اعتصامٌ أمام مبنى البرلمان، جمع مغربيات ومغاربة، حتى آخر ساعات ليل الجمعة، بدعوة “من مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين” التي تدعم “معركة طوفان الأقصى، وأبطالها في غزة العزة” وتناهض “حرب الإبادة الجماعية، والاستهداف المتواصل للقدس والأقصى من قبل مجرمي حكومة الكيان الصهيوني الإرهابي”، كما تتذكّر “الذكرى 56 لجريمة إحراق المسجد الأقصى من قبل الصهاينة المجرمين”.
وشهد الاعتصام أنشطة متعددة، من بينها كلمات فاعلين من تخصصات متعددة، وقراءة أشعار وأناشيد متضامنة مع القضية الفلسطينية، مع جلسات “تلوين” للأطفال، وحرق لعلم إسرائيل، فضلا عن شعارات داعمة لـ”أخوة الشعبين المغربي والفلسطيني”، ومنددة بـ”حرب الإبادة الإسرائيلية الأمريكية”، ومطالبة بـ”إسقاط التطبيع”.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال الوزير السابق إدريس الأزمي إن هذا الاعتصام استمرار لـ”الفعاليات التضامنية للشعب المغربي، التي لم تتوقف منذ ملحمة 7 أكتوبر ‘طوفان الأقصى’.”، مردفا: “هذا الاعتصام الليلي يأتي في ظروف خاصة، هي مواصلة الهجمة الصهيونية على غزة، في سياق استمرار حرب الإبادة، وعزم العدو الصهيوني على استكمال جرائمه المبيتة والواضحة، والاعتصام وسيلة للتعبير المستمر عن إحساسنا بما يعانيه إخواننا من تقتيل وتجويع وحصار، وجاء في ظرف ذكرى إحراق المسجد الأقصى الذي هو شيء كبير، إلا أن ما يجري اليوم هو إحراق الإنسان في غزة، ودم البشر أزكى وأطهر عند الله من أي مكان مقدس.”
وتابع الأزمي: “لكن، هذا الإحراق يذكرنا بأن الشعب المغربي والمملكة المغربية، كانا دائما إلى جانب فلسطين، ولم يكتمل شهر بعد إحراق المسجد حتى اجتمعت بالمغرب منظمة المؤتمر الإسلامي بدعوة من الملك، وكان ذلك إعلانا للنفير ضد هذا الحدث الهمجي، وهذا يذكرنا بمكانة المغرب ومسؤولية المغرب ودولة المغرب لدعوة كل المسلمين والعرب لنصرة فلسطين”.
ثم زاد الوزير السابق: “هذا الخذلان من الدول العربية والإسلامية يؤلمنا كثيرا، فما يحدث من تقتيل في فلسطين لا يقف في حدودها، وقد أعلن مجرم الحرب نتنياهو بأن هدفه ومهمته التاريخية والروحية والدينية هو إقامة إسرائيل الكبرى، ومعنى هذا أن أعينه ليست على فلسطين فقط، بل على مجموعة من الدول العربية، وكما يقال أكلت يوم أكل الثور الأبيض، وعلى دولنا ومسؤولينا وحكامنا أن ينتصروا لإخواننا في غزة ويوقفوا هذه المجزرة”.
محمد الزهاري، الأمين العام الأسبق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، قال بدوره لهسبريس إن “هذا الاعتصام تجديد لدعم الشعب المغربي بكل مكوناته النقابية والسياسية والحقوقية للشعب الفلسطيني، وتنديدٌ بما يحدث من جرائم إبادة وضد الإنسانية، في غزة والضفة الغربية، من تقتيل للشيوخ والأطفال والنساء، وهدم للبنيات التحتية من طرق ومدارس ومستشفيات، والآن كما نقلت مجلة الغارديان البريطانية، من بين كل ستة قتلى وشهداء 5 يكونون مدنيين”.
إذن، شدّد الفاعل الحقوقي على أن “ما يحدث اليوم يستدعي من ما تبقى من العالم الحامل لضمير الإنسانية أن يرتفع صوته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية… ومختلف المنابر لوقف التقتيل الجماعي والإبادة للشعب الفلسطيني”.
هذا الاعتصام يتزامن تنظيمه أيضا مع “الذكرى الأليمة لحرق المسجد الأقصى سنة 1969″، حسب تصريح الزهاري الذي ذكّر بأن هذا كان “السبب الرئيس لتأسيس منظمة التعاون الإسلامي بالمغرب”، مما يعني اليوم أن “علينا التصدي لكل سياسات العدو الصهيوني الذي يمحو المقدسات الإسلامية، ويحاول التهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه، وحرمانه من دولة فلسطين التي عاصمتها القدس الشريف”.
أما أوس الرمال، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، فقال إن الاعتصام “معبر عن صوت شعبٍ لا يقبل الظلم، ولا يساوم على كرامته، ولا يبيع قضاياه”، رغم أن “الاحتلال حول بيوتهم إلى مقابر ومستشفياتهم إلى خراب، مع تقتيل وتجويع الأطفال والنساء والشيوخ”، وهي مأساة يقابلها “صمود أسطوري، بإيمان راسخ ومقاومة لا تلين”.
وشدّد الرمال على أن “ما يجري في غزة مشروع ممنهج لإبادة جماعية متكاملة الأركان لاقتلاع الشعب من جذوره، وهو عدوان ضد الإنسانية بأجمعها قبل أن يكون ضد شعب”، لهذا يقول المعتصمون اليوم في الرباط أمام البرلمان الذي هو “المؤسسة التي يفترض أن تمثل صوت المغاربة: دماء أطفال غزة ليست رخيصة، وكرامة الفلسطينيين ليست للمساومة (…) والاحتلال إلى زوال، والحرية لفلسطين”.
تجدر الإشارة إلى أن يوم أمس الجمعة قد شهد خروج عشرات الوقفات في أزيد من أربعين مدينة كبرى وصغرى، بعد صلاتي الجمعة والمغرب، بدعوة من “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة”.
كما يُذكر أن المغرب يشهد، باستمرار منذ 7 أكتوبر 2023، مسيرات ووقفات ومبادرات تضامنية مع فلسطين المحتلة تنظمها هيئات متعددة، مختلفة الانتماءات الفكرية والسياسية، منها منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، وأحزاب سياسية، ونقابات مهنية، وفصائل طلّابية، وجمعيات، وهيئات مغربية مدافعة عن فلسطين، من بينها الهيئة المغربية للدعم والنصرة، ومجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، والجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع التي من بين مكوناتها أحزاب “الاشتراكي الموحد” و”فيدرالية اليسار الديمقراطي” ودائرة “العدل والإحسان” السياسية، و”النهج الديمقراطي العمالي”، إلى جانب “الحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (بي دي إس)”.