آخر الأخبار

المملكة المتحدة: الحكم الذاتي بالصحراء أساس واقعي والشراكة تشمل الصحراء

شارك

جددت المملكة المتحدة، عبر وكيل وزارة الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، هاميش فالكونر، دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية كحل للنزاع الإقليمي حول الصحراء، مؤكدة في الوقت ذاته أن “اتفاقية الشراكة البريطانية المغربية تُطبّق بما ينسجم مع الموقف الرسمي البريطاني بشأن هذا الملف”.

جاء ذلك في رد رسمي على سؤالين وجهتهما النائبة عن حزب العمال، كيم جونسون، إلى الحكومة البريطانية بشأن الصحراء، حيث تمحور السؤال الأول حول ما إن كانت الحكومة قد ناقشت مع نظيرتها المغربية تأثير استغلال المياه الجوفية في منطقة الداخلة على الإنتاج الموجه للتصدير، بينما انصب السؤال الثاني على إمكانية إجراء الحكومة محادثات مباشرة مع جبهة البوليساريو بخصوص الاتفاقيات التجارية التي تشمل المنطقة.

وفي معرض رده، أكد وكيل وزارة الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية أن الحكومة لم تُجرِ أية مناقشات بشأن تأثير موارد المياه، لافتا إلى أن “قرارات الاستثمار في الصحراء تُتخذ من قبل الشركات الخاصة، كما هو الحال في أي منطقة أخرى”.

وبخصوص الشق المتعلق بالبوليساريو، أوضح المسؤول ذاته أن المملكة المتحدة تبرم اتفاقياتها التجارية مع الدول ذات السيادة، ووفقا للقانون الدولي، بما يحقق المصالح الاقتصادية الوطنية، مشيرا إلى أن وزارتي الخارجية والأعمال والتجارة تتعاونان بشكل منتظم لدعم المبادلات الاقتصادية في شمال إفريقيا، مع التركيز على فرص الاستثمار التي تخلق قيمة مضافة للاقتصاد البريطاني.

وأضاف أن الحكومة البريطانية تعقد اجتماعات دورية مع ممثلين عن الصحراويين عبر قنوات التواصل المفتوحة بخصوص السياسة البريطانية العامة تجاه المنطقة، مؤكدا في الوقت ذاته أن “هذا التواصل لا يغيّر من الموقف الرسمي الداعم للمسار الأممي”.

كما ذكّر وكيل وزارة الخارجية بتصريح وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، الذي عبّر في يونيو الماضي عن دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي، معتبرا إياها “الأساس الأكثر مصداقية واستدامة وواقعية” للتوصل إلى حل سياسي دائم، في إطار دعم المملكة المتحدة للمسار الذي ترعاه الأمم المتحدة وفقا لميثاقها ومبدأ التوافق بين الأطراف.

استثمار آمن

وقال سعيد بوشاكوك، الباحث المهتم بقضايا التنمية والمجال، إن الأسئلة التي طُرحت داخل البرلمان البريطاني حول الصحراء المغربية تعكس استمرار بعض النخب السياسية في لندن في توظيف هذا الملف ضمن رهاناتها الحزبية بهدف التأثير في مراكز القرار، وصياغة مواقف تنسجم مع توجهاتها الإيديولوجية داخل الخارطة السياسية البريطانية.

وأضاف بوشاكوك، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الموقف البريطاني الجديد، الذي جدد دعمه لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها حلا واقعيا ومستداما، ساهم في تحفيز النقاش السياسي داخل المؤسسات البريطانية بشكل يخدم العلاقات الاستراتيجية الثنائية بين المغرب والمملكة المتحدة، وكرّس، من جهة ثانية، وضوح الموقف الرسمي البريطاني كدولة ذات سيادة في التفاعل مع مقترح الحكم الذاتي في إطار احترام القانون الدولي.

ولفت الانتباه إلى أن الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، التي تشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة، تبرم بين دولتين عضوين في منظمة الأمم المتحدة، ويتم تنفيذها من خلال آليات قانونية ومؤسساتية واضحة، مبرزا أن “فاعلي هذه الشراكات في الأقاليم الجنوبية هم المنتخبون الشرعيون الذين أفرزتهم صناديق الاقتراع في الجماعات الترابية، البرلمان والغرف المهنية، إضافة إلى دورهم في تتبع تنفيذ المشاريع الاستثمارية وتقييم أثرها التنموي محليا”.

وأوضح الخبير السياسي ذاته أن هذه الدينامية الاقتصادية تترجم على أرض الواقع من خلال انخراط رجال أعمال من أصول صحراوية في مشاريع شراكة واستثمار مع فاعلين بريطانيين، في إطار احترام قواعد التعاقد وحرية المبادرة، مضيفا أن ذلك يؤكد واقعا مؤسساتيا لا يترك مجالا لحضور أي طرف آخر خارج الإطار الشرعي، في إشارة إلى جبهة البوليساريو.

وأبرز أن القرار الاقتصادي بات يشكل امتدادا داعما للموقف السياسي، في ظل التحولات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة، مؤكدا أن “الاستقرار السياسي والمبادرات التنموية الملموسة يظلان عاملين رئيسيين في تعزيز جاذبية الاستثمار وتوطيد الشراكات الدولية”.

موقف سيادي

من جهته، سجل محمد الغيث ماء العينين، نائب رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن الردود الأخيرة الصادرة عن وكيل وزارة الخارجية البريطانية، هاميش فالكونر، أمام مجلس العموم البريطاني تؤكد مرة أخرى ثبات الموقف البريطاني تجاه النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وتكرس دعم لندن لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية كحل واقعي، مستدام وذي مصداقية.

وأوضح ماء العينين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن أهمية هذا الموقف لا تقتصر على أبعاده السياسية، بل تشمل أيضا دلالاته القانونية، مضيفا أن “الحكم الذاتي كمبدإ لا يمكن أن يُمنح إلا من قبل دولة ذات سيادة على الإقليم المعني، وهو ما يجعل دعم بريطانيا للمبادرة المغربية بمثابة إقرار عملي بالسيادة المغربية، حتى وإن لم يُعبّر عنه بصيغة رسمية مباشرة”.

وأبرز أن تأكيد المسؤول البريطاني على تطبيق اتفاقية الشراكة بين المملكة المتحدة والمغرب دون تمييز بين الأقاليم، وبما يتوافق مع القانون الدولي، يفهم منه أن الصحراء تدخل ضمن نطاق التعامل التجاري والاقتصادي الطبيعي بين البلدين، دون قيود أو استثناءات، معتبرا أن “هذا الموقف ينسجم مع منطق الاعتراف الواقعي، الذي يعكس نهجا دبلوماسيا بريطانيا تقليديا يقوم على تبني مواقف عملية دون الإلزام بالتعبير اللفظي المباشر”.

وفي هذا الإطار، يرى نائب رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية أن هذا التوجه البريطاني يأتي في سياق دولي أوسع يعرف تزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي من طرف قوى دولية وازنة، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإسبانيا وهولندا، مشيرا إلى أن “هذا التراكم يجعل من المبادرة المغربية مرجعية معتمدة للحل الواقعي الممكن ضمن مسار التسوية السياسية لهذا النزاع الإقليمي”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا