آخر الأخبار

حموني: الحكومة لم تلتزم ببرنامجها.. أرقام رسمية تثبت إخفاقها في ملفات حيوية (حوار) - العمق المغربي

شارك

أكد رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، أن حصيلة الحكومة العامة تظل سلبية رغم بعض نقط الضوء في عملها، وفق تعبيره، مبرزا أنها لم تلتزم بمجموعة من الوعود الواردة في برنامجها الحكومي.

وأوضح حموني، في حوار مع جريدة “العمق المغربي”، أن “الحكومة أخفقت في أشياء كثيرة وأن هذا التقييم مسنود، وفق تعبيره، بأرقام ومعطيات مؤسسات رسمية سواء في الصحة أو التعليم أو التشغيل أو تحسين القدرة الشرائية للمواطنين.

وبخصوص انتظاراته في السنة الأخيرة من عمر الحكومة، أكد رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب أن أبرز المشاريع والبرامج التي يجب العمل عليها تهم “النهوض بالاقتصاد الوطني وبالاستثمار بشكلٍ يخلق ما يكفي من مناصب الشغل، وبشكلٍ يحقق الإنصاف المجالي لفائدة العالم القروي والأقاليم ذات الخصاص التنموي، فضلا عن التفعيل الحقيقي، وفق تعبيره، لورش الحماية الاجتماعية الشاملة، وفتح ملف إصلاح صناديق التقاعد دون المساس بمكتسبات وبحقوق الأجراء والمتقاعدين”.

وفي ما يلي نص الحوار كاملا:

كيف تقيمون حصيلة الحكومة قبل سنة من انتهاء ولايتها خاصة في الصحة والتعليم والتشغيل؟

مثل أيِّ حكومة، من طبيعة الحال هذه الحكومة اشتغلت، وحققت أشياء، لكنها أخفقت في أشياء كثيرة. هذا ليس تقييمي لوحدي كمسؤول سياسيي أنتمي إلى المعارضة، بل هو تقييم مُستقى من المجتمع في شرائح كثيرة منه، وهو تقييم مسنود بأرقام ومعطيات مؤسسات رسمية.

في الصحة مثلاً، هناك تقدم على مستوى توسيع التغطية الصحية، لكن هناك أزيد من 8 مليون مغربي خارج التغطية الصحية، بمعنى ليس هناك تعميم بعد. وهناك مجهود على مستوى الرفع من الموارد البشرية ومن ميزانية القطاع الصحي، لكننا لا زلنا بعيدين عن المعايير الدولية بهذا الصدد. وهناك إمكانية نظرية اليوم لمعالجة حاملي “أمو تضامن” في القطاع الصحي الخصوصي، لكن حواليْ 63% من كلفة العلاجات يؤديها المواطن من جيبه الخاص، والأدوية أثمنتها فاحشة الغلاء بسبب لُوبيات المال والتجارة و”الهمزة”. وهناك تشريعات تم إخراجُها تتعلق بالخريطة الصحية، لكن ما بين 64% و80% من المراكز الصحية والأَسِرَّة تتمركز بخمس جهات.

في التعليم، لا يمكن إنكار المجهود المالي للحكومة للزيادة في أجور الأساتذة، ولا يمكن إنكار أننا اليوم أمام نظام أساسي موحد ومتقدم مقارنةً من سابقيه… لكن هل أصلحت الحكومة التعليم؟ طبعاً: لا. ببساطة لأن أهم إصلاح هو إصلاح المناهج والبرامج، لكننا اليوم لا نزالُ بعيدين عن مجرد الشروع في ذلك. وحتى مدارس الريادة تحتاجُ إلى تقييم مرحلي حقيقي وموضوعي، كما أنه يتعين الانتباه إلى الأصوات الخبيرة في حقل التعليم التي تنادي بضرورة تفادي السقوط في تعميق الفوارق التعليمية بسبب تطبيق مناهج مدرسة الريادة في مؤسسات تعليمية محدودة دون أخرى.

أما في التشغيل، نعم هناك بعض التحسن، خلال الشهور الأخيرة، في معدلات البطالة، لكن لا يجب أن ننسى أن البطالة في أربع سنوات من عمر الحكومة وصلت إلى أرقام غير مسبوقة منذ عقود، وتقترب في أوساط الشباب من 40%. كما ينبغي ألا ننسى أن الحكومة التي التزمت بخلق مليون منصب شغل في خمس سنوات، خسر الاقتصاد الوطني في ظلها عشراتِ الآلاف من مناصب الشغل.

وبالتالي، يمكن أن أقول، على العموم، إن الحكومة تشتغل، لكن حصيلتها العامة تظل سلبية رغم بعض نقط الضوء في عملها هنا وهناك.

هل تعتقدون أن الحكومة احترمت التزاماتها في البرنامج الحكومي؟

قبل أن أُجيب على سؤالك، لديَّ ملاحظات أساسيتان: الأولى هي أن الحكومة عندما كانت تصوغ برنامجها الحكومي كانت تعرف بالضبط أبرز الإكراهات كالجفاف والاضطرابات الدولية. والملاحظة الثانية هي أن هذه الحكومة كان لديها مجال واسع لتستفيد من إيجابيات ربما لم تتوفر بنفس القدر لحكومات سابقة: الأغلبية الواسعة في البرلمان والجهات والمدن؛ انتعاشة ما بعد كورونا؛ عائدات السياحة بعد إنجاز المنتخب الوطني لكرة القدم؛ فرصة كأس العالم 2030 وما أثاره من حماس؛ وُجود جاهز لمعظم التشريعات المؤطرة للأوراش الكبرى كالقانون الإطار للحماية الاجتماعية، والقانون الإطار للتعليم؛ والقانون الإطار لإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية؛ والقانون الإطار للإصلاح الجبائي…والأهم هو وجود الحكومة الحالية أمام وثيقة إصلاحية مرجعية أساسية هي وثيقة النموذج التنموي الجديد.

إذن، كان للحكومة كل مقومات النجاح في تنفيذ التزاماتها. لكن الواقع غير ذلك، فقد تعهد البرنامج الحكومي بنسبة نمو سنوي 4%، لكن متوسط النمو في أربع سنوات يتراوح في حدود 3% فقط، باستحضار التقدم المسجل في 2025 بسبب السنة الممطرة، وتعهد البرنامج الحكومي بتصنيف بلادنا ضمن أفضل 60 بلداً من حيث التعليم، دون أن يتحقق هذا الالتزام.

وتعهدت الحكومة بإخراج مليون أسرة من الفقر، لكن المندوبية السامية للتخطيط تتحدث عن انزلاق 3,2 مليون مغربي نحو الفقر والهشاشة، ورغم التحسن لا يزال 2.5 مليون مغربي في وضعية فقر ونحو 3 مليون في وضعية هشاشة.

والتزمت الحكومة بتقليص الفوارق المجالية. وها هو صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في خطاب العرش، يَضعُ للعدالة المجالية أُسسا ومقاربات جديدة من أجل النجاح في رفع هذا التحدي الذي يجعل بلادنا تسيرُ بسرعتيْن.

والتزمت الحكومة بتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، لكن الحكومة لم تقترب، لحد الآن، من ملفيْن حارقيْن هما: إصلاح التقاعد والتعويض عن فُقدان الشغل، كما لم تحقق التعميم الفعلي للتغطية الصحية كما قلتُ سابقاً، والتزمت الحكومة بالرفع من نسبة نشاط النساء في سوق الشغل من 20 إلى 30%، لكن المعدل انخفض إلى ما بين 18 و19%.

ما مدى احترام الحكومة للأجندة الملكية في تنزيل الأوراش الكبرى وهل يتوجد فجوة بين الخطاب الملكي والمنجز الحكومي؟

الدستور واضح جدا ومتقدم جدا عل كل المستويات، ومن بينها من حيث الاختصاصات المؤسساتية. وجلالة الملك، حفظه الله، برهن بالملموس دائماً أنه يُعطي القدوة والنموذج والمثال في احترام الدستور بحذافيره وتفاصيله. في هذا الإطار يضطلعُ جلالة الملك بعددٍ من الأدوار الريادية، كمحور للعمل المؤسساتي وساهر على حُسن سير سلطات البلاد. على هذا الأساس يَسهرُ جلالة الملك على إحاطة كل الأوراش الكبرى والمهيكلة، في كل المجالات الحيوية، بتوجيهاتٍ سامية وحكيمة ومستنيرة ترتكز على المصلحة العامة للوطن والشعب أولاً وأخيراً.

ويظل هنا دورُ المؤسسات والهيئات الأخرى، من حكومة وبرلمان وقضاء وجماعات ترابية ومؤسسات الحكامة وأحزاب ونقابات وغيرها، دوراً أساسيا من حيث التفعيل والتنزيل والأجرأة والتطبيق، لأن الدستور أعطى لكل سلطة ولكل مؤسسة مساحاتٍ واسعة للفِعل والتأثير.

وهنا يأتي دور الحكومة، وهو دور كبير، لأنها تتوفر على الإدارة تحت تصرفها، وهي المسؤولة عن الميزانية، وعن وضع البرنامج الحكومي وتفعيله، ولها إمكانيات واسعة في المبادرة إلى التشريع، وفي برمجة المشاريع، وفي وضع البرامج، في مختلف المجالات.

أما فيما يخصُّ حديثك عن “فجوة بين الخطاب الملكي والمنجز الحكومي”، فأعتقد أن جلالة الملك يتعاملُ، بسُمُوّ وبحكمة وبُعد نظر وبشكلٍ استراتيجي، مع القضايا الكبرى ومع انتظارات الناس. وقد عَوَّدَنا جلالة الملك حفظه الله دائماً على أنه متجرد وموضوعي ويأخذ المسافة الضرورية عن التنافس الحزبي وعن منطق الأغلبية والمعارضة. ويمكنك العودة إلى كل خطابات جلالة الملك محمد السادس لتلمس تلك النفحة التفاؤلية الطموحة للارتقاء بالمغرب نحو الأفضل ارتكازاً على المكتسبات الكبيرة المحققة، وتلك النبرة الانتقادية المِقدامة للأوضاع غير الصحيحة وتوجيه المؤسسات المعنية نحو تصحيحها.

ما انتظاراتكم من الحكومة في الدخول الاجتماعي والسياسي المقبل؟

السنة السياسية المقبلة هي آخر سنة في الانتداب الحكومي التشريعي، وانتظاراتي من الحكومة الآن هي نفسُ انتظارات السنة الأولى: النهوض بالاقتصاد الوطني وبالاستثمار بشكلٍ يخلق ما يكفي من مناصب الشغل، وبشكلٍ يحقق الإنصاف المجالي لفائدة العالم القروي والأقاليم ذات الخصاص التنموي، كما ورد في الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد.

ننتظر، كذلك، التفعيل الحقيقي لورش الحماية الاجتماعية الشاملة، وفتح ملف إصلاح صناديق التقاعد دون المساس بمكتسبات وبحقوق الأجراء والمتقاعدين.

ننتظر من الحكومة أن تأتي بمشروع مدون الأسرة، طبقاً لتوجيهات جلالة الملك. وننتظر من الحكومة أن تُحسِّن مناخ الأعمال والحكامة الجيدة، حتى نتفادى هذه المراتب المتأخرة في هذا المجال.

كما ننتظر من الحكومة أن تنأى مكوناتها عن أي استعمالٍ للإمكانيات المتاحة أمامها، كسلطة تنفيذية، في التنافس الانتخابي، ونحن عل بُعد سنة واحدة من الاستحقاقات التشريعية. فالبرامج والمشاريع الحكومية يجب أن تكون موضوعية وأن يتم توزيع الاستثمارات بشكلٍ يراعي المصلحة العامة فقط دون غيرها من الاعتبارات الحزبية والسياسية.

وسنظل دائما نتمنى النجاح لهذه الحكومة ولكل حكومة غيرها، لأن نجاحها هو نجاحٌ للمغرب وللمغاربة.

العمق المصدر: العمق
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل حماس نتنياهو

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا