تصدرت جريدة هسبريس الإلكترونية المشهد الرقمي، بتصنيفها كأكثر مصادر الأخبار موثوقية بالنسبة إلى المغاربة، بعدما أعرب 62 في المائة من المستجوبين عن ثقتهم فيها؛ فيما شدد تقرير الأخبار الرقمية لسنة 2025، الصادر عن معهد “رويترز” لدراسة الصحافة (Reuters Institute for the Study of Journalism)، على تزايد توجه المغاربة نحو المنصات الرقمية للحصول على الأخبار، حيث يعتمد 49 في المائة منهم على “يوتيوب” و24 في المائة على “تيك توك” كمصادر إخبارية أسبوعية؛ وهو ما يفوق بكثير الاعتماد على الصحف الورقية أو القنوات التلفزيونية التقليدية، ويضع المغرب ضمن أكبر مستهلكي الأخبار عبر هذه المنصات على الصعيد العالمي، إلى جانب دول مثل تايلاند ونيجيريا.
ورسخ التقرير، الذي ارتكز على أجوبة 100 ألف شخص من 48 بلدا، صدارة جريدة هسبريس الإلكترونية في تصنيف الرواج الأسبوعي الرقمي بالمغرب، حيث بلغت نسبة الوصول إلى محتوى المنصة الرقمية الإخبارية 45 في المائة أسبوعيا، بوتيرة استخدام بلغت ثلاثة أيام على الأقل في الأسبوع الواحد، متقدمة بشكل كبير على منافسين محليين من حجم الموقع الإلكتروني للقناة الثانية 2M، الذي استقرت نسبة ولوجه الأسبوعية عند 28 في المائة، ودوليين على غرار موقع الجزيرة الإخباري بنسبة 25 في المائة.
وتناول تقرير معهد “رويترز” لدراسة الصحافة، وهو مركز أبحاث وخلية تفكير تابع لجامعة أوكسفورد ومقره بالمملكة المتحدة، استمرار “التحولات الكبرى” في كيفية استهلاك الجمهور للأخبار، حيث التراجع مستمر للمصادر التقليدية للخبر مقابل تنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو.
وأوضح التقرير الدولي أن هذا الوضع رافقه تراجع في الاهتمام بالصحف والتلفزيون وحتى المواقع الإخبارية التقليدية، حيث تأثرت الصحافة الرقمية في المغرب نسبيا، رغم احتفاظها بجمهور كبير، لتصبح اليوم أمام منافسة جديدة متمثلة في صانعي المحتوى على الشبكات الاجتماعية الذين ينظر إليهم على أنهم أكثر تفاعلا وسهولة في الوصول ويتماشون بشكل أفضل مع الاستخدام عبر الهواتف المحمولة.
وأورد المصدر ذاته أن جريدة هسبريس الإلكترونية حافظت على ثقة المتلقي المغربي في المشهد الإعلامي الرقمي، إلى جانب قنوات القطب العمومي 2M وmedi1 tv و Al Aoulaفي المجال التلفزيوني، محذرا من أن التحول في نمط استهلاك الأخبار بالمملكة لا يخلو من المخاطر، مشيرا إلى أن 47 في المائة من المغاربة يعتبرون المؤثرين هم المصدر الأول للمعلومات المضللة، يليهم السياسيون؛ ما أثار تساؤلات جوهرية حول موثوقية المحتوى، والدور الذي يمكن أن يلعبه الإعلام الرقمي في استعادة ثقة الجمهور، من خلال اعتماد صيغ إعلامية جديدة ومناسبة للشباب، على رأسها الفيديوهات القصيرة و”البودكاست”.
أظهر تقرير الأخبار الرقمية لسنة 2025 اعتماد المغاربة بنسبة 83 في المائة عموما على الهاتف المحمول كمصدر للخبر، ثم بنسبة 65 في المائة على الحاسوب، مقابل 12 في المائة على الجرائد الورقية، ونسبة 42 في المائة على التلفاز، وكذا بنسبة 26 في المائة عل الراديو.
وسجل التقرير ذاته استعمال روبوتات المحادثة (Chatbots) كمصدر للأخبار من قبل الفئات الشابة؛ ذلك أنه رغم استخدام 7 في المائة فقط من الناس هذه الأدوات أسبوعيا، فإن النسبة وصلت إلى 15 في المائة بين من تقل أعمارهم عن 25 سنة.
وشددت هذه الوثيقة على أن هذا التوجه يفرض على الإعلام المغربي التفكير في كيفية دمج أدوات الذكاء الاصطناعي؛ مثل الترجمة الفورية، والتلخيص، وخدمة الاستفسار عن الأخبار، دون المساس بمصداقية المادة الإخبارية.
وأشارت بيانات التقرير الجديد إلى أن 75 في المائة من الناس يشاهدون محتوى فيديو إخباري أسبوعيا، وهي نسبة مرتفعة في المغرب بالنظر إلى الانتشار الواسع للـ”يوتيوب”؛ فيما يفضل 55 في المائة من الأشخاص عالميا قراءة الأخبار، مقابل 31 في المائة يفضلون المشاهدة، و15 في المائة اختاروا الاستماع.
وأكد التقرير أن الشباب يتجهون أكثر نحو المشاهدة أو الاستماع؛ ما يستدعي من المؤسسات الإعلامية إعادة النظر في توزيع مواردها بين النصوص والفيديوهات و”البودكاست”.
سجل التقرير الصادر عن معهد “رويترز” للصحافة تطورا ملحوظا في المشهد الإعلامي المغربي بعد الإفراج عن ثلاثة صحافيين، هم عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين، بموجب عفو ملكي في يوليوز 2024.
وأوضح أن هذا الحدث أعاد الأمل في إمكانية انفتاح إعلامي أوسع، رغم أن وضعهم القانوني لا يزال غير واضح ويقيّد عودتهم الكاملة إلى العمل، مشيرا في المقابل إلى بروز بوعشرين بإطلاق برنامج سياسي تحت عنوان “كلام في السياسة” (Talk on Politics)، على منصة “يوتيوب”، يدعو فيه إلى إصلاحات جذرية، مشددا على أن هذا التحول يعكس اعتمادا متزايدا على المنصات الرقمية للتعبير الحر.