علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع أن عناصر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية أطلقت تحقيقات موسعة بشأن شبهات تبييض أموال عبر “الحسابات الجارية للشركاء” (Comptes courants d’associés) الخاصة بشركات موطنة محليا، تحديدا في الدار البيضاء وطنجة، عقب تلقيها تصريحات بالاشتباه من المديرية العامة للضرائب، في إطار عمليات مراقبة جبائية روتينية استهدفت وحدات أبانت عن معاملات مالية مشبوهة وغير مبررة، موضحة أن المعطيات المحولة إلى الجهاز الرقابي المذكور همت تحويلات مالية ضخمة نحو حسابات هذه الشركات في شكل مساهمات خاصة دون سند اقتصادي واضح، فيما تعمل عناصر الهيئة حاليا على تتبع مسارات التدفقات المالية وتحديد طبيعة الأنشطة المرتبطة بها.
وأفادت المصادر ذاتها بتوقف مراقبي هيئة المعلومات المالية خلال أبحاثهم الجارية عند تنوع في آليات التبييض عبر “الحسابات الجارية للشركاء” في شركات مشتبه فيها، وذلك بعد رصد تضخيم قيمة المبالغ المودعة في حساب شركة تنشط في البناء والأشغال بالدار البيضاء، حيث صرح شريك بإقراضه الشركة مبالغ كبيرة دون أن تستند إلى معاملات تجارية حقيقية، في حين إن تلك الأموال مصدرها ما زال مجهولا يجري التحري عنه من قبل المحققين، مؤكدة أن عمليات غسل الأموال اتخذت صيغة رد ديون وهمية، بعدما عمد مسيرو شركة لخدمات الصيانة وتوزيع قطع غيار السيارات بطنجة إلى رد ديون حساب جار وهمية لشريك، ما عزز الشكوك حول تورط محاسبين وبنكيين في توفير غطاء قانوني زائف لهذا النوع من العمليات.
وأكدت المصادر نفسها كشف معطيات متقاطعة عن استغلال شركات مرتبطة بشبكات مالية في الدار البيضاء لآلية “الحساب الجاري للشركاء” من أجل تبييض أموال مجهولة المصدر، حيث اعتمدت هذه الشبكات على تبادل تدفقات نقدية بين شركات وهمية عبر قروض متقاطعة، بهدف إخفاء المصدر الحقيقي للتمويل، موضحة أن هذه المبالغ أدرجت تحت غطاء مساهمات وقروض من الشركاء، ما عزز الشبهات بشأن طبيعتها ومصدرها، مشددة على تتبع مراقبي هيئة المعلومات المالية تحويلات مالية من شركات وهمية بالخارج إلى “حسابات الشركاء” بشركات في المغرب، ما سمح بإدخال هذه الأموال في الدورة الاقتصادية قبل أن تدخل مديرية الضرائب على خط تصريحات بالاشتباه إلى الهيئة.
ويعد “الحساب الجاري للشركاء” في الشركات وسيلة لتسجيل المعاملات المالية بين الشركة وشركائها، كإقراض الشريك للشركة أو سحب الأموال، فيما تخضع الفوائد المدفوعة على هذه الحسابات لاقتطاع من المصدر بنسبة 20 في المائة إذا كان الشريك شخصا طبيعيا؛ ذلك أنه حسب المادة 10 من المدونة العامة للضرائب، لا تقبل الفوائد كنفقات جبائية إذا تجاوزت حدود الفائدة القانونية، علما أن هذه الحسابات أصبحت محل مراقبة من قبل الإدارة الجبائية، خاصة بعد اكتشاف حالات استغلالها في إدخال أموال مجهولة المصدر.
وكشفت مصادر هسبريس عن تدقيق مراقبي الهيئة الوطنية للمعلومات المالية في وثائق ومستندات شركة للإنعاش العقارية تلقت مبلغا ماليا مهما في شكل مساهمة في الحساب الجاري من أحد شركائها، قبل أن تقوم بتحويل هذا المبلغ إلى شركة يملكها أحد المقربين، التي عمدت بدورها إلى تحويل الأموال إلى كيان ثالث، أعادها لاحقا إلى الشريك على أنها “مبالغ مستردة”، مؤكدة أن عمليات التدقيق على الورق أكدت استمرار هذه التحويلات تحت غطاء تدفقات تجارية مشروعة طيلة ثلاث سنوات متتالية.