قال أكاديميّان متخصّصان في العلوم السياسية المغربية إن استثمار الذكاء الاصطناعي ورقمنة العملية الانتخابية سنة 2026، “سيضفي طابعا من الشفافية والمصداقية على الاستحقاقات المقبلة”، مبرزَين أن هذه الخطوة قد تسهم في توسيع قاعدة المشاركة الشعبية، وتيسير ولوج فئات اجتماعية مهمّشة إلى حق التصويت، سواء داخل المغرب أو خارجه.
وفي سياق التحضير للانتخابات التشريعية المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس النواب لسنة 2026، وتشديد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على ضرورة استعمال التواصل الرقمي والذكاء الاصطناعي، أكد الباحثان أن “الرقمنة يمكن أن تقلّص من كلفة الانتخابات وتعزز مراقبتها، شريطة توفر بنية تحتية رقمية قوية”.
قال عبد الحميد بنخطاب، أكاديمي باحث في العلوم السياسية، إن “المغرب مؤهّل للاستثمار في الذكاء الاصطناعي في المحطة الانتخابية المقبلة، بخلاف العديد من الدول الأخرى”، مؤكدا أن “رقمنة العمليات الانتخابية” و”استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي”، أمر يتطلب بالضرورة استثمارات عمومية ضخمة، والمغرب يسير بالفعل في هذا الاتجاه.
وأضاف بنخطاب أن التكنولوجيا غالبا ما تُعتمد أولا، ثم يُنظر في كيفية تمويلها وتأقلم المجتمع معها وتوطينها. وشدد على أن رقمنة الانتخابات وتوظيف الذكاء الاصطناعي من شأنه تمكين شرائح واسعة من المواطنين، خاصة في الهوامش والقرى، من الوصول إلى حقهم في التصويت، وهو ما يعد أمرا مهمّا على المستوى الديمقراطي.
وتابع بأن “العديد من الأحزاب السياسية ترى في هذه التحولات وسيلة فعالة للوصول إلى فئات اجتماعية لم يكن بإمكانها استهدافها من قبل”، كما أن “الذكاء الاصطناعي يعزز أيضا شفافية العملية الانتخابية؛ إذ إن تنظيم الانتخابات رقميا واستعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي من شأنه إضفاء مزيد من المصداقية والرقابة على العملية برمتها”.
لكن بنخطاب تساءل في المقابل: “هل نحن فعلا مستعدون في المغرب لفتح باب الشفافية الانتخابية بشكل مطلق؟”، وسجل أن “وزارة الداخلية لا تعتمد دائما على مبدأ الشفافية في مشاركة المعطيات، وهو أمر ظهر في تجارب سابقة”، مشددا على أن “هناك حاجة حقيقية لإقناع الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، بمشاركة المعطيات الانتخابية والسوسيولوجية والإحصائية المتوفرة لديها”.
وتطرق الباحث في العلوم السياسية كذلك إلى التحديات التي تطرحها الرقمنة، وأبرزها هشاشة البنية التحتية الرقمية، وذكر أن “الاعتماد المفرط على الخوارزميات والأنظمة الذكية قد يؤدي إلى اختلالات في لحظات حاسمة، مثل يوم الاقتراع أو قبله بقليل، نتيجة أعطال تقنية تطال الأجهزة أو شبكة الإنترنت، مما قد ينعكس سلبا على نزاهة العملية الانتخابية”.
عبد العزيز القراقي، أكاديمي باحث في العلوم السياسية هو الآخر، قال بدوره إن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بات يشمل مختلف مناحي الحياة، موضحا أن من بين أبرز مزاياه في السياق الانتخابي أنه يقلل قدر الإمكان من العلاقات الشخصية التي تتم بين الناس بصفة عامة، مشيرا إلى أن “كثرة هذه العلاقات في مسارات معينة قد تفتح الباب أمام ممارسات مخالفة للقانون”.
وأضاف القراقي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الذكاء الاصطناعي يتيح فرصا متعددة يمكن استثمارها، من بينها كيفية تصويت المغاربة المقيمين في الخارج”، مؤكدا أن “هذه التقنية يمكن أن تُوظَّف لتقريب العمليات، وتحليل المعطيات الانتخابية بدقة وسرعة، خاصة على مستوى النتائج والمؤشرات المختلفة”.
وشدد الأكاديمي المغربي على أن “هذه الثورة التقنية الجديدة قادرة على تحسين جودة المسار الانتخابي ككل، سواء على صعيد فرز النتائج أو فهم الخريطة الانتخابية التي ستفضي إليها صناديق الاقتراع”، مضيفا أنه “لم يَعُد من الممكن لأي مسلسل إداري أو اقتصادي أو سياسي أن يستغني عن هذه الأداة، بالنظر إلى ما تتيحه من فرص كبيرة”.
كما لفت إلى أن “الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُستثمر كذلك في تصحيح اللوائح الانتخابية، وتسجيل الناخبين، ونقل مقرات السكن، وغيرها من العمليات، وهو ما من شأنه أن يُحسِّن جودة العملية الانتخابية ويوفر قيمة مضافة حقيقية”، خاتما بالإشارة إلى أن “التجربة تمت في عدد من الدول وأكدت أنها تحظى بالكثير من الدقة وكانت ثمارها بالفعل فارقة”.