في خضم الجدل المتصاعد على وسائل التواصل الاجتماعي حول ما يُروَّج بشأن تسبب البطيخ الأحمر في حالات تسمم غذائي خرج المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) عن صمته، مقدماً معطيات مفصلة تُفنّد هذه الادعاءات وتكشف عن منظومة صارمة تحكم استخدام المبيدات الزراعية في زراعة البطيخ بالمغرب.
التوضيحات الرسمية التي توصلت بها هسبريس من المكتب تؤكد أن هذا القطاع يخضع لمراقبة دقيقة، تشمل مراحل الترخيص، والاستعمال، والتحليل المخبري، والتتبع ما بعد التسويق، فضلاً عن المراقبة الصارمة لبقايا المبيدات على مستوى السوقين المحلي والدولي.
وقال مصدر من المكتب إن المغرب يتوفر على منظومة رقابية صارمة تحكم استعمال المنتجات الفلاحية ذات المخاطر، وتضع حماية صحة المستهلك في صلب أولوياتها.
وحسب التوضيحات يخضع تسويق واستعمال المبيدات المخصصة للبطيخ لإجراءات تقييم علمية دقيقة قبل الترخيص، تشمل معطيات سمّية، وبيئية، وتحاليل كيميائية وبيولوجية تهدف إلى ضمان فعالية المنتج وسلامته.
ويُسمح فقط للشركات المعتمدة من طرف “أونسا” بتقديم طلبات المصادقة، فيما تحدد قرارات الترخيص الجرعات المسموح بها، والمدة الفاصلة قبل الحصاد، وعدد المعالجات المسموح بها لضمان احترام الحدود القصوى لبقايا المبيدات (LMR) على البطيخ.
وأكد المتحدث ذاته أن التحاليل المخبرية تُجرى في شبكة مكونة من 4 مختبرات تابعة لـONSSA و5 مختبرات خاصة معتمدة، جميعها حاصلة على اعتماد NM ISO/CEI 17025، وتستعمل تقنيات دقيقة مثل LC-MS/MS وHPLC وGC-MS لضمان دقة النتائج.
وأشار المصدر ذاته إلى أن المغرب يتوفر على نظام تتبع لما بعد الترخيص، يتيح مراقبة المستجدات العلمية وسحب المواد الفعالة التي لم تعد تستوفي معايير السلامة، مفيدا بأنه منذ 2018 تم سحب 63 مادة فعالة، ما أدى إلى إلغاء 411 منتجًا تجاريًا، مع تقييد استخدام 13 مادة أخرى.
وفي الإطار نفسه يؤكد المتحدث أن “أونسا” تراقب بشكل سنوي موزعي المبيدات المرخص لهم؛ وفي حال ثبوت مخالفات يتم اتخاذ إجراءات رادعة تشمل الإنذارات، والسحب من لوائح الموزعين المرخصين، وتجميد التراخيص.
ويشمل برنامج المكتب الوطني للمراقبة سلاسل الإنتاج والتوزيع، إذ يتم أخذ عينات من الضيعات، والأسواق، ومحطات التلفيف لتحليلها. وفي حالة رصد مخالفة تُسحب المنتجات فورًا من السوق وتُتلف بدعم من السلطات، مع توجيه إنذارات وإجراءات في حق المنتجين والموزعين.
وقال مصدر هسبريس إنه منذ بداية 2025 تم تحرير 106 محاضر، وإتلاف أزيد من 3,300 كلغ من الفواكه والخضر؛ كما ارتفع عدد العينات المحللة من 710 في 2018 إلى أكثر من 5,700 في 2024، مع هدف يتجاوز 6,000 عينة في 2025.
ويشير المتحدث إلى أن المراقبة لا تقتصر على الإنتاج المحلي فقط، بل تشمل أيضًا المنتجات المستوردة، إذ يتم فحص كل شحنة زراعية للتأكد من مطابقتها للمعايير؛ وتم بالفعل رفض 414 طنًا من المنتجات الزراعية المستوردة منذ بداية 2025 بسبب عدم مطابقتها، مؤكدا أن البطيخ المغربي الموجه للتصدير يخضع للصرامة نفسها، ما يُترجم إلى إشادة دولية؛ فمنذ مطلع 2025 لم يُسجَّل أي إخطار يتعلق بالبطيخ المغربي المصدَّر. ومن أصل 503 إشعارات أطلقها نظام RASFF الأوروبي، لم تُسجل سوى 6 حالات فقط تهم المغرب، أي أقل من 1%، ما يؤكد المستوى العالي لمطابقة المنتجات المغربية للمعايير الصحية الدولية.