آخر الأخبار

المغرب يتصدى لتهريب التراث الثقافي .. الجمارك والأمن في جبهة واحدة

شارك

في ظل التنامي المستمر لظاهرة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، والتي باتت تُوظف في تمويل شبكات الجريمة المنظمة والإرهاب، يواصل المغرب توطيد مقاربته الشاملة في حماية تراثه الرمزي، عبر أدوات تشريعية وتقنية وأمنية متقدمة، تتكامل فيها الأدوار بين المؤسسات المعنية، وعلى رأسها إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، والمديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني.

عبد اللطيف العمراني، المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، أكد أن الأخيرة “لا تكتفي بالوسائل التقليدية المتعارف عليها” في مراقبة “حركة الممتلكات الثقافية عبر الحدود”، بل تعتمد أيضا على آليات، منها “تقنيات تحليل البيانات لرصد الشحنات التي تقدم مخاطر”، مفيدا بأن “هذه التقنيات ستعزز في القريب المنظور بتوظيف الذكاء الاصطناعي”.

ولفت العمراني، الاثنين في كلمة له ضمن الجلسة الافتتاحية لأشغال المؤتمر الدولي حول “دور هيئات الجمارك في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية”، الذي قصّ شريطه اليوم بمقر “الإيسيسكو” بالرباط، إلى أن ضمن الآليات المذكورة أيضا “المسح الضوئي ثلاثي الأبعاد”، و”ما يتيحه التعاون مع هيئات دولية مثل أنتربول واليونسكو من فرص تحسين وتقوية القدرات التدبيرية في مجال الحماية”.

ولم يفت المسؤول المغربي، الذي أكدّ أن المؤتمر سيكون مناسبة للوقوف على “الجوانب التفصيلية والتقنية” لعمل إدارة الجمارك في الدفاع عن الممتلكات الثقافية، أن يؤكد أنها تقوم بأدوار “عملياتية” و”إستراتيجية” في الخطوط الأمامية على هذا الصعيد.

أدوار متعددة

تشمل الأدوار المذكورة “الرقابة الصارمة على حركة الممتلكات الثقافية عبر الحدود”، و”الانخراط في مبادرات التعاون الإقليمي والدولي الرامية إلى استرداد الممتلكات المنهوبة”، و”تعقب وكشف وتفكيك الشبكات المتورطة في هذا النوع من الجرائم”. كما تعمل إدارة الضرائب في المغرب، في هذا الجانب، على “ترتيب الجزاءات القانونية لتحقيق الردعين العام والخاص”، و”الإشراف والرقابة على قطاعات ذات صلة بالثقافة والتحف الفنية”، وفق المتحدث ذاته.

مصدر الصورة

وأورد العمراني أن الإدارة “تباشر هذه المهام بإنفاذ التشريعات الوطنية في ارتباطها بالالتزامات الدولية للمغرب، ومنها: اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن التدابير الواجبة لمنع استيراد وتصدير الممتلكات الثقافية، واتفاقية اليونيدروا المتعلقة بإعادة الممتلكات الثقافية المسروقة والمصدرة بطرق غير مشروعة”.

وشدد المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة على أن “مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية تُشكّل محورا أساسيا لانشغالات إدارة الجمارك، لأنها فاعل أساسي في نقط عبور الممتلكات على مستوى الحدود ومستويات أخرى للمراقبة الجمركية، وهيئة من هيئات الإشراف والمراقبة على القطاع في ظل قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب”.

ونبّه المسؤول ذاته إلى “تعاظم أمانة صيانة هذه الممتلكات (الثقافية)، بعدما أضحت هدفا لشبكات إجرامية محلية وأخرى عابرة للحدود، تستغلها كوسيلة للاغتناء غير المشروع على حساب الإنسانية وتراثها”، وحذّر: “الأخطر أنها تجد وسيلة للتخفي في تمويل الإرهاب وغسيل الأموال في ارتباطها بجرائم أصلية”.

“الأمن” والتراث

إلى ذلك أكد جمال لكريمات، المراقب العام بالمديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، إيمان المديرية بأن “حماية التراث الثقافي مسؤولية أمنية بقدر ما هي حضارية، إذ لا يمكن الفصل بين أمن الشعوب وحفظ ذاكرتها”، لافتا إلى أن “أي اعتداء على التراث الثقافي، بالتهريب أو التزوير أو التخريب، هو انتهاك صريح لحق الإنسان في الثقافة والانتماء والتاريخ”.

مصدر الصورة

واستحضر لكريمات، في كلمته باسم المديرية، تمكن مصالح الشرطة المغربية من استرجاع لوحة فنية إيطالية ذات قيمة “تاريخية كبيرة” للفنان الإيطالي جيوفاني فرانسيسكو باربيري، الملقّب بـ”غورتشينو”، هرّبت سرا من كاتدرائية إيطالية إلى المغرب، مع توقيف المتورطين، إلى جانب استعادتها هيكل ديناصور نادر من أصل مغربي (فصيلة زارا فازور)، تمّ تهريبه وعرضه للبيع بإحدى صالات المزاد بباريس.

ووضّح المسؤول الأمني الرفيع أن “هذين القضيتين وغيرهما تُبرزان خطورة تزوير الموروث الثقافي؛ ليس فقط كجريمة احتيال بل كتهديد للبحث العلمي، وتشويش على الحقائق التاريخية، وعبث بذاكرة الشعوب”، عادا أن “هذا ما يؤكد أن العمل الأمني لم يعد مقتصرا على مكافحة الجريمة التقليدية، بل أصبح يشمل الدفاع عن التراث والذاكرة الجماعية”.

واعتبارا لذلك شدد المتحدث على “ضرورة تقوية التعاون بين الأجهزة الأمنية والجمركية والمؤسسات الثقافية والتنسيق الدائم، وتقاسم الخبرات والمعلومات”، مُجددا “استعداد المديرية لتعزيز التعاون مع كافة الشركاء، والتزامها بدعم كل المبادرات الرامية إلى تجفيف منابع الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية”.

التزامات تتجددّ

تعهّد المسؤول الأمني ذاته بـ”المساهمة الفاعلة (للمديرية) أكثر وأكثر في أي جهد جماعي يروم حماية تراث الإنسانية؛ انطلاقاً من رؤية أمنية شمولية تدمج الأبعاد الثقافية والحقوقية في العمل الشرطي”.

مصدر الصورة

وأكدّ لكريمات أن المديرية العامة للأمن الوطني “ستواصل المشاركة بفعالية في العمليات الدولية لرصد واسترداد القطع المنهوبة، ولاسيما من خلال المنظمة الدولية للشرطة الجنائية إنتربول، عبر المساهمة في عملياتها النوعية مثل Pandora وAthena واستخدام قاعدة بياناتها الخاصة بالممتلكات الثقافية المسروقة، التي تتيح التحقق الفوري من القطع الأثرية المشبوهة”.

كما التزم المسؤول ذاته بمواصلة المؤسسة الأمنية ذاتها “المشاركة في الجهود الجماعية عبر مجلس وزراء الداخلية العرب الذي يعد إطارا إقليميا فاعلا، حيث ساهم في اعتماد إستراتيجيات موحدة لمكافحة الاتجار بالتراث، وإصدار أدلة إجرائية نموذجية، وتنفيذ برامج تكوين مشترك للضباط المتخصصين”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا