اعتبر الدكتور محسن بنزاكور، أستاذ علم النفس الاجتماعي، أن الحديث عن العنف ضد المرأة في المجتمع المغربي ليس موضوعا جديدا، مشيرا إلى أن وزارة الأسرة والتضامن قامت، في سنة 2020، بدراسة حول العنف ضد المرأة.
وأضاف بنزاكور، في تصريح لجريدة العمق، على خلفية دراسة صادرة عن Afrobarometer كشفت أن حوالي 24% من المغاربة يعتبرون أن ضرب الزوجة مبرر “أحيانا” أو “دائما”، (أضاف) أن نتائج الدراسة أظهرت أن العنف النفسي واللفظي يحتل الصدارة، بينما لم تتجاوز نسبة العنف الجسدي 12٪، وهو رقم مرفوض في حد ذاته، لكنه يتيح التمييز بين العنف الفعلي وتبريره.
وأكد بنزاكور أن بعض الأفراد، رغم عدم ممارستهم العنف، يجدون له مبررا، موضحا أن هذا مرتبط بالبعد الثقافي والتأويل الديني الخاطئ لمعنى “الضرب”، مبرزا أن البعض ما زال يفسر “الضرب” بطريقة خاطئة، حيث يفهمونه على أنه “الضرب بالعصا” بينما المعنى اللغوي هو “القطع”.
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن هذا الفهم الخاطئ منتشر بشكل واسع، خاصة بين الطبقات الفقيرة والهشة، حيث يرتفع مستوى الاعتقاد الخاطئ كلما انخفض مستوى التعليم، مما يؤدي إلى سوء فهم النصوص الدينية وبعض السلوكيات الاجتماعية، ويجعل بعض الرجال يعتقدون أنهم أقوى من النساء ويملكون “الحق” في السيطرة، مترافقا مع تفسير خاطئ لمفهوم “الطاعة”.
وأبرز الدكتور بنزاكور أن هذا المعتقد ما زال حاضرا في المجتمع المغربي ويتم ترويجه في مختلف المناطق، مما يؤدي إلى تبرير ضرب الزوجة، موضحا أن العنف النفسي واللفظي لا يزال موجودا، وقد يتطور أحيانا إلى العنف الجسدي، لافتا إلى أن المعتقد الخاطئ هو ما يؤدي في النهاية إلى نتائج خطيرة.
وأضاف بتزاكور أن البعد الاقتصادي يعد سببا مباشرا آخر لتبرير العنف، موضحا أن انخفاض المستوى الاقتصادي للأسرة والصعوبات المعيشية تؤثر على العلاقة الزوجية، وتجعلها أقل توازنا، وتزيد من احتمالية نشوء العنف داخل الأسرة، سواء في السكن أو في بيئات اجتماعية متأثرة بالعنف الاقتصادي والاجتماعي.
كما أبرز الدكتور بنزاكور التأويلات الخاطئة التي تساهم في ترسيخ المعتقدات، خاصة الصورة السلبية التي يحملها بعض الرجال عن المجتمع المدني والجمعيات النسائية، مشيرا إلى أنهم يعتقدون أحيانا أن الجمعيات “تحرض النساء ضد الرجال”، ما يزيد من سوء الفهم ويعزز المواقف الثقافية الخاطئة.
وختم الدكتور بنزاكور تصريحه بالتأكيد على أن العنف ضد النساء في المغرب بدأ يتراجع بشكل ملحوظ، وأن المحاكم عند النظر في قضايا الطلاق والمشاكل الزوجية لم تعد تعتبر العنف الجسدي السبب الأول، حيث تشير الإحصائيات الرسمية للنيابة العامة إلى أن الأسباب الاقتصادية أصبحت في مقدمة دوافع الطلاق، وغالبا ما يتم الطلاق باتفاق الطرفين، مما يعكس تحولا في الديناميات الاجتماعية وتراجع الإشكاليات المرتبطة بالعنف الجسدي.