينعكس سلبا على الإنتاجية الوطنية، ويضعف طموحات تلبية الطلب الداخلي.
وقد استورد المغرب، خلال السنة الماضية، ما مجموعه 35 ألف طن من اللوز الأمريكي، بما قيمته 174.5 ملايين دولار، موازاة مع استيراده كميات غير محددة من دول أخرى مثل إسبانيا والبرتغال، وفقا لما كشفت عنه تقارير إعلامية.
وسبق للنائبة البرلمانية سلوى البردعي أن استفسرت وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بشأن مشاكل الإنتاج في عدد من المناطق بالمغرب، مثل شفشاون والناظور والحسيمة.
وبقدر ما يعكس هذا الواقع تراجعا أكيدا في إنتاجية هذه السلسلة الفلاحية في المغرب، لا سيما بالعالم القروي، بقدر ما يغير معادلة الإنتاج لدى التعاونيات، باعتبار اللوز من أهم الأشجار المثمرة في المغرب بعد الزيتون، حيث كانت إنتاجيته السنوية قبل 2020 تبلغ 114 ألف طن، وتأتي أساسا من جهات فاس مكناس، سوس ماسة والجهة الشرقية، بحسب بيانات وكالة التنمية الفلاحية (ADA).
خديجة الهريم، رئيسة تعاونية “تيفاوين ن واملن”، أفادت بأن “تراجع الإنتاجية الوطنية من اللوز أمرٌ مؤكد وملاحظ خلال السنوات الأخيرة. ويعود هذا التراجع بشكل أساسي إلى توالي سنوات الجفاف، خاصة في المناطق التي كانت معروفة بإنتاجيتها المحترمة، وتحديدا البورية منها”.
وقالت الهريم، في تصريح لهسبريس، إن “كمية محدودة من الإنتاجية الوطنية توجد في السوق، ونضطر إلى طلبها بشكل مسبق من البائعين”.
وأوضحت رئيسة تعاونية “تيفاوين ن واملن” أن “هذا النوع يبقى الأكثر طلبا من قبل الزبناء، على اعتبار أنه يُستخدم في إعداد مجموعة من المنتجات القابلة للاستهلاك”.
وحسب ما قدمته المتحدثة من معطيات، فإن “ثمن اللوز المنتج محليا يصل ـ في بعض الأحيان ـ إلى 120 درهما؛ في حين أن ثمن نظيره المستورد لا يتجاوز 70 أو 80 درهما للكيلوغرام الواحد”، مشيرة إلى أنه “من الصعب أن يحل هذا الأخير محل المنتوج المحلي المعتمد منذ سنوات”.
وشرحت أيضا أن “أشجار اللوز تأثرت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بالجفاف؛ مما ساهم في ارتفاع أسعار انتاجيتها وفي ندرتها أيضا على المستوى الوطني”.
في سياق ذي صلة، أكد عزيز إيكن، أمين مال “تعاونية بوسكور لإنتاج اللوز” بإقليم جرسيف، المعطيات المتعلقة بالتراجع المسجل في الإنتاجية الوطنية من هذا الأخير.
وأوضح إيكن، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “ما يُنتج محليا لم يعد قادرا على تلبية ما يطلبه السوق باستمرار.. وقد بات المنتوج الأجنبي متوفرا بقوة”، مبينا أن “إقليم جرسيف يشهد هذا الواقع منذ السنوات الأخيرة؛ مما يدفع أوتوماتيكيا نحو اقتناء المنتوج المستورد من الخارج، وتحديدا من الولايات المتحدة”.
وتابع أمين مال “تعاونية بوسكور لإنتاج اللوز” بإقليم جرسيف: ” لا يتجاوز ثمن المستورد في الغالب 70 درهما للكيلوغرام الواحد؛ في حين أن نظيره المحلي أصبح يزيد عن 100 درهم”.
وأبرز المتحدث عينه أن “اللوز المحلي يبقى الأكثر جودة مقارنة بنظيره المستورد. ولذلك، فإن كثيرا من المهنيين والمواطنين يفضلونه، سواء كمادة أولية أم كمكسرات”، مشيرا إلى أن “التعاونيات تحاول، حاليا، تكييف عملها مع هذا الواقع الجديد”.