آخر الأخبار

المغرب يسجل التراجع في البطالة .. وخبراء يحذرون من التفاوتات والهشاشة

شارك

كشفت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها الإخبارية الأخيرة حول وضعية سوق الشغل عن تراجع طفيف في معدل البطالة على المستوى الوطني، ليستقر عند 12,8% خلال الفصل الثاني من سنة 2025.

ورغم أن هذا الرقم يحمل في طياته مؤشراً إيجابياً إلا أن قراءة تحليلية للأرقام وتصريحات الخبراء الاقتصاديين ترسم صورة أكثر تعقيداً، وتكشف عن استمرار التحديات البنيوية التي تواجه الاقتصاد المغربي، ولاسيما في ظل تداعيات الجفاف وتفاقم الفوارق بين القطاعات والفئات والجهات.

وفي هذا الصدد قال يوسف كراوي الفيلالي، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، إن “الأرقام الصادرة عن المندوبية تُظهر إحداث 132 ألف منصب شغل مؤدى عنه على الصعيد الوطني، مقابل فقدان 126 ألف منصب غير مؤدى عنه، ما يعكس استمرار تأثير الجفاف على سوق الشغل، خاصة في القطاع الفلاحي”.

وأضاف الفيلالي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “قطاع الفلاحة والغابات والصيد عرف فقدان 108 آلاف منصب شغل، وهو ما يعكس بوضوح الارتباط المباشر بين مناصب الشغل والوضعية الزراعية المتأزمة”، وأشار إلى أن “معدل البطالة على المستوى الوطني عرف تراجعًا طفيفًا، إذ انتقل من 13,2 إلى 12,8 في المئة، كما تراجعت النسبة في الوسط الحضري من 16,7 إلى 16,4 في المئة؛ لكن هذا لا يخفي استمرار أزمة التشغيل، خاصة في المناطق القروية التي مازالت تعاني من تداعيات الجفاف ومن غياب دعم حقيقي للفلاحين الصغار والتعاونيات لتحسين إنتاجيتها”.

وفي ما يخص الشباب أكد الخبير ذاته أن “الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة تبقى الأكثر تضررًا، بمعدل بطالة بلغ 35,8 في المئة، وهو رقم مقلق للغاية”؛ أما على مستوى الشغل الناقص فأوضح أن “عدد الأشخاص في هذه الوضعية ارتفع من مليون و42 ألفًا إلى مليون و147 ألفًا على الصعيد الوطني؛ ففي الوسط الحضري انتقل العدد من 552 ألفًا إلى 635 ألفًا، وفي الوسط القروي من 490 ألفًا إلى 512 ألفًا، أي إن معدل الشغل الناقص ارتفع من 9,6 إلى 10,6 في المئة، ما يعكس هشاشة مناصب الشغل وندرة فرص العمل القار”.

وفي تقييمه لأداء سوق الشغل لفت المتحدث نفسه إلى أن “التحسن الطفيف لا يخفي واقعًا صعبًا، فمقارنة مع الفصل نفسه من سنة 2024 تم إحداث 5000 منصب شغل صافٍ فقط، نتيجة فقدان 107 آلاف منصب في الوسط القروي، مقابل إحداث 113 ألفًا في الوسط الحضري”.

وفي ما يخص حاملي الشهادات أشار الفيلالي إلى أن معدل البطالة استقر تقريبًا في المستوى نفسه، منتقلاً من 19,4 إلى 19 في المئة، فيما سجلت فئة النساء ارتفاعًا مقلقًا من 17,7 إلى 19,9 في المئة.

من جهته اعتبر الخبير الاقتصادي محمد جدري أن “هذا التراجع الطفيف في معدل البطالة، ولو بنسبة 0,3 في المئة، يبقى إيجابيًا، لأنه يدل على بداية منحى تنازلي واستقرار نسبي في المؤشرات”.

وقال جدري: “هناك هدفان أساسيان: الأول هو الوصول إلى أقل من 12 في المئة بنهاية سنة 2025، والثاني هو تقليص البطالة إلى أقل من 9 في المئة بحلول سنة 2030″، وأضاف أن “التراجع في عدد مناصب الشغل في العالم القروي مازال مرتبطًا بقوة بتأثيرات الجفاف، وهو ما يتطلب تحقيق الاستقلالية المائية خلال السنوات المقبلة، في أفق 2026 أو 2027”.

وفي المقابل أكد الخبير ذاته وجود “دينامية حقيقية في بعض القطاعات، مثل البناء والأشغال العمومية، في ارتباط ببرامج دعم السكن والبنية التحتية لكأس إفريقيا والمونديال 2030، إلى جانب قطاع الصناعة، خصوصًا في مجالات صناعة السيارات والطائرات والنسيج والصناعات الكهربائية، وكذلك قطاع السياحة، الذي يشهد انتعاشًا مهمًا ويُساهم في خلق فرص شغل جديدة”.

ومع ذلك شدد المتحدث على “ضرورة التصدي للتفاوتات المجالية”، موردا أن “خمس جهات فقط تُنتج القيمة المضافة بالمغرب، وهي: الدار البيضاء-سطات، الرباط-سلا-القنيطرة، طنجة-تطوان-الحسيمة، فاس-مكناس، ومراكش-آسفي، بينما تظل جهات أخرى تعاني من نسب بطالة تفوق المعدل الوطني”.

وختم جدري تصريحه بالتأكيد على أن “حل هذه الاختلالات يتطلب سياسات حكومية تستهدف قضايا الماء والطاقة والتفاوتات المجالية، بما يضمن مساهمة جميع الجهات في التنمية، ويُعيد التوازن إلى خارطة سوق الشغل الوطني”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل نتنياهو حرب غزة

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا