آخر الأخبار

"سرقة أنيقة".. مقالات كُتاب بقلم "شات جي بي تي" تغزو الوسط الأدبي

شارك

لم يعد الناقد اليوم بحاجة إلى قهوة مُرة، ولا إلى ليالٍ طويلة بين الكتب والمخطوطات، ولا حتى إلى تلك الحيرة المرهقة أمام نص معقد. كل ما عليه فعله هو أن يفتح نافذة على برنامج ذكاء اصطناعي، يكتب بضع كلمات، ثم يجلس بانتظار “النص المعجزة” ليهبط عليه في ثوانٍ. بعدها، يمد يده الكريمة إلى لوحة المفاتيح، ليضع اسمه في أسفل النص، وكأن العرق الذي سال على الكلمات كان عرقه.

إنها سرقة من نوع جديد: سرقة أنيقة، بلا أقفال مكسورة ولا أبواب مخلعة، لكنها أكثر خطورة من السرقة التقليدية. فالناقد الذي ينسب لنفسه نصًا آليًا هو في الحقيقة يسرق هوية الكتابة، ويخلط على القارئ الحدود الفاصلة بين ما هو إنساني وما هو مصنع في مختبر رقمي.

في هذا المقال، لن نهادن، ولن نغلف الكلمات بالمديح والمراوغة. سنضع الأصبع على الجرح ونكشف كيف تتشابه النصوص الآلية إلى حد الفضيحة، ولماذا يظن بعض الكتاب أن بإمكانهم تمريرها على القارئ كما يمرر المزور ورقة نقدية مزيفة في سوق مزدحم، “سوق النقد الأدبي”.

كنت أرى النقاد مثل صيادي اللؤلؤ، يغطسون في أعماق النصوص ليعودوا بقطرة معنى، أو بجرح صغير في الروح. كان النقد آنذاك حواراً خفياً يجمع القارئ بالنص.

اليوم تغيّر المشهد. صارت بعض النصوص النقدية تخرج من أقبية إلكترونية تتحكم فيها المعادلات الرياضية، مصقولة بلا شائبة، لكنها بلا روح أيضاً. نصوص تولد في لحظة، لكنها لا تحمل تعب الكاتب ولا رائحته ولا أسلوبه. تُنشر على عجل، موقعة بأسماء بشرية، وكأنها ولدت من قلب تجربة قراءة، بينما هي في الحقيقة ثمرة خوارزمية صامتة لا تعرف شيئاً عن لذة الاكتشاف ولا عن ثقل الحيرة أمام نص عصي على الفهم.
في هذا المقال، سنقترب من هذه الظاهرة، نلمس حدودها، ونقارن بين النقد المولد آلياً والنقد البشري الأصيل، لنذكر بأن الكتابة، مثل الحياة، تحتاج قلباً نابضاً كي تظل حيّة.

الكتابة التي بلا رائحة:

النقد الأدبي، في جوهره، فعل قراءة وتأويل ينهل من ذاكرة الناقد ومن تجربته الحياتية وذائقته الجمالية وأيضاً إن صح القول من حساسيته النفسية والشعورية، وليس مجرد رصف جمل أنيقة. النصوص التي تنتجها الآلة قد تُبهر العين لأول وهلة، لكنها، عند القراءة المتأنية، تشبه اللوحات المطبوعة التي تحاكي لوحات فنية أصيلة: متقنة، لكنها بلا رائحة زيت، كما أنها لا تحمل بين تفاصيلها الصغيرة أثر الأصابع.

إن العبارات النقدية التي يولدها الذكاء الاصطناعي غالبًا ما تكون فضفاضة وملساء وقابلة لإعادة التدوير في أي سياق. فهي تصف العمل وكأنه جزء من قالب جاهز، حيث يمكن استبدال اسم الرواية واسم الكاتب لتصلح الجملة نفسها كمديح لأي نص آخر، وقد صادفت خلال هذا الأسبوع فقط مجموعة من المقالات المنشورة على الفيسبوك وعلى صفحات الجرائد الورقية، مقالات سريعة، متشابهة، مكتوبة بشكل آلي.

اللغة الملساء مقابل اللغة “المجروحة” المرتبكة:

حين يكتب ناقد بشري، حتى وإن أخطأ، فإن خطأه يصبح جزءًا من نسيج النص، دليلاً على أن هناك روحًا تتنفس خلف الكلمات. أما النصوص “الآلية” فتكاد تخلو من الترددات الداخلية، من علامات الانفعال أو الانحياز، من ذلك الخيط العاطفي الخفي الذي يربط الناقد بالنص موضوع قراءته.

الذكاء الاصطناعي يجيد توليد الجمل الجيدة والشاعرية أيضاً، لكنه يفتقر بشكل كبير إلى “الندبة” التي تتركها التجربة الإنسانية في العبارة. ولهذا، فإن النصوص النقدية المولدة آليًا ينقصها في كثير من الأحيان التفاصيل الدقيقة والأمثلة الملموسة والقراءة المتأنية التي تكشف عن علاقة شخصية بالنص.

تشابه النصوص الآلية: التكرار الذي يفضح المصدر:

من يقرأ عدداً كبيراً من النصوص النقدية المولدة بالذكاء الاصطناعي يلاحظ سريعاً درجة التشابه بينها، إلى حدّ يمكن وصفه بالمخيف. فهذه النصوص، رغم اختلاف العناوين والمواضيع، تنبض بنفس الإيقاع وتستخدم نفس البنى التركيبية وأيضاً تعيد تدوير نفس العبارات المفتاحية.

يمكنك أن تجد في نص عن رواية معاصرة العبارة نفسها التي تجدها في نقد مسرحية أو ديوان شعر: مثلاً هذه العبارة “يظل العمل مفتوحاً على تأويلات متعددة تثري النقاش النقدي” أو “يمزج النص بين الواقعية والرمزية في مقاربة فنية مبتكرة”. هذه الجمل لا تأتي من تجربة قراءة فريدة، إنما ببساطة من خزان إحصائي هائل يعيد إنتاج ما هو شائع ومتكرر بشكل رياضي.

هذا التشابه يكشف عن محدودية الخيال “الآلي”، ويفضح غياب البصمة الفردية التي تميز الكاتب أو الناقد الحقيقي. فالكتابة البشرية، حتى عندما تستخدم تراكيب شائعة، تظل ممهورة بإيقاع صاحبها، بنبرته، بانحيازاته الصغيرة، بخدوشه اللغوية التي لا تتكرر مرتين. أما النصوص الآلية، فهي مثل عملات معدنية خرجت من القالب نفسه: متقنة، لامعة، لكنها جافة لا روح فيها.

أخلاقيات الكتابة وحقوق المؤلف في عصر الكتابة الآلية:

مع صعود الذكاء الاصطناعي إلى ساحة الإبداع والنقد، برزت إشكالات أخلاقية وقانونية معقدة تتعلق بملكية النصوص وحقوق المؤلف. فالكتابة النقدية أو الأدبية لم تعد ناتجة بالضرورة عن جهد ذهني فردي، ولكن قد تكون ثمرة عملية توليد آلي تعتمد على خوارزميات تدربت على نصوص كتبها بشر آخرون. هذا يثير سؤالين أساسيين: من هو المؤلف الحقيقي؟ ومن يملك حق الاستفادة من النص؟

من الناحية الأخلاقية، يفترض في الكاتب أو الناقد أن يكون شفافاً بشأن استخدامه للأدوات الآلية، وألا ينسب لنفسه نصاً لم يكتبه أو لم يسهم فيه إلا جزئياً. أما من الناحية القانونية، فإن غياب إطار تشريعي واضح في كثير من الدول يجعل هذه المنطقة رمادية، حيث لا يُعرف إن كان النص المولّد محمياً بحقوق الملكية الفكرية أو إن كان يُعدّ “عملاً عاماً”.

في كل الأحوال، يبقى المبدأ الأخلاقي الأهم هو الأمانة الفكرية: الاعتراف بدور الأدوات الآلية، وعدم تقديم نص آلي كامل على أنه ثمرة جهد إنساني خالص. فالكتابة، قبل أن تكون ملكية قانونية، هي هوية ومسؤولية أمام القارئ والتاريخ.

في الماضي، كان الناقد يحتاج أسابيع وربما أشهر ليكتب مقالًا نقديًا متماسكًا، يقرأ العمل أكثر من مرة، ويعود إلى مراجع، ويتأمل في كل عبارة قبل أن يرسلها للنشر. اليوم، بفضل الكتابة الآلية، صار بإمكان أحد النقاد أن ينشر مقالًا جديدًا كل ثلاثة أيام، وكأن النصوص تتكاثر على مكتبه مثل أوراق مطبوعة من آلة لا تعرف التعب. هذه الوتيرة المدهشة تأتي من قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج نصوص جاهزة في دقائق، لا تحتاج سوى تعديل سطحي أو إضافة جملة انطباعية هنا وهناك، “روتشات”.

النتيجة أن القارئ، الذي كان ينتظر مقال الناقد على أساس أنه ثمرة رحلة فكرية طويلة، صار يتلقى سيلًا من النصوص الملساء التي تتشابه في نبرتها وتراكيبها، حتى لو اختلفت مواضيعها. وبينما يبدو الناقد حاضرًا في كل مكان، فإن حضوره الحقيقي يتضاءل، لأن صوته الخاص يضيع وسط همهمة الخوارزميات التي تكتب نيابة عنه.

الكتاب الجدد:

انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية، برزت ظاهرة لافتة: ظهور أسماء جديدة في الساحة الأدبية والنقدية، لا تملك في حقيقتها تاريخًا كتابيًا سابقًا، لكنها قفزت فجأة إلى واجهة المشهد بفضل نصوص مصقولة أنتجتها الآلة. هؤلاء “الكتاب الجدد” لا يحتاجون إلى سنوات من التمرين على الصياغة أو الغوص في الكتب، ولا يمرون بتجربة التدرج من الهواية إلى الاحتراف؛ فالآلة تمنحهم لغة جاهزة، وأساليب نقدية مُعلبة، وبريقًا آنياً يخفي غياب العمق.

المفارقة أن بعضهم بدأ يقدم في الملتقيات والصفحات الثقافية باعتباره “صوتًا نقديًا جديدًا” أو “قلمًا إبداعيًا واعدًا”، بينما الحقيقة أن معظم إنتاجه قائم على إعادة تركيب أنماط مأخوذة من نصوص سابقة دربت عليها الخوارزميات.

في مواجهة هذا السيل الجارف من الأصوات الجديدة المولودة من الخوارزميات، يجد النقاد الكبار وأصحاب التجارب الطويلة أنفسهم في موقع دفاعي غير مألوف. فالمشهد الذي كان يومًا يقوم على التراكم المعرفي والعمق التحليلي صار اليوم أكثر انجذابًا للبريق السريع واللغة المنمقة التي تمنحها البرامج الذكية بضغطة زر. المنابر الإعلامية، بدورها، تميل إلى استضافة الأسماء “اللامعة” على الشبكات الاجتماعية، حتى وإن كانت بلا رصيد نقدي حقيقي، لأن النصوص التي يقدّمونها تبدو سلسة وجاهزة للنشر.

هذا التحول يهدد بتهميش الأصوات الراسخة التي اعتادت أن تقرأ النصوص ببطء، وتغوص في طبقاتها العميقة، وتكتب بلغة تحمل أثر السنين والمواجهة الحقيقية مع الإبداع. في زمن الكتابة الآلية، أصبح من السهل أن يُستبدل الناقد صاحب الخبرة بآخر “مصنع” في بضعة أشهر، فيختفي الفرق بين قراءة عاشها الناقد بكل حواسه وقراءة صاغتها خوارزمية لم تعرف يومًا معنى الدهشة أو الخيبة أو الشغف.

قد تنطلي الحيلة على القارئ العابر الذي يكتفي بالعناوين والعبارات البراقة، لكن القارئ الفطن يعرف كيف يلتقط الخيوط الخفية التي تكشف أن النص مولد آليًا. يلاحظ أولًا أن جميع المقالات، مهما اختلفت موضوعاتها، تتشابه في النبرة، وفي ترتيب الأفكار، وحتى في نوع الجمل المستخدمة. يجد نفس الاستهلال المكرر بصيغة عامة، والخاتمة التي تلخّص بحكمة مُعلبة يمكن أن تصلح لأي عمل أدبي أو فني.

بصفتي طالبًا باحثًا في مجال الذكاء الاصطناعي والكتابة الإبداعية، بكلية علوم التربية – جامعة محمد الخامس، ومن خلال البحث الأكاديمي الذي اشتغلت عليه في هذا السياق، سأعمل على تبسيط وشرح الأساليب المعتمدة في إنتاج النصوص بواسطة النماذج اللغوية الآلية. وقد قمتُ، في هذا الإطار، بتحليل عدد من المقالات والخطابات الأدبية والنقدية، لرصد الخصائص الأسلوبية والبنيوية التي تميز الكتابة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، خصوصًا من حيث التراكيب المتكررة، والصياغات الجاهزة، والانزياح عن الحسّ النقدي البشري، حتى نفهم كيف تتشكل العبارات والنصوص التي ينتجها الذكاء الاصطناعي، ولماذا تبدو أحياناً ملساء أو متشابهة الأسلوب.

“بل”… أداة العطف المفضّلة لدى الخوارزميات :

من يقرأ النصوص المولّدة بالذكاء الاصطناعي يلاحظ تكرارًا لافتًا لأداة العطف “بل”، حتى تكاد تتحول إلى بصمة أسلوبية للكتابة الآلية. فالآلة، في سعيها لإضفاء تنويع بلاغي وربط منطقي بين الجمل، تلجأ إلى “بل” لأنها أداة انتقالية سهلة بالنسبة للنموذج اللغوي.

“بل” حرف عطف يفيد الإضراب، أي العدول عن الحكم الأول وإثبات الحكم للثاني، وتُستعمل عندما يريد المتكلّم نفي أو تصحيح ما قبلها، ثم تأكيد ما بعدها. فالنموذج مثل شات جي بي تي برمج على ببناء نصوصه على هذا الشكل، نفي أو تصحيح أول الجملة وإثبات نهايتها.

فتقرأ مثلًا الجملة الآلية التي صادفتها بشكل كبير خلال عملية البحث: “النص لا يكتفي بتصوير الشخصيات، بل يمنحها أبعادًا فلسفية”، أو “العمل لا يقتصر على الحكاية، بل يتجاوزها إلى مساءلة الواقع”. هذه التراكيب، رغم سلاستها، تصبح نمطية عند تكرارها في كل فقرة تقريبًا، فيفقد “بل” وظيفته البلاغية الأصلية، ويتحول إلى علامة تكشف أن النص جاء من مصنع جملٍ مهيكل مسبقًا.

“ليس فقط… بل أيضًا” الثنائية الجاهزة:

من السمات الأسلوبية التي تكشف الطابع الآلي للنصوص النقدية الإفراط في استخدام التركيب الثنائي “ليس فقط… بل أيضًا”. هذه الصيغة، التي يُفترض أن تأتي لتوسيع المعنى أو إضافة بعد جديد للفكرة، تتحول في النصوص المولدة آليًا إلى أداة بلاغية متكررة تُحشر في كل سياق تقريبًا، سواء اقتضته الفكرة أو لم تقتضه.

فنقرأ الجملة الآلية التالية: “النص ليس فقط يعكس الواقع الاجتماعي، بل أيضًا يعيد تشكيله فنيًا”، أو “الشخصية ليست فقط محور الحكاية، بل أيضًا مفتاح الأسئلة الفلسفية”. المشكلة أن الخوارزمية توظف هذا التركيب ببساطة لأنه صيغة آمنة تضمن الانسياب الإيقاعي، لكنها لا تراعي أن التكرار المفرط يحوّل الجملة إلى قالب جامد، ويفقدها عنصر المفاجأة أو النبرة الخاصة بالكاتب البشري.

في النهاية، تصبح “ليس فقط… بل أيضًا” مثل بصمة لغوية لا تخطئها العين، تدل على أن النص وُلد من معمل لغوي إحصائي.
عبارات الربط التي تفضح النص الآلي:

هناك مجموعة من العبارات الانتقالية التي تتكرر في النصوص المولّدة بالذكاء الاصطناعي إلى درجة تصبح معها بمثابة بصمة أسلوبية تكشف مصدرها. فالآلة، بحكم تدريبها على أنماط لغوية شائعة، تميل إلى استخدام روابط مأمونة لا تحدث صدامًا مع القارئ، مثل:

“في الحقيقة””من جهة أخرى” “على المستوى الفكري/الجمالي/الرمزي” “على الصعيد الإبداعي” “إلى حدّ كبير”

هذه الروابط، رغم أنها صحيحة نحويًا وضرورية أحيانًا، تتحول في النص الآلي إلى أوتاد بلاغية متكررة، تُستعمل حتى في المواضع التي لا تحتاجها، فقط للحفاظ على الإيقاع أو ملء الفراغ، والنتيجة أن النص يبدو متماسكًا من الخارج، لكنه في الحقيقة ينساب على سكة جاهزة، بلا انعطافات مفاجئة أو قفزات فكرية، كما يحدث في الكتابة البشرية الحقيقية.

نماذج لعبارات نقدية آلية بقلم شات جي بي تي 4:

“يمثل النص رحلة إبداعية تتجاوز المألوف وتفتح آفاقاً جديدة للتفكير.”

“يتبنى النص تقنية تعدد الأصوات لخلق تنوع في زوايا الرؤية.”

“يحمل النص بين طياته أبعاداً فلسفية تتقاطع مع الهم الإنساني العام.”

“تغدو الجملة السردية في النص أقرب إلى النحت في المعنى.”

“في المحصلة، ينجح النص في تقديم تجربة قرائية مميزة.

أمثلة على علامات الترقيم واستخدام الواو في النصوص الآلية:

نموذج فقرة آلية بقلم شات جي بي تي 4:

“يمثل النص تجربة فريدة في الأدب العربي، ويجمع بين الواقعية والرمزية، ويطرح إشكاليات الهوية والانتماء. ويمتاز بالسرد المتوازن، واللغة المتزنة، والتقنيات الحديثة.”

ملاحظات:

استخدام الفاصلة المتكررة لفصل الصفات أو الأفكار، أحيانًا بشكل مفرط.

استخدام متتابع لـ واو العطف (و) في بداية الجملة الثانية، دون تنويع في أسلوب الربط.

الجمل قصيرة ومنفصلة، مما يعطي انطباعًا آليًا متكررًا.

نموذج فقرة آلية أخرى:

“النص لا يقتصر على تقديم سرد شيق، بل أيضًا يعمق في التحليل النفسي للشخصيات. ويستخدم تقنيات سردية متعددة، ويتميز بأسلوب سلس وانسيابي.”

ملاحظات:

الاستخدام المكرر لصيغة الثنائية “لا… بل” بشكل متكرر.

بداية جملة جديدة بـ “ويستخدم” مع الواو، مما يخلق تتابعًا نمطيًا في الربط.

تراكم علامات الترقيم الصغيرة كالفواصل، بدون إحداث فواصل بلاغية متنوعة.

نموذج فقرة تحليلية مركبة بقلم شات جي بي تي 4:

“يرتكز النص على ثنائية الحضور والغياب، ويطرح تساؤلات وجودية، ويحفز القارئ على التأمل. ويمزج بين الواقع والخيال، ويوظف اللغة بشكل إبداعي، ويحقق توازنًا بين الشكل والمضمون.”

ملاحظات:

تكرار استخدام “و” لربط مجموعة من الجمل التي قد كان من الممكن دمج بعضها أو تنويع الروابط بينها.

التراكم السريع للأفكار الموصولة بواو العطف يعطي انطباعًا بنص مأخوذ من قائمة نقاط أكثر منه تحليلًا متعمقًا.

الاعتماد على الأنماط الإحصائية :

النموذج يتدرّب على مليارات الجمل من النصوص المكتوبة سابقاً، ويحسب احتمالية ظهور كلمة معينة بعد كلمة أو عبارة سابقة.

النتيجة: الجمل تأتي مرتبة ومتماسكة من الناحية النحوية، لكنها غالباً قابلة للتوقع وتشبه صيغاً جاهزة.

مثال:

صيغة شائعة: “يمثل النص رحلة فكرية وجمالية…”

السبب: النموذج وجد أن هذه البنية (يمثل + النص + رحلة…) تتكرر كثيراً في الكتابات النقدية.

توليد الجملة من الأعلى إلى الأسف:

يبدأ النموذج بتوليد فكرة عامة (Theme) ثم يملأها بجمل تدعمها، بدلاً من الانطلاق من تفاصيل واقعية أو شخصية.

النتيجة: الجمل تبدو متماسكة منطقياً لكنها تفتقر للتفاصيل الدقيقة المرتبطة بتجربة أو موقف شخصي.

مثال:

“العمل يطرح إشكاليات الهوية والانتماء.”

عبارة صحيحة نحويًا، لكنها عامة ويمكن وضعها لأي نص تقريباً.

الدمج القوالبي:

النموذج يستخدم قوالب تركيبية ثابتة ثم يملأها بكلمات متغيرة.

النتيجة: كثرة العبارات التي تبدأ أو تنتهي بنفس البنية، مع تغيّر طفيف في المفردات.

مثال قالب شائع:

[الفعل] + [الموضوع] + في + [إطار/سياق] + [وصف عام]

“يمزج النص بين الواقعية والرمزية في مقاربة فنية مبتكرة.”

. الإيقاع اللغوي المتناظر :

النموذج يفضل الجمل المتوازنة في الطول والإيقاع، خاصة في النصوص الأدبية أو النقدية.

النتيجة: نصوص ملساء، منمقة، لكنها أحياناً تخلو من الانكسارات التي تميز الكتابة البشرية.

مثال:

“تنبض الشخصيات بالحياة وتخاطب القارئ بلغة شاعرية تحفّز التأمل العميق.

إعادة التدوير الدلالي :

النموذج يعيد استخدام تراكيب وأفكار شائعة في النصوص السابقة التي تدرب عليها، بصيغ مختلفة لكن بمحتوى متشابه.

النتيجة: تكرار المفاهيم (الرحلة – ثنائية الحضور والغياب – الانفتاح على التأويلات…) حتى في سياقات مختلفة.

مثال:

“يظل النص مفتوحاً على تأويلات متعددة تثري النقاش النقدي.”

التجنب المقصود للمواقف الحادة:

النماذج اللغوية تفضّل عدم إبداء موقف نقدي صارم، فتنتج جُملاً وسطية، تحتمل المدح أكثر من الذم.

النتيجة: النصوص تبدو “لطيفة” وغير صادمة، بعيدة عن اللغة الانفعالية.

مثال:

“يمكن اعتبار هذا العمل محطة مهمة في مسار الكاتب الإبداعي.”

مديح عام دون أي دليل نقدي أو موقف محدد.

خاتمة:

إن دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجال النقد الأدبي يفرض علينا إعادة النظر في مفهوم “الأصالة” و”الملكية الإبداعية”. فحين يتوارى الناقد خلف خوارزمية، ويدّعي أن ما كتبته الآلة هو ثمرة قراءته فهذه جريمة أخلاقية.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا